الدعوة الكردية للحوار وموقف المراهنين على “مشروع” أردوغان!
أعتقد كان اختيارا موفقا من جانب القيادي في حركة المجتمع الديمقراطي آلدار خليل أن يخص صحيفة “الحياة” اللندنية منصة لاطلاقة دعوته من خلال المقال الذي كتبه ودعى فيه جميع الفرقاء الى الحوار والإلتقاء بعد المأساة التي حلت بمدينة حلب واهلها، وظهور تداعيات التطور الحاصل في العلاقات الروسية التركية على حيثيات الوضع في سوريا. وكمسعى طبيعي لم يغب عن صناع القرار في روج آفا ( فيدرالية الشمال السوري) ما حل بحلب وأهلها، وحقيقة الموازين التي تغيرت بعيد التفاهمات التي حدثت بين بعض القوى الإقليمية على مجمل الوضع في سوريا. وكمسعى طبيعي لم يغب عن بال المسؤولين في الشمال السوري، وجوب تلاقي الجميع من أجل ايجاد مخرج سياسي، والعمل على وضع حد لألم ومعاناة الشعب السوري التي طالت كثيرا وألحقت الكارثة بالإنسان والجماد السوريين، حيث قال خليل في مقاله ذلك: ” إنني أدعو جميع المعارضات السورية المؤمنة بوحدة سورية واستقلال قرارها الوطني وبضرورة تغيير دستورها الذي ركز السلطات في حكومة مركزية همّشت المكونات السورية المختلفة واحتكرت الحياة السياسية، أن يعوا حجم المأزق الحالي، وأن يمدوا أياديهم لشركائهم في الوطن من الكرد وغيرهم، فمناطق تواجد «قوات سورية الديموقراطية»، جاهزة لتأمين استضافة المعارضة الديموقراطية، كي نعمل معاً للحفاظ على ما تبقى من سورية. إنها دعوة للسلام والتوافق، فهل من مجيب؟”.
واستكمالا للدعوة، وكي يكتمل المشهد السوري العام للحوار مع المشهد الكردي الخاص، توجه القيادي في حركة المجتمع الديمقراطي آلدار خليل الى احزاب “المجلس الوطني الكردي” الموجودة تحت مظلة “الائتلاف” بالدعوة للحوار من خلال الكلمة التي القاها في مؤتمر حزب اليسار الكردي في القامشلي، وليس من خلال صفحات التواصل الإجتماعي، كما روج البعض. واكد خليل على دعوته للحوار ورص الصفوف من خلال لقاء خاص على فضائية “روناهي”، قال فيه” رأينا ان التطورات في العالم والمنطقة متسارعة ولهذا وجدنا ان نقوم معا بمناقشة المتغيرات، وخاصة للذين يرغبون برؤية حقيقة تقديم اشياء ايجابية لشعبهم وثورتهم، ولنقم بعدها بتقييم شامل لما سيناقش”. فبماذا ردت الاحزاب الكردية العضوة في “الائتلاف” والتي طالما ادعّت انها تطلب الحوار؟. لقد رد كل من “الحزب الديمقراطي الكردستاني سوريا” و”حزب يكيتي الكردي” على الدعوة الجادة والمسؤولة من القيادي آلدار خليل بشكل استفزازي متشنج ومن خلال صفحات مواقع التواصل الإجتماعي. وهذا يدل على عدم جدية هؤلاء في خوض أي حوار، وإستمرارية مراهنتهم على القوى الخارجية التي لا يهمها سوى مصالحها وبازاراتها في الموضوع السوري.
إن المتتبع للرد الذي جاء من قبل بعض الشخصيات المقيمة في أسطنبول والتي تدير هذين الحزبين على دعوة آلدار خليل، سوف يعلم حقيقة منطق هؤلاء في البقاء خارج السرب والرهان على معاداة تجربة الإدارة الذاتية في روج آفا ( التي تحولت مؤخرا إلى فيدرالية الشمال السوري) والتحالف مع كل من يعاديها، وإثارة الفتن والخلافات ورفض أي دعوة للحوار والمشاركة في البناء ورعاية شؤون الناس. لقد فهم هؤلاء إن الدعوة جاءت من منطق ومنطلق الضعف، وإن الإدارة الذاتية، وأصبحت أمل الشعوب والمكونات في الحرية والديمقراطية والمشاركة وحقوق المرأة، في موقف صعب، وهي تطلب مساعدة هذين الحزبين!!. الحقيقة إن هذين الحزبين والإطار المعارض الذي يجمعهم، والذي يتخذ من اسطنبول مقرا له، وغدرت به حكومة أردوغان وباعته إلى النظام السوري مؤخرا في حلب، هما الضعيفان ومراهناتهما كلها ذهبت أدراج الرياح وكان الخسران خاتمتها. وإنه في حال إفلات الفرصة من أيديهما فسوف يبقيان في الخارج، لأن المعارضة لم تعد تملك أي منطقة، والصفقات بين روسيا والنظام السوري وحكومة أردوغان قائمة على قدم وساق، حيث تكون فيها فصائل المعارضة المسلحة هي على الأغلب القربان والضحية، فأما أن تستسلم هذه الفصائل للنظام السوري في تسويات مناطقية محلية، وأما أن تتحول إلى بيادق بيد الاستخبارات التركية في عملية ما تسمى ب” درع الفرات” التي يستهدف أردوغان وحزبه من ورائهما الكرد وفيدرالية الشمال السوري. هذا في الوقت الذي أصبحت فيه قوات سوريا الديمقراطية على مشارف الرقة بدعم واضح من قوات التحالف الدولي ضد الإرهاب، وأصبح مشروع الفيدرالية يتخذ بعدا وطنيا سوريا وترغب العديد من المدن والمناطق السورية الانضمام اليه.
الدعوة إلى الحوار والمصالحة تأتي من الطرف القوي والمسؤول. الطرف الذي يهمه مصلحة الناس وردم الخلافات وخلق واقع تشاركي ديمقراطي يتيح للجميع المساهمة. لكن يبدو بأن رهان البعض على مصالحهم الضيقة، وطيب الإقامة في فنادق أسطنبول وأنقرة، وتفضيل العمل كأدوات لجهات اقليمية تعادي الحقوق الكردية والحقوق الوطنية السورية، قد غلب على مصالح الجماهير والوطن. من المهم أن تعي قواعد هذين الحزبين حقيقة ما تفكر فيه قياداتهم المقيمة في الخارج والبعيدة كل البعد عن هموم وآلام الناس. على القواعد أن تفكر بنفسها وتجري جردة حساب صادقة: هل ما حدث طيلة الأعوام الستة الماضية على صعيد سياسات هذين الحزبين خدم #الشعب الكردي# وبقية المكونات؟. هل ساهمت هذه السياسة في تخفيف آلام الناس وتقديم المساعدة لهم وحمايتهم من الأخطار والإرهاب؟. ومن أستفاد من وراء المراهنات على “الائتلاف” وتركيا وخيار السلاح، هل هذين الحزبين كفكر ومشروع، أم فقط أشخاص محددين معلومين؟. أعتقد إن المراهنة يجب أن تكون على قواعد هذين الحزبين، وليس على بعض المحاور والشخصيات التي ما تزال تراهن على الخارج وعلى بعض المجموعات المسلحة هنا وهناك. وطبعا الدعوة للحوار مفتوحة، فهي تأتي من جهة مسؤولة موجودة في الخنادق إلى جانب الجماهير…
نواف خليل[1]