لماذا اوصلوا الثورة في كوردستان الى هذه الحال
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4923 - #12-09-2015# - 17:09
المحور: القضية الكردية
في جنوب كوردستان، اندلعت الثورة في #11-09-1961# من قبل قائدها ملا مصطفى البرزاني دون ان ياخذ براي الحزب في حينه، نتيجة الواقع الذي عاشته كوردستان و الحزب في حينه و الذي كان في الظروف العامة متخلفة و لم تنضج ظروف الثورة بشكل مقنع، و حدث هذا اي الثورة دون قناعة الحزب و يدل هذا على مدى ايمان البرزاني بالحزب كتنظيم تقدمي الذي تاسس على يد مجموعة من المثقفين و تم تسليمه الى السيد البرزاني من اجل جماهيريته و الكاريزما التي تمتع بها من اجل اتساع قاعدة الحزب و جماهيريته . لم يؤمن المرحوم البرزاني بالحزب حتى اخر لحظة من حياته بل انفرد بكل ما امن به، و حتىا لثورة التي اندلعت على يده لم يكن للحزب يد فيها بل عارضها كما اسلفنا . هكذا حصلت امور لم تكن بالحسبان، و الصراعات التي حدثت داخل الحزب مع البرزاني ادت الى الانشقاق الكبير بقيادة ابراهيم احمد و سميت بالجلالي نسبة الى جلال طالباني الذي كان الساعد الايمن لابراهيم احمد و انفرد هو في الكثير من الامور مما برز اسمه اكثر من ايبراهيم احمد القائد الحقيقي لانشقاق 1964. وصلت الحال الى النكسة التي منيت بها الثورة و هاجر البرزاني الى امريكا و توفي هناك، و فشلت الثورة في تحقيق اقل نسبة من اهدافها لانها خضعت لتوجه واحد في النهاية . و اني على اعتقاد بان تسليم الثورة في حينه الى شخص و من تربية و بيئة اجتماعية معروفة غير ملائمة مع التنظيم الحزبي، هو الخطا الفاضح في مسيرة الحزب و الذي انتهى امره بفشل الثورة و الانتكاسة الكبيرة . و حتى اهم قرار وهو التحالفات مع القوى الداخلية و الخارجية عند البت في اندلاع ثورة عارمة لم يكن للحزب الديموقراطي الكوردستاني يد فيها ايضا، و انه قرار فردي من قبل البرزاني لاسباب ضيقة دون قراءة الظروف الموضوعية و الذاتية في حينه بشكل علمي . و هنا لا اريد ان ادخل في التفاصيل التي سجلها لنا التاريخ بشكل ادق لضيق المجال هنا، و هذا يحتاج لاباحث طويلة . الاهم ما اريد ان اذكره، ان الحزب الديموقراطي الكوردستاني سُلم الى من لا يؤمن باي حزب، لاسباب و عوامل موضوعية و في مقدمتها ايجاد رجل كاريزما و صاحب قاعدة جماهيرية، رغم كل الموانع الحزبية السليمة التي تفرض مثل هذه الخطوة، و كان من اجل احداث قفزة في جماهيرية الحزب بشكل سريع و هذا هو الخطا الكبير، و بهذه الخطوة اوصل الحزب الى مفترق الطرق و احدث الانشقاق بين العقلية الاجتماعية الملائمة لتلك الاوضاع الاجتماعية الثقافية السياسية، و العقلية الطليعية التي كانت في مقدمة صفوف النخبة التي لم تثق بنفسها و لم تتحمل كذلك ما ادخلت نفسها فيه من اجل التنمية الكمية على حساب الكيفية .
في غضون تلك الصراعات كانت هناك تنظيمات يسارية وفي مقدمتها عصبة كادحي كوردستان التي تحركت منذ بدايات سنة 1970، و عند انتكاسة الثورة برزت رؤس من كان له اليد في تلك التشكيلات و التنظيمات التي كانت يسارية و تحركت القوى تلك و في مقدمتهم عصبة كادحي كوردستان بشكل يمكن ان نقول منفرد، و كما نوت هذه التشكيلة اليسارية التقدمية، بدات بظهور افاق ثورة جديدة، و استهلت عملها بعد فراغ الساحة من بقايا و وارثي الثورة القديمة، الذين ابتعدوا و نفوا الى خارج البلد، و لكن تم تجميعهم فيما بعد لاهداف و تربصوا بما يجري من بعيد، لحينما دخلوا على اساس قدم الثورة مدعين انهم اصحاب الثورة . و الخطا الذي تكرر في الثورة الجديدة كما في ثورة ايلول هو تسليم الثورة الى العقول التي ترعرعت في خضم الصراعات الثورة القديمة و لنفس الاسباب و العوامل، و هي ايجاد قاعدة جماهيرية و القفز على الاحداث دون التمهل و التحمل من اجل النمو الطبيعي دون اي حقن خارجي، اي سلموا الثورة الجديدة ايضا الى ما افرزته الثورة القديمة من السلبيات و بالاشخاص ذاتها التي انشقت عن الحزب الديموقراطي من قبل . وبعد تدخلات خارجية و داخلية متعددةو لاغراض سياسية عدائية للشعب الكوردستاني، اصبحت الثورة منذ حين، في اتجاهين مضادين تخللتها حروب و صراعات دموية بشعة . لحين الانتفاضة وبعدها ايضا و لحد اليوم و بشكل كبير، تسلمت تلك العقليات الوضع السياسي و ادخلت كوردستان في اتون تلك المتاهات التي اتوا بها من صراعات الثورة القديمة .
بطبيعة الحال، عندما سجنت اكثرية قادة عصبة كادحي كوردستان واعدم الكثير منهم على يد الدكتاتورية العراقية، و استشهد القائد شهيد ارام على ايدي خبيثة داخلية، لم يبق من احد قادر على قيادة العصبة و الثورة معا، لذا اصحاب القاعدة القديمة و الكاريزما فرضوا انفسهم على الواقع و سيطروا علي الثورة كليا بعد حل عصبة الكادحين بشكل كامل في النهاية . و هكذا اوصلوا حال الثورة و الحياة العامة للشعب الكوردستاني الى ما نحن فيه، من الصراعات المتتالية بين الاحزاب و بعقلية قديمة بالية، و ربما برز من خلالها من يريد التجديد و لكن فشل في النهاية في تحقيق اهدافه . و اليوم نحن نعيش في ظروف مغايرة تماما، و هناك جيل جديد في واقع قفز بذاته كثيرا، نتيجة دخول الالات و الاليات التقدمية الحديثة الى حياة الناس بشكل كبير جدا ناهيك عن تاثيرات العولمة و التغييرات الجذرية في العراق و المنطقة بشكل كبير . فانني على اعتقاد بان الجيل الجيدي الميؤس من حاله و يهرب الكثيرون منه الى خارج كوردستان لعدم تحمله ما يحدث، فان بين ظهرانيهم و ثناياهم نخبة تقدمية سياسية عالية الثقافة، يمكنهم قيادة الواقع السياسي الاجتماعي الاقتصادي بعيدا عن العقلية القديمة التي ورثت الخلاقات و الصراعات، و ان وعوا الحال و اعتبروا من الاخطاء المتكررة التي حدثت خلال الثورتين، فانهم يعتمدون على ذاتهم بشكل مجرد دون اي شخصية او ما يسمون انفسهم بالقائد و الكاريزما، لتجاوز السلبيات التي يمكن ان يورثونها و يفرضونها عليهم ايضا و يكررون الخطا المصيري السابق ايضا .و به يمكن ان نعتقد ان الثورة الجديدة يمكن ان تنجح، و الا بهذه التركيبات والعقليات و الالية المسيطرة على كوردستان لا يمكن ان نخرج من النفق المظلم، و احتمال العودة الى المربع الاول وارد في ان و لحظة .
لذا نحن ننتظر ثورة سلمية بيضاء من اصحاب العقول الالكترونية من الاجيال الجديدة الوطنية الواعية المعتبرة من التاريخ.[1]