تركيا تصرخ في الباب السورية
ابراهيم مراد
في الوقت الَّذِي تبدي فيه قوات سوريا الديمقراطية مقاومة عظيمة لتحرير مدينة الرقة السورية عاصمة الخلافة المزعومة لتنظيم داعش الإرهابي تحاول مرتزقة العدالة و التنمية الفاشية فرض إحتلالها على مدينة الباب السورية لأسباب كثيرة أهمها كسر إرادة الشعب الكُردي و الحؤول دون ربط المقاطعات الثلاث ببعضهم , و اسباب اخرى كنّا قد تطرقنا إليها في مقالات سابقة أهمها الموقع الجغرافي للمدينة و الذي يربط الشمال السوري بالحدود التركية و يجعل تركيا موازية لمدينة حلب , و كذلك الأهمية العسكرية حيث من خلالها ستحاول تركيا فرض هيمنة عسكرية تتحكم بها مستقبلاً لخلق حالة من الفوضى و البلبلة تعيق فيه بناء منطقة اَمنة يتمتع به الكُرد و المكونات الأخرى . أعتقدت فاشية العدالة و التنمية طوال العقد الجاري بأنها الحليف الأول والدائم للغرب و الولايات المتحدة الأميركية في المنطقة لطالما كان هذا الدور الذي وصل به الحزب لسدة السلطة عام 2002 .كان دور الحليف المزعوم سوق الإسلام السياسي و تطويره في المنطقة بكون الإخوان المسلمين كانوا يشكلون خطراً كبيراً و كان من الاجدر على الغرب السعي للعمل على تغير وجهة الإسلام السياسي في الشرق الأوسط من خلال تشكيل حلفاء جدد بإمكانهم كسب الحاضنة الشعبية من خلال التعامل الديني و لكن بشكلً ديمقراطي حيث نقول للجماهير و العالم “نحن نُمثَل الإسلام الحقيقي .إتبعونا ” إلا أن فاشية العدالة و التنمية لم تنجح بمهمتها هذه و كانت تركيا حاولت طوال سنوات الفاجعة الخُمس فرض هيمنتهما السياسية و العسكرية على البلاد عبر المجماميع المسلحة التي ساقت نفسها تحت غطاء الجيش الحر ،إلا أن قذارة الدور التركي قلبت الموازيين السياسية رأساً على عقب إن صح التعبير. فمع إنطلاق الحراك الشعبي في البلاد و قبل تحوله إلى صراع سلطوي داخلي _خارجي يحاول حزب العدالة و التنمية “الحزب الذي أسسه منشقين عن حزب الفضيلة الإسلامي و الذي حظرت أعماله عام 2001 ” فرض ذاته على الشأن السُوري و كان له دوراً كبير في إطالة عمر الأزمة و الأسد في آن واحد و هذا ما تثبته الأحداث التي تشهدها البلاد الْيَوْمَ .عمل اردوغان في البداية على دعم مجموعات سلحها و بسطها في الداخل السوري تحت غطاء الجيش السوري الحر إلا ان هذه الخطة لم تنجح مع بداية تمركز الجهاديين في سوريا و إنحلال المجموعات التي تحمل منذ البداية أساساً صبغة إسلاموية . هذا من جهة و من جهة أخرى فالكُرد يشلكون الفوبيا الأكبر لأردوغان و خاصة عند حلولهم ك حلفاء أساسيين للغرب في محاربة تنظيم الإرهابي .لذلك إحتلال تركيا لأجزاء من الشمال السُوري يأتي في إطار كسر أردة الكرد و لكن هل ينجحوا بذلك ؟! سؤال يجيب عليه كلى منا من نظرته و لكن ماذا عن الوقائع .الأحداث الاخيرة التي شهدتها البلاد تقول الكثير و الكثير و أهمها إعادة سيطرة النظام البعثي على مدينة حلب رغم المراهنات التركية حول ذلك ،إحتلال تركيا لجرابلس و طلب نجدتها من التحالف الدولي لإحتلال الباب .السؤال هنا لماذا لم تتمكن تركيا من إحتلال باب عقب جرابلس ؟! .يقول الكثيرين بأن هناك صفقةً دولية ما استغنت للاتراك عن مدينة الباب مقابل مدينة حلب و لربما هناك شيئ قريب لهذا المثيل بكون تسارع الأحداث في حلب قلبت بعض الموازين و لكن الحقيقة هي بأن الأتراك إنخدعوا . ففي الرابع و العشرون من أغسطس /أب العام الجاري أحتلت تركيا عبر مرتزقة ما تسمى ب درع الفرات مدين جرابلس السُورية دون إطلاق رصاصة واحدة ضد تنظيم داعش الإرهابي . فمسرحية تسليم المدينة لم تطول ساعات و أعلنت ما درع الفرات فرض إحتلالها على المدينة بينما مدينة الباب الذي تُشكل إستراتيجية كبيرة فمر أكثر من شهر على إعلان تركيا نيتها لإحتلالها و لكن المعركة ما تزال قائمة بإكباد تركيا خسائر فادحة و السؤال الذي يراودنا جميعنا .لماذا سلمت داعش جرابلس بينما تقاوم في الباب ؟! عقب معارك متقطعة أستمرت لأكثر من شهر بين تنظيم داعش الإرهابي و مرتزقة الفاشية التركية طالبت الأخيرة أمس الأثنين المُصادف ل الثامن و العشرون من الشهر الجاري ديسمبر قوات التحالف الدولي تقديم دعم جوي بعد فشلها برياً في إحتلال المدينة . الخلاصة هي بأنه من الواضح بأن كل من روسيا و أميركا غير راضيان عن إحتلال الأتراك لمدينة الباب السورية و هذا ما تؤكده الأحداث الجارية .عدا عن ذلك فأن هذه المنطقة تعد من مناطق النفوذ الروسية في البلاد و هذا يعني بأن السيطرة عليها بحاجة لتوافق روسي _أميركي مزدوج و لهذا سميت مقالي بهذا العنوان بكون تركيا وقعت في ورطة لا تُحسد عليها تضعها أما خيارين لا أكثر إما أن تتنازل و ترضح لشروط الروس و الأميركان , و إما تضع نفسها في خانة العداء للجميع.[1]