ماذا يعني 23 شباط في تل تمر
بد الرحمن حسين

منذ بداية الأزمة السورية وفي ظلّ هذه الظروف الدولية على إثر الخارطة الجديدة للشرق الأوسط من قبل قوى الهيمنة العالمية وترميم الاتفاقيات القديمة بصيغة جديدة في منطقة الشرق الأوسط، وفي ظلّ هذه المرحلة العاصفة من تاريخ الشرق الأوسط الكبير حيث من المفترض أن تكون ثورة الشعوب ضد الأنظمة الاستبدادية التي وضعها الاستعمار الغربي أكثر منذ مئة عام، وفي هذا السياق قامت الثورة السورية العظيمة أسوة بشقيقاتها من الثورات العالمية ضد جمهورية الرعب والفساد والنظام البعثي الشوفيني المتطرف ولم تبقَ بلدة في سوريا وروج آفا إلاّ ونالتْ نصيبها من هذا الغزو الاستعماري المعتمد في أسسه على القوى الظلامية في هجومها على أبناء المنطقة. وتل تمر هي إحدى البلدات التي تعرضت للهجوم من قبل هذه الجماعات منذ بداية الأحداث السورية، تارةً تحت اسم الجيش الحر وتارةً تحت اسم أحفاد الرسول وتارةً تحت اسم جند الشام وجبهة النصرة، إلا أن الأهالي في #تل تمر# بكل مكوناتها استطاعوا إفشال هذه المؤامرات على بلدتهم الجميلة،
حيث تمّ تشكيل مجلس للسلم الأهلي من قبل أبناء هذه البلدة الطيبة في أصولهم للحفاظ على وحدة النسيج السوري، وأصبحت تل تمر منذ ذلك الحين نموذجاً تحتذي بها البلداتُ المجاورة، إلا أن الفساد والفتن الطائفية كان لها دورها السلبي في تلك الفترة لزعزعة الأمن والاستقرار في المدينة، لذلك اضطرت وحدات حماية الشعب للتدخل لإنقاذ ما يمكن انقاذه من الإرث الحضاري للمدينة، ورغم التغيرات الحاصلة في مجرى الأحداث السياسية الجارية بالمنطقة والتوازنات الجديدة بين قوى الهيمنة العالمية، حيث تم تشكيل فصيل مسلح آخر يدعى #داعش# ، وكان من أهم الأولويات لداعش وأعوانها السيطرة على مدينة تل تمر، لما تتمتع به هذه المدينة من موقع استراتيجي حيث تربط بين سري كانيه والحسكة وبين القامشلي وطريق حلب التجاري في المنطقة، كما أنّ تل تمر تعدّ مركزاً اجتماعياً واقتصاديا وسياسيا لما تحتويه هذه المدينة من موزاييك ثقافات الشعوب المتعايشة في المنطقة، حيث تعرضت تل تمر أكثر من مرة إلى هجوم من قبل مرتزقة داعش بمساعدة بعض الشخصيات ضعيفة النفوس التي لها مصالح مع تلك الرموز والمرتزقة إلا أنه وبفضل نضال وحدات حماية الشعب والمرأة ووقوف الأهالي سداً منيعاً أمام هذه الهجمات من قبل مرتزقة داعش، وكانت مدينة تل تمر تدفع ثمن هذه الهجمات من دماء شبانها وشاباتها. غيرَ أن أشرس وأعظم هجمة تعرضت لها تل تمر هو يوم #23-02-2015# من قبل تلك القوى الظلامية وبخيانة من قبل بعض الأهالي وخاصة من قبل قريتي الغيبش والعوجا، وعلى إثر هذا الهجوم وقعت أكثر من 13 قرية آشورية تحت سيطرة داعش ونزح الكثير من الأهالي، وبعد دخول داعش تدخلت وحدات حماية الشعب والمرأة لإنقاذ الأهالي من داعش وفتح ممر آمن لهم وأصبحت مدينة تل تمر مدينة الأشباح، ولم يبق في المدينة سوى بعض المدنيين وبعض الرفاق من مؤسسات حركة المجتمع الديمقراطي وعدد من أعضاء حزب الاتحاد الديمقراطي pyd ومؤتمر ستار للوقوف الى جانب ypg و ypj، والقوى الأخرى المنضوية تحت إدارة وحدات حماية الشعب، ولكن داعش لم يقف عند حدود هذه القرى، فقد كان هدفها السيطرة على مدينة تل تمر، بعد أن مني داعش بضربات كبيرة في كل من كوباني وشنكال على يد وحدات حماية الشعب في تلك المناطق، حيث خطط داعش لحملة كبيرة جداً للسيطرة على مدينة تل تمر، وكان ذلك فجر يوم السبت #07-03-2015# ، حيث شنّ تنظيم داعش أكبر هجوم على مدينة تل تمر مستخدماً كافة أنواع الأسلحة الثقيلة، حتى تدخلت وحدات حماية الشعب بالتنسيق مع قوات التحالف الدولي، والهدف من هذا الهجوم كان السيطرة على طريق سري كانيه – الحسكة، وبعد تطورات الأحداث الميدانية في المنطقة أطلقت وحدات حماية الشعب حملة تحرير المدينة تحت حملة القيادي روبار قامشلو التي انطلقت في 6 -06، حيث تم تحرير مدينة تل تمر وقرى الخابور الآشورية بأكملها، وكانت المرحلة الثانية تحرير خط جبل كزوان ( جبل عبدالعزيز ) حيث تم تقدير المساحة الإجمالية التي تم تحريرها في حملة الشهيد روبار قامشلو حوالي أربعة آلاف كيلو مترمربع، ومن بعد هذه المعارك، حيث قدم أهالي تل تمر من فلذات أكبادهم، أصبحت تل تمر رمزاً للمقاومة والبطولة والفداء في كانتون الجزيرة بجانب شقيقاتها من مدن روج آفا سري كانيه والحسكة، كذلك يجب على أهالي تل تمر التذكر دائما ماذا يعني لهم 23 شباط عام 2015، وبعد حملة التحرير حيث أطلقت وحدات حماية الشعب والمرأة حملة في كافة القرى التي تم تحريرها لنزع الألغام التي خلفها مرتزقة داعش في المنطقة، حيث باشرت الفرق الهندسية في نزع الألغام حيث فقد حوالي 20 مقاتلاً حياتهم في هذه الحملة إيماناً منهم بضرورة بتنظيف القرى وعودة الأهالي إليها بأمن وسلام، إلا أن داعش وبعد تحرير المدينة استهدف مدينة تل تمر بثلاث انفجارات ضخمة لزعزعة الأمن والاستقرار دون تفريق بين الكردي والآشوري والعربي.[1]