هل يكون فوز اردوغان على حساب السلم و الامن الاجتماعي ؟
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4974 - #03-11-2015# - 10:34
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
هل من المعقول ان تكون الديموقراطية هكذا، خلال خمسة اشهر و دون ان تكون هناك حكومة جديدة ليمكن الشعب من تقيم عملها و يدلي برايها حوله، و تتغير الاراء بالملايين، فهل من حيل شرعية تجيز حقيقة هذه الديموقراطية و تثبت جوهرها، اليس التغيير في الاراء و المواقف يجب ان تبنى على افعال و متغيرات و مسيرة عمل و الالتزام بالعهود المقطوعة او النكوث بها، ما الذي غير راي المصوت التركي خلال مدة قصيرة بهذا الحجم الفاضح . لابد لنا من القياس وفق المقاس او بعبارة اخرى لابد من تقيم الديموقراطية التركية الغريبة بمقياس تركي و ليس عالمي .
ماطل اردوغان و راوغ منذ اعلان نتيجة الانتخابات السابقة، و عرف الناخب التركي و كيف يؤثر عليه بين ليلة و ضحاها و ان استثنينا ما اقدم عليه في هذه الانتخابات من الخروقات التي لا يمكن ان نقول عنها الا تركية صرفة لا يمكن ان تكون ولو نسبة صغيرة جدا منها موجودة في الدول المتقدمة( لا نتكلم عن الشرق و ديموقراطيته) . اركتبت القوات الحكومية افضع الجرائم بحق مؤيدي و ناخبي الحزب الشعوب الديموقراطي و ركزت الاجهزة الحكومية التي تعمل تحت امرة السلطان ما سمح لها ضد هذا الحزب، لكونه مسبب ابتعاد حزب العدالة و التنمية عن الانفراد في الحكم و ابعده عن تشكيل الحكومة بمفرده كما اشتهى اردوغان لاهداف خاصة و اصبح شغله الشاغل . لقد اعتقل اكثر من خمس مئة من كوادر و نشطاء هذا الحزب و حرق و اعتدى على مئات من مقراته في وضح النهار دون ان يرجف له جفن من جهة، و افتعل حربا ضروسا و اعلن حالة الطواريء في معاقل حزب الشعوب في كوردستان الشمالية، من اجل تغيير راي المصوتين، و انه لم ينجح في الكثير منها، بل التغييرات المفاجئة جاءت على جساب حزب القومي المتطرف نتيجة خلافات داخلية فيه او تعامله غير الصحيح مع المرحلة، اضافة الى ما اثر من التخويف على انصار حزب الشعوب وتوجيه انظارهم مصالحهم الخاصة و استغلالهم من قبل السلطة و تشويش افكارهم وتعلقهم بالشؤن الخاصة و ما يؤمنون به من العرف و العادات التي اتجه اليها اردوغان في المناطق الكوردية لكسب ودهم او الضغط عليهم . المشكوك في الانفجارات الاخيرة هو السلطة بشكل مباشر، او تخويل داعش او السماح له بشكل غير مباشر لاي عمل لما يقع في خدمة السلطة، او يزيد من توجيه و خوف الناس من الاتي لو لم تُحسم الانتخابات لصالحه ، و راحت ضحية تلك الاعتدائات المئات من الابرياء، ناهيك عن الخروقات و الاعتدائات على الصحف الحرة و المعارضة ، اي افتعل اردوغان ما اشبه باجواء الحرب و ادخل الخوف والرعب في قلوب الناس و اشتد تركيزهم على ما يحدث عند تكرار النتائج، و ما اطلقه من الترويجات بانه في حال لم تُحسم هذه الانتخابات لصالح تفرد اردوغان وحزبه ستُعاد الانتخابات لمرات اخرى، مما زرع الفزع في اذهان الناخبين من اطالة الامر، و شكل هذا مللا و اثر على ارادتهم، و انتصر في تخويفهم مما فضلوا العيش الامن كما اعتقدوا الاتي من تفرد اردوغان على التهديدات و الوضع القلق غير المستقر في حالة تكرار سيناريو الانتاخبات المتتالية من جهة . من جهة اخرى ركز اردوغان على الشؤون الاقليمية و داعش و اللاجئين و زيارة ميركل و ما اضافت الى رصيده على حساب الديموقراطية الحقيقية، و ما افتعله اردوغان من قضية اللاجئين و فتحه ابواب الحدود لهم متقصدا في اثارة الضجة المعروفة لامور داخلية تركية بحتة يهمه في هذه الاونة فقط .
السؤال الهام هو؛ هل يتمكن اردوغان الحفاظ على السلم و الامن الاجتماعي فيما يبني امارته على هذا الاساس الهش و الاعمدة المبنية من الحيل و الافعال المشبوهة التي اقدم عليها، مما اثر بها على راي الناخب و تخويفه و سلب حريته، فكيف يكون بنيانه على هذا الاساس بعد الانتخابات، و هل يحقق مرامه باكمل وجه ام يغص اكثر في بحر ظلماته و ما بناه بهذا الشكل .
ان ما يقوم به اردوغان بعد الانتخابات مباشرة من قصف معاقل حزب العمال الكوردستاني و المدنيين في قنديل ليس بشيء الا انه يريد ان يرسل بلاغ للمعنيين بانه ليس بغافل عما يجري و يستمر على فعلته و هو استراتيجيته المستقبلية في التعامل مع هذه القضية من جهة . وانه يريد ان يخفف عن وضعه الداخلي و ما يجري في كوردستان الشمالية الان من الهيجان و الاحتكاكات و يريد توجيه الانظار لما يحصل هناك من جهة ثانية .
اما ما ينتظر اردوغان في المستقبل القريب هو تورطه في سوريا اكثر كما تدلنا كل المؤشرات نتيجة ما يهمه من وجود قدم مؤثر له هناك، و هذا ما يزيد تعقيد امره داخليا اكثر، اي و كما توضح لنا المؤشرات ان ما يجري في سوريا لن يكون لصالحه بعد تدخل روسيا، فانه ربما يضغط من جهة المحور الاخر و هو ضعيف فيه ايضا، و لكنه يريد التقارب معه في هذه الاونة بعد ان انهى مهمته داخليا، و هذا ما يشغله اكثر و يؤثر على اقتصاده المنهار اصلا و يزيد تعلقه في عقدة الازمة الاقتصادية على المدى البعيد، و لن يكون التفرد لصالح التامين الاقتصادي ايضا، و لن يستطيع ان ينهض باقتصاده المتدهورفي الفترة الاخيرة، و ان استمر في معاداة الحزب العمال الكوردستاني و اجبره على المقاومة و اعلان الحرب خلال الربيع القادم فانه يتعلق بالوحل اكثر و يدخل اقتصاده في الازمات و المازق اكثر، الى ان يوصله الى الحضيض، و مما يزيد من هذا الاحتمال هو غرور اردوغان من فوزه في هذه الانتخبات و اقدامه الى ما يعلق به راسه في الفخ سياسيا كان ام اقتصاديا و الايام و الاشهر التالية ستوضح لنا هذا الامر جليا .
الا انه من جانب اخر، لو تعقل اردوغان و تامل و تمعن جيدا دون السطحية و الشطحات المعروفة عنه، انه يمكن ان يقدم على سياسة عقلانية و هو متفرد في السلطة، و يمكنه ان يثبت قواعده واعمدة حكمه و يحقق اهدافه بشكل سليم، لو تعامل مع القضايا الداخلية بعقلانية و انسانية و سياسة ايجابية كاملة، و خطى خطوات في مسار الحلول السلمية فما يخص القضية الكوردية، و سياساته الاقليمية و بالاخص سوريا و ما يجري فيها، اضافة الى تعامله و علاقاته مع العراق و كوردستان الجنوبية و ايران من جهة اخرى، و ان خطى خطوات ديموقراطية مطلوبة منه للتقرب من عتبة الاتحاد الاوربي، و هذا ما يستفيد منه داخليا، اضافة الى ما يهدفه استراتيجيا من دخول الاتحاد الاوربي . فيتوقف مستقبل بلاده و اهدافه الخاصة على خطواته الصحيحة الصادقة، ولكنه استهلها شرا بعد انتهاء الانتخابات مباشرة بقصفه لجبال قنديل و المدنيين فيها، دون ان يتانى و يفكر مليا في الخطوات المفروض ان يخطوها في المرحلة المقبلة . اي ان فوزه سيقع عليه ان استمر على عقليته السابقة وا لانية و سيقضي على السلم و الامن الاجتماعي و اقتصاده اكثر ، اما بتعقله سوف يوجه بلاده الى شاطيء الامان و يحقق اهدافه الحزبية والشخصية و ينقل بتركيا بخطوة اخرى قريبة من الاتحاد الاوربي.[1]