تركيا ( جديدة ) على مقاس أردوغان
سيف دين عرفات
يريد الدكتاتور أردوغان أن يحوّل تركيا من النظام البرلماني الى النظام الرئاسي وسيذهب الى الاستفتاء في الربيع او الصيف القادم وهو عمليا ومنذ ان اصبح رئيسا لتركيا يحكم بالنظام الرئاسي وهو استولى ومنذ البدء على معظم صلاحيات رئيس الحكومة ولا يسمح بمرور اي قانون الا بموافقته ووضع السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية بين يديده يتحكم بها كما يشاء، الا انه يريد أن يشرعن ما قام به لكي يتشدق بالديموقراطية المزيفة التي يتبجح بها في كل مناسبة.
ولذلك اعلن حالة الطوارئ عقب انقلابه المزعوم الذي حدث بتاريخ #15-07-2016# م لكي يحقق الوصول الى النظام الرئاسي، وحاول بكل جهده ابتزاز اوربا وامريكا والناتو والذي هو عضو فيه في سبيل ذلك فمثلا هدد اوربا باغراقها باللاجئين ان لم يحصل الاتراك على الفيزا التي كانت مطلبا مدونا في اتفاقية تركيا مع الاتحاد الاوربي في شهر آذار الماضي، وهدد أمريكا بالاختيار بين تركيا وحزب ال ڀ ي د وايضا لا يزال يطلب تسليم الداعية فتح الله غولان الموجود في امريكا بزعم قيامه بالانقلاب المزعوم، اي انه استخدم ذريعة الانقلاب مطية للوصول الى أهدافه وهو قال بعظمة لسانه في مناسبات كثيرة بأنه لولا محاولة الانقلاب لما كنا استطعنا القيام بسهولة التوجه الى النظام الرئاسي.
ليس من المعروف تماما لماذا يؤيد الحزب الصغير المعارض حزب ال م ه ڀ خطط أردوغان بعد أن كان يعارض سابقا خططه قبل الانقلاب المزعوم، ويستخدم أردوغان ذلك الحزب القومي المتطرف مطية لتحقيق أهدافه، أما الحزبَين الآخرَين المعارَضين وهما حزب ال ج ه ڀ الذي يُعتبر من اليسار المعتدل وحزب ال ه د ڀ المؤيد لحقوق الكورد والذي ينتمي معظم اعضاؤه الى القومية الكوردية، فهما يعارضان النظام الرئاسي ويبينان اسباب ذلك بكل وضوح.
النظام الرئاسي سيلغي منصب رئيس الوزراء وسيعين بدلا من ذلك ربما نائب او نائبين او ثلاثة نواب للرئيس بما يشبه طريقة النائب في أمريكا، وقال بنيالي يلدرم لوكالة أناضول الاخبارية بأنه سيُسمح للرئيس مستقبلا بتحديد الموازنة السنوية وستكون هناك صلاحيات للبرلمان ويمكن للرئيس ان ينتمي الى احد الاحزاب ، ومن المعروف بأنه حتى الآن كان ينبغي على الرئيس أن يكون محايدا ولكن أردوغان لم يلتزم بهذا أيضا، وقال يلدرم بأن ال أ ك ڀ سيبعث مسودة قانون التحويل من النظام البرلماني الى الرئاسي هذا الاسبوع وأضاف بأنه هو ورئيس ال م ه ڀ دولت بهچلي يعملان سوية في مجال (( التفاصيل التكنيكية للدستور)).
من المعروف بأن المسلمن المحافظين بقيادة أردوغان والقوميين المتطرفين لهما سوية 356 صوتا من أصل 550 صوتا في البرلمان، ويتطلب الامر 60% من أصوات البرلمان لكي يُسمح بالاستفتاء على الدستور أي 330 صوتا وهذا يحققه أردوغان ونصيره الحزب القومي المتطرف، ولكن عند الحصول على ثلثي أصوات البرلمان أي 367 صوتا فيمكن تغيير الدستور بدون الذهاب الى الاستفتاء، ولكن يلدرم وأردوغان أفادا بأنهما وفي كل الاحوال سيذهبان الى الاستفتاء ويجعلان الشعب يصوت على ذلك، ومن المعروف بأن حالة الطوارئ الحالية سارية حتى منتصف 01 من عام 2017 م ولكن يمكن تمديده أيضا في المستقبل.
لنتذكر بأنه منذ أن أصبح أردوغان رئيسا اي منذ شهر آب من عام 2014 م بأنه ابتلع مهام رئيس الحكومة ومهام حزب ال أ ك ڀ الحاكم أيضا بكلمة مختصرة هو تقريبا الكل بالكل.
بتغيير الدستور ونظام الحكم من البرلماني الى الرئاسي سيثبت اردوغان ويشرعن ديموقراطيته على الجميع وبهذا سيتحول الى أكبر دكتاتور في العصر الحديث الذي بات لا يناسب الدكتاتورية وبهذا فهو يعاكس بوضوح مجرى التاريخ ويسبح عكس تياره الذي سيؤدي به اما الى الغرق او الارهاق والتعب او الشلل التام لادراة تركيا بالطرق الديموقراطية.
منذ الانقلاب المزعوم رأى العالم اجراءات اردوغان من كتمه اصوات الرأي الآخروسجنه لكل معارض لصوته وفصله لكل عسكري او موظف، وخاصة البرلمانيين الكورد وعلى رأسهم السيد صلاح الدين دمرتاش ومعظم السياسيين والقادة الكورد ورؤوساء البلديات الكوردية في شمال كوردستان، والآن وقبل مدة قصيرة وفي الثلاثاء الماضي قام بالاعتقال والقبض على أهم شخصَين مهمَين للاتراك وهما كبير مستشاري كمال قليچدار أوغلو رئيس حزب ال ج ه ڀ والآخر هو أهم خبير معلوماتي بالكومبيوتر في تركيا وهو فاتح گروسول ، وهو يعتقل كل مَن لا يدين مائة بالمائة بافكاره وأفكار حزبه ال أ ك ڀ والتهمة بشكل عام مساندة ال ڀ ك ك او حزب ال ه د ڀ او الانتماء الى الداعية گولان، وبهذا يمارس تماما ما قام به حزب البعث في سوريا والعراق، بل ان نظامه الرئاسي الآن وبعد شرعنته سيصبح مشابها لحكم حافظ الاسد وحكم صدام حسين الرئيسَين المقبورَين السابقَين لسوريا والعراق.
ما قام به أردوغان سابقا والآن يشبه في كثير من النواحي ما قام به حافظ وبشار وصدام ولو بطريقة مختلفة وكل حسب اسلوبه، فطريقة الاعدامات او الطرد من العمل والوظيفة هدفها انهاء او محاربة كل شخص لا يكون عبدا او خادما لك، اردوغان قام حتى الآن بطرد عشرات الآلاف من وظيفتهم سواء أكانوا من الجيش او من الشرطة او من الحقوقيين او المعلمين او من الاداريين او الدبلوماسيين او من رؤوساء البلديات او من غير المجالات الوظيفية، وتم القبض حتى الآن على حوالي أربعين ألف وهم يمرون الآن تحت اجراءات المحاكمة، والطرد لا يزال جاريا وتجاوز الرقم الآن مائة ألف والحبل على الجرار، ومن الجدير بالذكر أن أردوغان كان قد قام بتلك الحملة الهستيرية وخاصة ضد الكورد قبل الانقلاب المزعوم بفترة طويلة.
وأخير يجب الاشارة الى التفجيرالذي حصل في كوستنتينوڀل ( استنبول ) البارحة والذي قُتل فيه حوالي أربعون شخصا وجُرح فيه حوالي مائتي شخص فقد يكون ذلك من ألاعيب استخبارات أردوغان للاسراع في اجراءات شرعنة النظام الرئاسي، واذا كان انفجار كوستنتينوبل قد تم من قبل داعش فهذا يعني بداية سير إجراءات الطلاق بين اردوغان والبغدادي.
تركيا ذاهبة نحو شرعنة دكتاتورية أردوغان وان صمد أردوغان حتى الصيف القادم حيث ان العقبات امامه كثيرة واهمها المسألة الكوردية وعلاقات أردوغان الخارجية السيئة مع معظم دول العالم ودول الجوار والانهيار الاقتصادي الذي بدأ بوادره يظهر ومنها تدني مستوى الليرة التركية والافلاس اليومي للعديد من الشركات والبنوك التركية في داخل وخارج تركيا، ولكن تركيا ذاهبة في نفس الوقت نحو الانهيار الاقتصادي والسياسي وذاهبة الى التجزئة والتفكيك كما يحدث الآن في ليبيا وسوريا والعراق وغيرها من الدول، وهنا يجدر الاشار الى رأي المفكر و الكاتب الاستراتيجي الامريكي ميشيل روبين الذي تداولته مواقع التواصل الاجتماعي بشكل خاص حيث قال: ((تركيا سوف تتجزأ و الآن تتهيأ نفسيا لهذا التقسيم،اصبح من المستحيل ان يعيش الكورد و الاتراك ضمن دولة واحدة، واردوغان سيدخل التاريخ كابشع قائد للاتراك)).
[1]