على اي اساس تُدارعلاقة اقليم كوردستان مع دول الاقليم
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4918 - #07-09-2015# - 16:30
المحور: القضية الكردية
لا يمكن ان نتوقع ان تُدار العلاقة المقتضبة بين اقليم كوردستان والدول الجوار، المسماة بالعلاقات الدبلوماسية السياسية الاقتصادية غدرا، باي منطق علمي او اساس مقنع للتوازن المراد في العلاقات الرسمية بين جهتين نديتين و لاسيما بين تركيا التي لم تكن تعترف بالقومية و اللغة الكوردية حتى الامس القريب و اعتبرتهم اتراكا جبليا وفق منطقها و عقليتها و نظرتها للاخر المبني على اساس مصلحي عنصري لا تمت بالعصر و الانسانية باي شيء كان من جهة، و في الوقت الذي دخل داعش في صلب المعادلة السياسية و التفاعل و المصالح بين جميع الجهات في المنطقة و بالاخص في مناطق وجوده الحصري المنتشر في سوريا و العراق و بجوار الدول العربية و تركيا، و هو يدخل في ثنايا ما تهتم به ايران من الصميم من جهة اخرى، ناهيك عن العلاقات مع ايران و افرازاتها او انعكاساتها المختلفة ايضا .
من المعلوم ان حدود الاقليم ملاصقة بايران و تركيا، و توزعت الجغرافيا السياسية للاقليم على احزاب وضعت حجر عثر او حاجزا لمنع توحيد العلاقات الدبلوماسية الرسمية بشكل يمكن ان يطمان عليه الشعب الكوردستاني . ان الحزب الديموقراطي الكوردستاني وضع كل بيضه في سلة تركيا و مرت هذه العلاقات في محطة اختبار للوفاء بما كان يعتمد هذا الحزب عليها و يعتقد كل خير منها و هو مطمان و كانها حبيبتها المتيمة في السراء و الضراء، الا ان تركيا بينت على حقيقتها و حتى دون ان يعترف الحبيب الغالي لها، وهي لم تنجح او نكثت العهد في اول محطة اختبار، عند صمتها عن اقتراب داعش من عاصمة الاقليم و كاد ان يقلب الطاولة على ما حوله لولا التدخل الطاريء من قبل ايران و التحالف الدولي بشكل عاجل . اي ان تركيا رغم ادعائاتها و تشدقها بالعلاقة التي تستفيد منها و من جانب واحد بشكل مطلق تقريبا، و تدعي في العلن الوفاء الا انها سقطت في وحل اختبار داعش العملي و الواعي و الذي فصل الحقيقي من المزيف للادعاءات للجميع، و لا يمكن الوثوق بها من قبل احد مهما تحججت بحجج واهية . و في المقابل ان الديموقراطي الكوردستاني بعدما ادخل نفسه في التمحور الاقليمي، لم يكن بمقدوره ان يسحب اي قدم من ما دخل فيه، بل اصر على مد علاقاته لمصالح حزبية ضيقة مع تركيا بالشكل و المستوى ذاته بل اكثر من قبل، و يدخل العامل الاقتصادي الاكثر الحاحا على هذا و ما يعتبر اخطر خطوة على مستقبل اقليم، لانه يعتمد على تركيا في في اعتماده على شريان اقتصاده الوحيد بعدما انقطع تقريبا بشكل شبه كامل عن بغداد عدا جوانب طفيفة .لو خطت بغداد الى المقاطعة لازدادت صعوبة الحال في اقليم بسبب هذا التوجه الافقي المحصور الضيق للجهة المتسلطة على اقليم كوردستان لاعتبارات جغرافية و اقتصادية وليس نتاجا لاحقيتها في الاعتلاء على السلطة بجماهيريتها كما تدعي، لو دققنا في الامر بشكل دقيق .
اما الاحزاب الاخرى التي بدورها استقطبت في محور اخر مقابل، و كل جهة بمستوى معين يختلف عن الاخر وفق مدة و تاريخ علاقاته و نطرته او فلسفته او مصلحته الحزبية الضيقة ايضا، و ليست العلاقة نابعة من اصول و منطق العلاقات الدبلوماسية الصحيحة المعتمدة في جميع انحاء العالم ايضا . اي اقليم مستهلك غيرمنتج يستورد نسبة كبيرة من احتياجاته عن طريق تركيا و اكثرها من صنع و نتاج تركيا او الصين، و نسبة اصغر من ايران و على الاساس نفسه، اي من الريع النفطي الذي كان بالامكان ان يستفاد منه استراتيجيا، اصبح عالة و نقصا و موقع اتكاء السلطة في الاقليم و هو نقطة ضعف كبيرة بيد الاخرين لاسقاط تجربة الاقليم متى ما اتفقوا على ذلك، لكون الاقليم اصبح مستهلكا و معتمدا على الاستيراد الخارجي بشكل مطلق دون ان يفكر اي من هؤلاء في نسبة من الاكتفاء الذاتي للاعتماد عليه في الايام السود عند مجيئها و هو المتوقع و المنتظر، لانه اصبح النافذة التي تمكٌن من خلالها الجيران من ان يخنقوا اقليم و يجهضوا تجربته لو غلبت مصالحهم و اتفقوا على ذلك متى ما ارادوا او فرضت مصلحتهم على التوجه ذاك، و دون ان يقدر من يتشبث بالعلاقات الخارجية و التي حولوا الاقليم بها الى مستودع لاستهلاك ثرواته بشكل خاطيء، عندئذ لا يقدر احد ان ينبس ببنت شفة . و كما شاهدنا من قبل و ما شهدته الثورة الكوردية التي كانت مصيرها بيد رجل واحد و تابع لدولة اقليمية واحدة، اي وضعت كافة البيوض كما اليوم في سلة الشاه، و اليوم في سلتين و لكن في جزئين مختلفين من اقليم كرودستان، و هذا مايهدد على توزيع الاقليم الى مصيرين مختلفين، و يمكن ان يزحلقانه الى التقسيم بشكل تلقائي كلما ازدادت الخلافات و التعلق كل طرف بمصلحته و بعلاقاته الجزئية، و ما يهمه دون اي التفات الى المصالح العليا لكافة ابناء الشعب في جميع مناطق اقليم كوردستان كما هو المطلوب .
من هذا و ما نحن فيه و من انعكاسات الحوادث اليومية و ما يجري داخل هذه البلدان التي تتعلق فيهم مصير و مصلحة الاقليم، نرى ان العلاقات سطحية غير معتمدة على اسس خاصة بالعلاقات العصرية، اي يمكن ان نصفها بالعلاقات بين التابع و المتبوع و هذا خلل واضح يقع على حساب التابع متى ما فرضت المصلحة تغيير الاتجاه لدى المتبوع . انها علاقات غير منطقية وفق منطق العلاقات و تسير متعرجة وفق ما تامره ضرورات الايام و المصالح الضيقة فقط و لدى جهات معينة في هذه الدول و الاقليم ايضا و على حد سواء و ليس علاقة ند بين دولة واخرى كما هو المعهود . و عليه، لا يمكنني ان القى اسم لاطلقه على هذه العلاقات و نوعها و مضمونها و اسسها و كيفية ادارتها و نتائجها و نتاجاتها، فليس لي الا ان اقول لله درك يا شعب اقليم كوردستان . و يمكنني ان اقول بان كل العلاقات هذه تقع على حساب الكورد نفسه في الاجزاء الاخرى من كوردستان الكبرى مهما ادعت اية جهة عكس ذلك، او مهما صرح المصلحيون بانها مبنية على المصالح الذاتية الحيوية لاقليم كوردستان و يراد بها التضحية بمصالح صغيرة للاجزاء اخرى لمصالح انية كبيرة، والصغيرة هي التي يمكن تاجيلها لوقتما تحين الفرصة المناسبة لتحقيقها، و هذا ايضا بعيد عن المنطق.[1]