فرط العمالة والخيانة
خالد عمر
دخلت سوريا مرحلة الفوضى كونها جزءاً من الشرق الأوسط الداخل بمجمله في الفوضى الحتمية التي هي نتيجة طبيعية للواقع المفروض عليه من قبل قوى الهيمنة العالمية، وكانعكاس وجواب يلبي متطلبات استمرار الحداثة الرأسمالية وتحقق الربح الأعظمي لتلك القوى ( الدول ), ولن ينجو من تبعات هذه الفوضى سوى المجتمعات والشعوب التي تمتلك الطليعة القادرة على ريادة هذه الشعوب وتنظيمها في مثل هذه المراحل المفصلية في تاريخها, هذه الطليعة التي قرأت التاريخ كما ينبغي واستشفت المستقبل بجميع مضموناته واشتغلت على هذا الأساس.
لقد كان من قبيل الهدية الإلهية أن يكون للكرد في روج آفا تلك الطليعة التي استطاعت أن تنجيهم من المجازر والإبادة وتدمير المدن والبلدات على رؤوس ساكنيها، على غرار ما حصل ويحصل في الكثير من المناطق السورية ومثال حلب وبالأخص في هذه الأيام ماثلٌ أمام العيان, فالحالة التقليدية أن الشعب السوري كان أمام خيارين عند بداية الأزمة, فإما الاصطفاف مع النظام وبالتالي غمس اليد في دماء الأبرياء طواعيةً أو اضطراراً كثمن لهذا الاصطفاف, أو الاصطفاف في الجانب الآخر الند للنظام على أساس المطالبة بالحرية، ولكن ولعدم وجود الطليعة الواحدة الواعية المنظمة لهذا الطرف سرعان ما تحول إلى أداةٍ يستعملها المصارعون للنظام على السلطة، والذين هم بدورهم منقسمون في الولاء لقوى اقليمية ودولية مختلفة، هي نفسها متصارعة فيما بينها على تثبيت نفوذها في المنطقة كضرورة لمتطلبات مصالحها الاقتصادية, ولكن الكرد من خلال حزب الاتحاد الديمقراطي وحركة المجتمع الديمقراطي انتهجوا طريقاً ثالثاً كاسرين بذلك الحالة التقليدية للانقسامات الشعبية في الثورات, ربما لن يتسع المجال هنا للحديث عن أسباب وموجبات انتهاج الخط الثالث والتي بات الجميع يدركها, إلا أن النتائج المتحققة أثبتت وتثبت يوماً بعد يوم أنه كان الأسلوب الأصوب لخوض مرحلة الفوضى التي قلنا بأنها مرحلة محتم العبور فيها، والخروج في نهايتها بأقل الخسائر وأعظم النتائج.
تتزامن المنجزات التاريخية التي حققها ويحققها الكرد في روج آفا مع خروج وبروز أفراد وتيارات سياسية كردية يستخدمها أعداء الكرد كأدواتٍ رخيصةٍ في الحرب المعلنة على الكرد من قبل أولئك الأعداء, حتى وإن كان أولئك الأفراد على مستوى الرموز والقادة بالنسبة لشريحةٍ من الشعب الكردي, والأنكى هو محاولات الإبداع من قبل تلك الأفراد في خدمة الأعداء, محاولات الإبداع هذه التي باتت صريحة وواضحة جداً وخاصةً من خلال (( التظاهرة )) التي أقامها ما يسمى بتيار المستقبل الكردي أمام السفارة الأمريكية في برلين، للمطالبة بوقف الدعم الأمريكي بالسلاح لوحدات حماية الشعب، و إطلاق شعارات مدروسة المضمون والهدف، أو من خلال تصريح فؤاد عليكو الذي قال فيه وبكل وضوح أنهم ملتزمون مع الائتلاف حتى لو واجه حزب الاتحاد الديمقراطي عسكرياً, ولطالما صدرت عن هذا الشخص تصريحات ومواقف مسمومة تفنن في انتقاء كلماتها، ليحاول أن يثبت لمستخدميه هو وأمثاله بأنه كسر وحطم كل الحواجز والروادع الأخلاقية، وبأنه و أمثاله كانوا وسيبقون التابعين والخدم الأوفياء, إنها حقاً حالة ” فرط العمالة والخيانة “.[1]