الأرض لمن يدافع عنها ….. ويرويها بالدم
عامر طحلو
إذا بحثنا في سجلات شهداء روج آفا, لن نجدَ عائلة فيها إلا وقدّمت شهيداً على الأقل قرباناً لهذه الأرض الطاهرة. فمع بدء الثورة السورية، كان الكردُ كسائر السوريين مواكبين لها ومتعاطفين مع باقي أبناء المحافظات. ولأنَّ القلبَ الكرديَّ صافٍ, ولا يحمل أيَّ حقدٍ أو كره أو مكر, فقد تأثرَ بالأحداث في درعا وحمصَ وبانياس وغيرها من المجازر بحق المدنيين, وخرج يهتفُ مندداً بهذه الجرائم, وكان شعاره البعيد كل البعد عن الطائفية: ( واحد واحد واحد, الشعب السوري واحد ).
ولكن عندما استولى تنظيمُ ما يُعرف بأحرار الشام على مدينة سري كانيه (رأس العين ), وأنزل العلمَ الكردي وطرحه أرضاً, مشيراً لفكرة أن ( ليس لكم شيء في سوريا ), وأهان الكرد, استدعتْ هذه الحادثة أنْ يتخذ الكردُ موقفاً يخدم تطلعاتهم ويصون كرامتهم وكرامة أهالي روج آفا, فكان الردّ مزلزلاً بطرد هؤلاء المرتزقة من #سري كانيه# , وإنشاء قوةٍ من شباب روج آفا تحت مسمّى ( وحدات حماية الشعب ووحدات حماية #المرأة الكردية# ), لتكون حاميةً لروج آفا, ودرعاً حصيناً في وجه مَن يحاول الاعتداءَ عليها.
فأثبتتْ هذه القوةُ أنها الوحيدةُ في سوريا, القادرة على دحر الإرهاب, وسارعت مكونات المنطقة من عرب وسريانَ وآشوريين للانضمام إليها, لا بل استقبلت مقاتلين من كافة دول العالم, الذين آمنوا بأن الكردَ شعبٌ مظلوم, وأن واجبهم الأخلاقي يلزمهم بالدفاع عن الظلم ودحر الإرهاب.
في نفس الوقت, بدأت حربٌ إعلامية شرسة ضدَّ هذه #القوات الكردية# من قبل البعض، وفي مقدمتهم أبناء جلدتهم الذين فرّوا من روج آفا مع عوائلهم, وأصبحوا يقبضون الدولارات مقابلَ تشويه صورة هذه الوحدات, وأبناؤهم يعيشون حياةً مرفهة, ويدرسون في أفخم المدارس, آمنين مطمئنين, في حين أنه لا يمرّ يومٌ إلا ويسقط فيه شهيد من زينة شبابنا و بناتنا, في سبيل هذه الأرض.
هذه الشخصياتُ التي فرّت من روج آفا, ولحقهم الكثيرُ من المواطنين الذين ينضوون تحت تنظيماتهم, ادعت أنها الممثلُ الوحيدُ لكرد سوريا, وحاولت أن تؤكدَ ذلك في المحافل الدولية, عن طريق داعميهم من دول وتنظيماتٍ لا تريد أيَّ خيرٍ للكرد.
والآنَ, وبعد خمس سنوات على ثورة روج آفا, استطاعت وحداتُ حماية الشعب ووحداتُ حماية المرأة, تطهيرَ مناطق روج آفا من رجس الإرهاب, ونشر الأمن والسلام فيها, وإنشاء نظام مؤسساتي خدمي يسيّر أمورَ المواطنين, وارتوت هذه الأرضُ من دماء أبنائها, فلا تجدُ عائلةً ولا شارعاً ولا حياً ولا قريةً إلا وقدّمت شهيداً لهذه الأرض.
والشيءُ الذي يخالف المنطقَ أنّ الذين تركوا روج آفا, وهربوا إلى كل بقاع الأرض, يصيحون أنهم يمثلون كردَها, وأنهم شركاءٌ في مكتسباتها, وأنهم هم أصحاب الحق, على الرغم من أنهم وعائلاتهم لم يذوقوا ولو عينةً مما ذاقه أبناء روج آفا من حروب وتهجير وقتل وتفجيرات وقصفٍ ومعاناة من الحصار وانقطاع الكهرباء والماء, وفقدان أبسط متطلبات الحياة, والأهم أن أولادهم يعيشون برفاهية, بعكس أولادنا الذين حرموا من كل شيء, وهم ونحن كنا وما زلنا مشاريعَ شهداء.
فكيف سيقبل ذوو الشهداء أن يتقاسمَ هؤلاء مكتسباتِ روج آفا معهم, وهم لم يقدموا أيَّ شيء لهذه الأرض, فالأرضُ يا رعاك الله لمن يدافعُ عنها ويرويها بالدم.[1]