لم يبدع حتى الفطاحل في الشرق الاوسط !
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4952 -#11-10-2015# - 16:01
المحور: المجتمع المدني
لا يمكن انكار وجود العقول الكبيرة الممتلئة و الغزيرة بالعلم في منطقتنا، و لا يمكن ان نضع الوضع السياسي و الدكتاتوريات المنتشرة المسيطرة، و الواقع الاقتصادي الاجتماعي الخاص كاهم الاسباب المحصورة المؤثرة في عدم تطور العقل الشرقي و بروزه و ابداعه في اي مجال او اختصاص كان في هذا العصر .
لقد مررنا بمراحل كان العقل الشرقي حرا و الظروف اتاحت امامه الانتاج في كافة المواضيع التي تخص الانسان و مجتمعه و ما يعيش . و لكن تخلفه عن ركب الاخرين جاء لاسباب و عوامل ذاتية عديدة عدا ما ذكرته من قبل، و منها التي اريد ان اقصر الكلام عنه هنا هو الغريزة المكبوتة و دورها في منع الابداع و تسببه في التخلف في هذه المنطقة بالذات .
لو اعدنا النظر في تاريخ هذه المنطقة لعرفنا بان الحرية الكبيرة لما يخص حياة الانسان كانت افضل من قبل من حيث المساحة و التوفر في ما يخص ما يمس جوانبه الغريزية و العقلانية و الفكرية و اوجدت من خلال التفسيرات و التعقيدات نوافذ عديدة لاشباع الغرائز من نوافذ اسموها شرعية . اي لم تكن هناك ما يضغط على الفرد من حيث ضغوطات غرائزهم بالشكل الموجود و التعقيدات التي حصلت عليه بعد تدخل مصالح المجتهدين و صراعاتهم . فالدين لم يكن ممتنعا عن اشباع الفرد بوسائل و تشريعات سهلة ممكنة التحقيق ولم تكن امامها قوانين و اعراف معقدة ضاغطة مانعة بشكل مطلق كما اوصلوها الى مانحن موجودون من الحال بالقيود المصطنعة جراء العادات و التقاليد و المتاهات و التشويهات التي احدثوها في مسار الحياة بطريق الدين و افرزاته و تداعياته و طقوسه و بعض من شعيرته .
من اية ناحية غريزية انسانية ندخل نجد انها تعقدت بمرور الزمن؛ الغذاء و الشراب لم يصل الى حد منع اي نوع مما يشتهيه الانسان بهذا الشكل و ما يرافق التوصيات على منعه من العقوبات و التخويف بحيث وضع القيود على العقول في التجرا على التمتع الاجسام بها وبه يمكن حصول الارتخاء العقلي كعامل هام للابداع كما هو المعروف . اما الجنس و ما رافقه و كانه جرم او ذنب للفرد الذي يمتلكه وريثيا دون ان يكون له اليد فيه، تعقد الامر من خلال انتشار الدين و دخل زاوية و كانه جريمة و ليس غريزة طبيعية نشات من خلال التكوين الجسمي للاحياء كافة و منهم الانسان، و الاعقد ما في الانسان مما وصلت اليه الحال، و في بعض الاماكن و كانه جريمة ترتكب من قبل من يستجيب لغريزته، و ان كان وفق التشريعات و الطقوس المتبعة و يتبع باكبر سرية و لا يمكن حتى الافصاح عنه باي شكل كان . هذا ناهيك عن ما يريح النفس و ما يهم الصحة النفسية و الجسمية من السفر و الترحال و توفر المستلزمات سواء نتيجة بعض قيود الافكار و العقائد او عدم توفر الامكانية المادية لاجراء اللازم و تحقيق ما يهم النفس من تلك الغرائز البسيطة التي لا تضر باحد لو تعمقنا في جوهرها لا بل الاستجابة لها تضمن الصحة و السلامة الجسمية و العقلية و النفسية .
طالما كانت الغرائز المتنفذة المسيطرة على فكر و عقلية الانسان و عدم توفرها بالشكل الذي يسمح ان يلتفت الفرد الى امور عقلانية غير مسيرة، فان خطوات التقدم العقلاني لم توجد متوفرة امام حتى العاقل الغريز المعلومات و الفطحل كما يعرف في هذه المنطقة . لذلك نجد العقلاء و المفكرين و الجهابذة والفطاحل اكثر عرضة للجنون في منطقة الشرق الاوسط، لخلط بين الانعزال العقلاني و ضغوطات الغرائز التي تجبر العقل على التفكير في امور يمكن ان يتناقض فيها العقل مع الغريزة، نتيجة عراقيل المجتمع و موانع الساحة الاجتماعية التي اسسها التاريخ و الطور الاجتماعي خلال العصور و التي يعيش في ثناياها العالم او المفكر الشرقي .
ان الظروف الصعبة المعرقلة للحياة الطبيعية في المراحل التاريخية الغابرة، فرضت العديد من السمات التي تعتبر خير و محفز امام من يريد الابداع و منها الزهد و الامتناع على التمتع بالشهوات وا لغرائز، و عن هذا الذي يعتبر خداع للذات، تمكن البعض من النفوذ من الموانع الطبيعية الغريزية التي اختلطت بالموانع الاجتماعية، و ربما ابدع البعض في شان ما لفترة ما و لكن دون جدوى في التواصل و الاستمرارية في المسيرة . طالما كان الكبت المختلف الانواع،و منها الجنسي و حتى الشهواني المتعدد الشكل و الغرض، فان دوافع الابداع لها لا يمكن ان ينجح في دفع الفرد نحو الامام ولا يمكن ان نتوقع ان ينتج ماهو المفيد للانسانية . و لو قيٌمنا ما كان عليه العلماء الاسبقين من هذه المنطقة من المجتمعات و سماته في عصورهم، لبيٌنا ان التخلف الذي حصل في كافة الاطر الخاصة في الوضع الاجتماعي، وهذا قد واكب معه التخلف الفكري العقلاني العلمي الفلسفي، و طالما تعقدت ظروف معيشة الانسان و عاش بين مجموعة من الاغلال و المكبلات لاصبح محصورا في مساحة صغيرة من التفكير و يمتنع ذاتيا من الخروج منها و بالتالي لا يمكنه الابداع في اي مجال يهمه . فهل الطاقة التي يمتكلها الشباب، ان كانت تُدار و تستثمر في مكانها الصحيح ويُمنع عن اشباع الغريزة الطافحة له و هو وسط مجالات عدة مكبوتة و ممنوعة عن اداء ما تريده و تلهث به و تدفعه الغريزة اليه . و انت تطلب منه الابداع في تخصصه و هو مشغول مربوط بغرائزه المخلتفة . ان اول عامل لما يوفر الطريق امام نجاح الشاب و الانسان بشكل عام الى الابداع هو اشباع غرائزه و عدم منعه باي طرق كان ديني او اجتماعي، و هذا ما اتجه و نفذه الغرب و يسير عليه في وضعه الاجتماعي منذ عصر النهضة، و لم يمنع عن شعبه ما يضم من الغرائز الطبيعية و ما تتطلبه و تدفعه اليه، و هذا هو العامل الموضوعي الاساسي القوي في تخلف العقل الفرد الشرقي و امتناعه عن الابداع في اي مجال كان . و اول الاسباب في هذا الكبت الغريزي هو العامل الديني و الطقوس و العراقيل و الضوابط و المصالح المختلفة للمسيطرين على مسيرة الوضع الاجتماعي في الشرق بشكل عام.[1]