ماذا ينتظرنا في الرقة وما بعدها؟
خالد عمر
بدأتْ قواتُ سوريا الديمقراطية بقيادةِ عمودها الفقري وحداتُ حمايةِ الشعبِ والمرأةِ بالمرحلةِ الأخيرةِ والحاسمةِ من معركةِ تحريرِ الرقة، وذلكَ بعدَ إشهار الشراكة فيما بينهما؛ هي وقوات التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية التي تشكل مركز المراكز لقوى الهيمنة العالمية، وسوف تكون هذه المعركة من حيث مجرد كونها حدثاً مفصلياً، ومن حيث ما سيتمخض عنها من نتائج.
سوف تكون معركة البداية في مسار الحل العسكري بعد أن اتضح انعدام الإرادة من أجل حل الأزمة السورية حلاً سياسياً، وسوف يكون من الأصح أن نقول بأن الحل السياسي سوف يكون تحصيل حاصل بعد انتهاء العمليات العسكرية بسبب ما آل إليه الوضع السوري من تدهور، حيث انسدت كافة الطرق المؤدية إلى حل سياسي، ومع هذا الانسداد سوف يكون الحل السياسي المتحصل في نهاية المطاف العسكري مصنوعاً بيد الأقوياء والمنتصرين، وبشروطهم ووفق ما تقتضي مصالحهم.
ما هو متوقع حالياً ولما بعد الرقة هو قيام قوات سوريا الديمقراطية بتحرير إدلب ودير الزور والأجزاء المتبقية من مناطق الشهباء، وإيصال مناطق الشمال السوري و#روج آفا# ، وعمقها الجنوبي مع البحر الأبيض المتوسط، أما كم سوف يتطلب ذلك من الوقت فالأمر مرهون بالظروف والاصطفافات والتوافقات الجديدة المحتمل ولادتها بعد تحرير الرقة.
لا يمكن التغاضي عن مسألة أن النظام السوري وحلفاؤه قد نجحوا في تغيير واجهة الحرب الدائرة، من حرب فيما بين النظام والمعارضة إلى حرب فيما بين النظام والإرهاب، وذلك في المناطق السورية الأخرى – سوريا باستثناء شمالها والرقة ودير الزور – وبالتالي يمكن التكهن إلى حد ما بأن من سوف يجلس على طاولة المفاوضات هما طرفان لا ثالث لهما، الطرف الأول سيكون مجلس سوريا الديمقراطية، والطرف الثاني سوف يكون إما النظام أو مجلس منبثق عن المعارضة المنتصرة عليه، حيث أن مسألة بقاء النظام القائم لا تزال ضبابية، وإن لسان حال الإدارة الأميركية في الوقت الحالي يقول باستحالة استمرار بقاء النظام، خاصة وأن روسيا باتت أقرب لتخليها عن النظام من تمسكها به.
من ناحية أخرى لا يمكن فصل المسألة السورية عن جواريها العراق وتركيا فالثلاثة يؤثرون ببعضهم، فتركيا الغارقة في المشاكل، والتي لا نبالغ إن قلنا بأن إدارتها تقف حافية القدمين على صفيح من نار، لن تستطيع أن تستمر طويلاً في تدخلها الفاضح في الشأن السوري، وأن ملفات إدانتها بدعم ورعاية الإرهاب قد يتم تفجيرها وفتحها بأية لحظة، إضافة إلى حربها المهزومة مع حزب العمال الكردستاني، وتدهور وضعها السياسي الداخلي والدبلوماسي الخارجي، ووصولها إلى حالة من العزلة الشديدة، والتي اوصلتها إليها عنجهية أردوغان وأنانيته وغباؤه، وكذلك العراق الذي يخوض معركة تحرير الموصل، متزامنا مع تلويحات قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني بمسألة الاستفتاء والاستقلال، فالوضع في المنطقة المقسمة بحدود اصطناعية (سوريا وتركيا والعراق ) له قاسم مشترك واحد، والذي هو القوة السياسية والعسكرية الكردية.
ربما سوف لن ينتهي الحسم العسكري المفضي إلى مفاوضات جدية قبل أن تكون قوات سوريا الديمقراطية قد تجاوزت الحدود الإدارية لاقليمي/مقاطعتي الرقة ودير الزور، فهي في النهاية قوات وطنية سورية، وتُعْتَبِرُ كامل التراب السوري ميداناً لحربها المقدسة ضد الإرهاب والاستبداد. وبالتالي فإن ما ينتظرنا في الرقة وما بعدها هو الانتصار، أو الانتصارُ وليس أي أمر آخر سوى الانتصار.[1]