كوباني الصخرة أمام الغطرسة الأردوغانيّة
أهي نهاية شهر العسل الداعشيّ الأردوغانيّ؟
كلّ قرن تخرج مدينة تلخّص تاريخ النضال المجتمعيّ، كانت ستالينغراد، وهذا القرن كوباني، وكلّما مرّت الأيام ودارت رحى السنوات استنبطت الأفكار الجوهريّة من مقاومة كوباني، وكان لا بدّ من تحليل فكرة الحماية الذاتيّة ومفهومها، وفكرة الإدارة الذاتيّة، ووحش الدولة القوميّة، وتحليل الإرهاب ومدى وحشيّة الإرهابيين، وكيف أن كوباني لم تواجه تنظيم داعش الوحشي فحسب، وإنما واجهت الدولة التركية بكلّ سطوتها وجبروتها، ووقفت سدّاً منيعاً أمام مفهوم الدولة القومية، وواجهت أدواتها الصهريّة والإباديّة بأدوات المجتمع الديمقراطي الأخلاقي السياسي.
فصمت العالم أمام هذه الحرب الشعواء وإعلان أباطرة العصر الحديث أنهم ضد هذا التنظيم، وأنهم يحاربون هذا الإرهاب من خلال ضرب مواقع بعيدة عن ساحة القتال في كوباني، وتغاضيهم عن الدعم العسكري اللا محدود لداعش عبر الشريط الحدودي، وإغلاق المنافذ على كوباني، وعدم الاعتراف بهذه المقاومة الوحيدة لهذا التنظيم قد عرّى الإسلام السياسي الذي تولد عنه تلقائيا الإسلام المتطرف، وبذلك سقط القناع عن أردوغان.
وهذا ما اقتنعت به أميركا ولمّا تجدِ البديلَ بعد لهذا المشروع الإسلامي الذي اعتمدته حلّاً بعد فشل الدولة القوموية من خلال إسقاط صدام، وعدم الوصول إلى مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يؤجل دائماً دون أن توضيح السبب، بل يؤكّد عجز الاحتكار أمام المجتمع الذي بات يدرك مسؤوليته، كلّ ذلك أدّى بهذه الدول الرأسماليّة العالميّة إلى خلق حالة من الفوضى العارمة، وسياسة ضرب المصالح وتنازعها، للوصول إلى حلّ يرضيها.
لكنّ هذه السياسة الفاشلة الجديدة التي تظهَرُ طارئاً على سياسات الاحتكار العالمي، والحداثة الرأسمالية المتخبطة الّتي لا تستطيع أن تتواءم مع المجتمع الديمقراطي، ولا تستطيع أن تقنعه، أو بالأحرى تزداد الهوّة بين المجتمعات وبين الأنظمة التي تقف عالة عليها.
وقد كانت تجربة كوباني كافية لتعرية الفوضى السياسية الهائلة، فالكلّ يحارب الكلّ، وتتضارب المصالح، خاصة النظام التركي الذي وقع بين إسفين الكورد الديمقراطيّ، وبين الإسلام المتطرّف الشوفيني اللاأخلاقي، ومن ناحية أخرى النظام الدوليّ الذي يدّعي أنّه يحارب داعش، ومن ناحية أخرى وهي الأهم؟؛ ماذا بعد ضرب تنظيم داعش؟
إنّ المحاولات والمراهنات الفاشلة التي مُني بها أردوغان بعد تمييع الثورة السورية التي وضع كل بيضه فيها، وبعد التناقض بين القول والفعل على الأرض، قد باءت بالفشل أمام صخرة كوباني، وكانت ومازالت السياسة التركيّة فاشلة ومدمّرة لتركيّة عندما يتعلّق الأمر بالكورد، وبأيّ أثنية أو شعب غير الشعب التركيّ، ولمّا يدرك النظام التركي بعد أنّ الغلاديو والقوّات الخاصّة المدرّبة على محاربة جيش التحرير الكردستانيّة تشكلان خطراً كبيراً على تركيا نفسها بل على شعوب منطقة الشرق الأوسط برمّته وستنسف مشروع السلام برمّته.
إنّ تركية وداعش لم تحسبا حساب فشل داعش على #كوباني# كما فشلت في سري كاني وغيرها، وهذا الفشل بات الطريق إلى النجاح النهائيّ للمجتمع الأخلاقي السياسيّ الّذي طالما دعا إليه القائد عبد اللّه أوجلان في مرافعاته.[1]