في نقد عقلية الفرمان السلطانية
شيرزاد عادل اليزيدي
يتواصل سعار الاعتقالات والتصفيات السياسية بحق القيادات السياسية الكردية في جمهورية أردوغان السلطانية والتي دخلت في حرب مفتوحة ضد الحركة التحررية الكردستانية رائدة الحركة الديمقراطية في تركيا والمنطقة عامة، لكن الجديد هذه المرة أن هذه السياسة الفاشية التي تتمظهر في مذكرات التوقيف وفرمانات الاعتقال باتت تفيض لتطال قادة وزعماء كرد في الأجزاء الأخرى من كردستان ربما اتساقاً مع النزوع الاستعماري الفج لأنقرة التي يجاهر رأس سلطتها بحق تركيا المزعوم في احتلال أراضي غيرها وقصفها وإلصاقها كيفما اتفق بالهوس العثماني الجديد؛ حيث يتوهم نفسه سلطان القرن الذي تتبع لفرماناته السلطانية البلاد والعباد والثغور والولايات وبخاصة التي على تخوم دولته التي يريد تكبيرها وتوسيعها على حساب احتلال الدول المجاورة تحت دعاوى عنصرية فاشية وتخريجات تاريخية كاذبة وبخاصة مناطق شمال العراق وشمال سورية وضمنها بالطبع باشور وروج آفا كردستان (كردستان العراق وكردستان سورية).
فبعد اعتقال كبار القادة السياسيين من رؤساء أحزاب وبلديات وبرلمانيين … في باكور كردستان (كردستان تركيا) كصلاح الدين دميرتاش وأحمد ترك وكولتان كشاناك … أصدر القضاء التركي قراراً باعتقال الرئيس المشترك لحزب الاتحاد الديمقراطي PYD صالح مسلم أي أن التخبط بات بلا عقال وأن هذه السياسة الممنهجة لكن العقيمة لا تقف عند حدود تركيا فقط فالرجل يحمل الجنسية السورية وهو مواطن كردي سوري يرأس أكبر الأحزاب في روج آفا كردستان وفي سورية ككل بوصفه حزباً محورياً في كل من الإدارة الذاتية الديمقراطية لروج آفا وحركة المجتمع الديمقراطي ومجلس سورية الديمقراطية فهذا القرار الأشبه بنكتة سمجة يعبر مرة أخرى وبوضوح عن حقيقة أن تجربة روج آفا الديمقراطية لطالما قضت وتقض مضاجع أنقرة وتشير إلى مبلغ الانحطاط الذي بلغته سلطة العدالة والتنمية عبر هذه الأحلام المريضة التي تحاول ترجمة نفسها على الأرض عبر سياسات توسعية إنْ في العراق أو في سورية وبخاصة عبر احتلال جرابلس ومحاولة التمدد نحو الباب ومنبج عبر أدواتها الإرهابية كجبهة فتح الشام التي هي فرع بتنظيم القاعدة السوري.
والحال أن هذا القرار محاولة لتكريس فكرة وانطباع مفادهما أننا جميعاً رعايا في ظل الخلافة العثمانية الجديدة كرداً وعرباً وأرمناً ومن مختلف الملل والنحل وكأننا عدنا مئات السنين للوراء وعليه فمن حق محاكم السلطان وقضائه إصدار الفرمانات ضد كل من تضعه الخلافة في خانة الأعداء والمتآمرين فلا نواميس تعلو على قانون الخليفة العثماني الجديد ولا حدود تحد خلافته وبحسب هذا المنطق الأعوج قد لا تقتصر قرارات القضاء التركي على الرئيس المشترك لحزب PYD وعلى روج آفا فقط لتطال فرمانات الاعتقال الرموز والقيادات الكردية في الأجزاء الأخرى من كردستان أيضا طالما أن العداء لكل ما هو كردي هو المحدد الرئيس للسياسة التركية والثابت الوحيد فيها.[1]