الإسلام السياسي
هيفين قاسو
إن الأزمات المُعاشة وأجواء الفوضى المفروضة التي زُجَّ بها مجتمع الشرق الأوسط، وبدأت تنتشر رويداً رويداً في جميع شعوب العالم وتهدد مستقبل البشرية. هذه الأزمات أخرجت أخطاراً نتجت عنها ظهور بذور القاعدة والجهاديين، واستخدام أساليب إرهابيه مثل القتل والذبح وسبي النساء ونحن في القرن الواحد والعشرين.
هنا يحتم علينا الغوص والتحليل في الأسباب والأطماع الاستعمارية لخلق هكذا أزمات، وما تأثيراتها على يومنا الراهن.
لذا من الصعوبة حل أي قضية دون معالجة وإدراك كل ما يدور بفلكها، وما يهمنا هنا هو البحث في جذور هذه الأزمات الناشئة عن طريق طرح أسئلة والإجابة عليها بكل شفافية وواقعية. فقد ظهرت عدة مصطلحات يمكن البحث فيها بخصوص الإسلام السياسي ومشتقاته مثل السلفية والجهادية والمعتدلة والمتشددة وما شابه ذلك، وظهور الحاضنات الملائمة لهذه المفاهيم، وشرعنة أشكال الإرهاب وفق قوالب دوغمائية قانونية وعقائدية.
فالسؤال الذي يجب معرفته هنا هو:
ما هو معنى الإسلام ؟ماهيته؟ جذوره؟
الإسلام معناه اللغوي هو(الاستسلام لله) أي تسليم كامل من الإنسان لله في كل شؤون الحياة وهو ناسخ لما قبله من الديانات.
ماهيته:
الإسلام ديانة إبراهيمية سماوية تعتبر ثاني الديانات في العالم بعد الديانة المسيحية من حيث عدد المعتنقين 1،6مليار إنسان.
جذوره:
جذور الإسلام هو القرآن الكريم الذي ينقسم إلى 114 سورة ويحتوي على 6236آية مكية تعني بالدعوة والاخلاق، ومنها مدنية تعني بالتنظيم والقانون لبناء المجتمع المسلم خصوصاً والبشري عموماً.
هذا بإيجاز ويمكننا هنا التطرق إلى التراث الإسلامي الذي يؤكد أن كلمة السياسة لم تذكر في القرآن الكريم، ولكن تم تأويلها من بعض مصادر الإسلام في السنه النبوية وفي فقه المذاهب المتبوعة وغيرة من الفقه الحر، وبناء عليه استمدوا المواقف الشرعية من الكتاب والسنه بناءً على شرح بعض المتصوفين والعلماء والحكماء …….الخ.
أما السياسة وتعريفها؟ وما هيتها؟
السياسة معناها اللغوي مصدرها ساس يسوس سياسة فيقال ساس الدابة أو الفرس إذ أقام على أمرها من العلف والسقي والترويض والتنظيف.
وهي كلمة اغريقية عنيت (إدارة المجتمع )كما تحدث عنها القائد عبد الله اوجلان في مرافعاته.
ماهية السياسة:
فيمكن عرض مجموعة من الشروحات المبينة أدناه وذلك حسب بعض المراجع المعتمدة أصولاً وهي كالتالي:
– موسوعة العلوم السياسية نقلاً عن معجم روبير (فن إدارة المجتمعات الإنسانية ).
– معجم العلوم الاجتماعية (أفعال البشر التي تتصل بنشوب الصراع أو حسمه حول الصالح العام، الذي يتضمن دائماً استخدام القوة أو النضال في سبيلها ).
– معجم كامل ذكر (تتعلق السياسة بالحكم والإدارة في المجتمع المدني ).
– المعجم القانوني (أصول أو فن إدارة شؤون العامة).
وأول مرة تم استخدام كلمة السياسة في معنى الولاية والحكم في التراث الإسلامي كان في قول عمرو بن العاص لأبي موسى الأشعري في وصف معاوية إني وجدته ولي عثمان الخليفة المظلوم والطالب بدمه الحسن السياسة ..الحسن التدبير.
كما نقل- عن أبي هريرة أن النبي (ص) قال: كان بنو اسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلكَ نبيٌ خلفه نبيٌ وأنه لا نبي بعدي ” متفقٌ عليه.
كما روى ابن أبي شيبة في مصنفه والحاكم في مستدركه عن المستظل ابن حصين قال:” خاطبنا عمر بن الخطاب فقال:” قد علمت – ورب الكعبة – متى تهلك العرب فقام إليه رجلٌ من المسلمين فقال متى يهلكون يا أمير المؤمنين؟ قال حين يسوس أمرهم من لم يعالج أمر الجاهلية ولم يصحب الرسول”.
وأيضاً روى ابن أبي شيبه في مصنفه وابن الجعدي في مسنده.
قال علي:” يا أهل الكوفة والله لتجدن في أمر الله ولتقاتلن على طاعة الله أو ليسيسنكم أقوامٌ أنتم أقرب إلى الحق منهم فليعذبنكم ثم ليعذبنهم”.
كما يستشهد بعض العلماء المسلمين أن لفظ الملك يعني السياسة وهو اجتهادٌ خاطئٌ لأنه حتى الآن لا يوجد اتفاقٌ حول معنىً واحد للسياسة، ما يعني أن لفظ الملك يمكن أن يتوافق مع تعريفٍ ما ويتناقض مع التعاريف الأخرى.
إذاً هنا يمكننا أن نقول أن الإسلام السياسي مصطلحٌ إعلاميٌ اكاديميٌ مصطنع، أو ممكن أن نعرفه على أنهُ مجموعةٌ من الأفكار المصطنعة، ولها أهدافٌ سياسيةٌ سلطويةٌ منبعها الشريعة الإسلامية التي تستخدمها فئةٌ معينةٌ لمصالح سياسية وسلطوية.
لكن رغم كل الانتقادات التي تعرض لها التحويل، من ديانة إسلامية أخلاقية إلى سياسة راديكالية تمكنت بعض الدول العالمية من تصنيعه وبمساعدة بعض الدول العربية لتوصيله للحكم،
فكان التمهيد لإطلاق الإسلام السياسي ونثر بذور ما سمي بجماعة الإخوان المسلمين في مصر عام 1928 بعد انهيار الخلافة العثمانية.[1]