مآسي #شنكال# في تجاعيد وجوه أهلها
هيلين عثمان
شنكال .. مرت ثلاث سنوات على وحشيتها، و كلما ذُكِرَ هذا الاسمُ يظنُّ أحدنا وكأنّ الكارثةَ حدثت يوم أمس. لا يمكن لأي كان إلا أن يصفَ هذا الحدث بالكارثة الإنسانية.. لأنها تُعتبَر من أفظع الأعمال الإرهابية التي حدثت في تاريخ البشرية. هذه المرة أقدم التنظيمُ الإرهابي داعش على هذه الكارثة وسخّر قسماً كبيراً من دمويتهِ وتعطشهِ للتنكيل والتدمير والقتل في شنكال واستهدف البشرَ والحجرَ… كانت تلك الأيام من أصعب الأيام التي عشناها وكأننا نحن من كنا نسكن فيها … ورؤية تشرّد الأطفال و جوعهم وعطشهم في تلك السفوح قطعت أنفاسنا لدرجة كبيرة جداً.
وكانت رؤية كبار السنّ العجائز ومحاولتهم الابتعاد رغم عجزهم عن المشي منظراً يقشعرُ الأبدان, و الظلم والأسى يبدو واضحاً في تجاعيد وجوهم…, نساء قُتِلَ أهاليهم، وأخريات تم اغتصابهن أو سبيهن؛ نعم في هذا العصر تعرضنَ للسبي والاغتصاب وأصبحنَ سلعة في سوق النخاسة وبيِّعنَّ كجواري..
عوائل كثيرة تشردت وتقطعت أوصالها بين أبٍ باحث عن أطفاله، وزوجة فقدت زوجها وأطفالها، وأطفال لا يعرفون عن ذويهم شيئاً، إبادة جماعية؛ نعم قتل، وتشريد، وبطش… حدث كل هذا وربما أكثر؛ فقط بذنب اختلافهم بالمعتقد، فأي عقل وأي ضميرٍ يمكن أن ينسى هكذا مأساة..
كلما تم الحديث عنها نشعر بها وكأنها حدثت الآن، هول المشهد وقبحه لازال حاضراً في الأذهان.. وأصوات الاستغاثة لازالت تطنّ في الآذان.
شنكال لن تُنسى؛ ستظلّ راسخة في أذهاننا ومطبوعة على قلوبنا، فقد كانت من أشنع المجازر التي شهدتها البشرية في القرن الواحد والعشرين، كانت من أقوى الاختبارات للضمير الإنساني الذي ربما سباته كان أقوى من صرخات أولئك النسوة في أسواق النخاسة، وحتى اللحظة التي نعيشها اليوم ما زال مصير المئات من أهالينا في شنكال مجهولاً..
من جانب آخر لا يمكن لأحدٍ أن ينسى الدور الذي قامت به قواتنا في YPG /YPJ/ في شنكال وضواحيها، هذه القوات هي مصدر فخر واعتزاز لا حدود له، فقد تدخلت بشكل فوري وحالت دون اتساع حجم الكارثة، ومن أجمل المناظر التي لا يمكن أن تغيب عن ذاكرتي مشهد كان يختزل الفروق الشاسعة بين إنسانيتنا و وحشيتهم.. كان المشهد لأحدى لبواتنا في وحدات حماية المرأة حيث تحمل السلاح في يمينها والماء في يسارها، وتسقي أحدَ الأطفال الناجين من المأساة، ويكاد العطش أن ينهي حياته، و مشاهد أخرى كثيرة جميعها تتلخص في مدى إنسانية وعظمة الرسالة التي يحملها أبطالنا في هذه القوات، ويظهرونها بأبهى الصور بل أكثرها إشراقاً أمام أعين العالم، وليدرك العالم أننا أصحاب حق، ونملك من العزيمة القدرَ الكبيرَ وسوف نعلنها للجميع, الشعب الكردي شعبٌ حي ومحب للإنسانية ومنفتح على جميع شعوب العالم، ولن يستطيع الإرهابُ مهما بلغ حجم وحشيته أن يثنينا عن حقوقنا.[1]