ايهما يدير السياسة جيدا العلم ام الدين
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4885 - #02-08-2015# - 12:40
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لا نريد ان ندخل من الجانب الفلسفي و الاختلافات الجوهرية بين العلم و الدين بشكل كامل وشامل و انما نريد ان نوضح كيفية ادارة العلم او الدين للسياسة و ايهما افضل و انسب و انجح من حيث مصلحة الناس و حياتهم العامة و الخاصة . ان كانت المعرفة المبنية على العلم اي العقلانية في العمل و النظر الى الحياة وفق ضوابط علمية بعيدة عن كل ما لم يمت بالواقع الملموس و العمل التجريبي بشيء، او المعرفة المبنية وفق ضوابط دينية مستندة على الميتافيزيقيا و النصوص الجامدة التي لا تغيير في محتواها وا مكنونها و معانيها، فاننا نكون بين اختيار ماهو الحقيقي الصحيح الملائم المفيد و المزيف المضلل المؤقت .
العِلمانية او العَلمانية اي الحياتية و ما موجود في حياة الانسان بما تستند على اسس علمية ملموسة تتعامل مع الموجود بما تحصل عليه في النتيجة و ليس في الامر مكان اخر غير الحاضر او المكان الذي نعيش . فبه يتعامل الحامل للخلفية العلمانية او النظرة العلمانية الى الحياة بما يمكن ان يحصل عليه وفق منظوره العلمي الواقعي بعيدا عن الخيالات و التاجيل المقنع للامر و الحاضرو الموضوع للخيال بما يمكن ان يؤثر على النفس فقط بعيدا عن الحقيقة و بمعنى تضليل الذات من حيث النظرة و العقلية و الفعل ايضا .
هناك عوامل تجعل ايمان الفرد باي منهما قبل الاخر، الخلفية و البيئة و المستوى الثقافي و المعرفي و الظروف النفسية الحياتية التي تحيط به منذ ولادته . فان اسهل الطرق التي لا يتعب و لا يحتاج الى جهد عقلي و عضلي هو الاستناد على الدين في ادارة البلد او السياسة ، لكون الحجج حاضرة لتغطية النقص و الاقناع قائم على التضليل و اليوتوبيا . اما الاستناد على العلم و المرعفة العلمية فتحتاج الى جهد مضني و حجج مقنعة و محاربة الحاضر الموجود المضلل و الممانع للحقيقة .
اذا كانت الفلسفة حلقة الوصل بين العلم و الدين في عالم غير مكشوف المكامن، فاننا لا يمكن ان نجنب انفسنا من الخوض فيها من اجل بيان الحقيقة في اكثر الاحيان و ان كان الخوض لا يفيد السياسة المعتمدة على العلمانية في واقعنا بشيء . فنجد ان الفلاسفة يخلطون دائما في امر اليقين مع الشك في جميع المواضيع و منها ما نعني هنا في السياسة و كيفية التعامل مع الحياة و الاسس التي يجب ان نختار كي نحصل على النتيجة المرجوة و هي دائما حياة افضل للانسان بعيدا عن بعض المباديء الاساسية المتوارثة التي تفرض نفسها عليها نتيجة التعايش و ما تكتسبه الافراد من مسيرة حياتهم العامة و ما يختص به اي منهم الذي يختلف به عن الاخر بشكل ما، اي، و ان اعتبرنا الفلسفة علما او بحثا عن الصحيح بطرق و عقلية علمية يمكن ان يقابلها البحث بطرق دينية خيالية معتمدا في اكثر الاحيان على الاقناع الذات بنصوص حاضرة موجودة في المقدسات بعيدا عن المنطق .
فان العلمانية التي نلمسها اليوم في الدول المتقدمة من حيث ادارة البلد سياسيا جاءت نتيجة التقدم الحاصل في العقلية المعتمدة على العلم و المعرفة بخلفية و ضوابط علمية سواء بمرور الزمن او بالاحتكاكات للدول العلمانية مع البعض، و بعد تاريخ دموي مرير احتوى على سيطرة الخيال و الميتافيزيقيا و ما افرز على حياة الناس .
اليوم و نحن في شرق مليء بالافكار و الفلسفات المتراكمة تاريخيا نتيجة التقلبات التي حصلت دون انتقال الى مراحل متقدمة يمكن ان تبدا فيها خطوة الاستناد على سكة العلمانية الديموقراطية الحقيقية في السياسة و ادارة البلاد بعد محاولات عدة منذ مدة، امامنا طرق مختلفة كي نخطو بشكل صحيح و بنجاح دون رجعة، اما ان نقلد الغرب و العالم العلماني المتقدم خطوة بخطوة مستندين على الاسس ذاتها دون قيد او شرط، او نعتبر للاختلافات الجوهرية المادية و المعنوية الموجودة لتجنب الافرازات السلبية في اتباع العلمانية في السياسة نتيجة عدم تكامل العصارة العقلية المستوعبة للعلم دون اي شيء اخر ، او نخلط مابين الحالتين بما يهم كل مكان الذي له خصوصياته التي تختلف بدورها عن الاخر القريب منه ايضا في هذا الشرق المليء بالتناقضات .
و هنا يبرز من يدير السياسة، اي الشخصيات و الخلفيات التي تحملها و كيف تتعامل مع الواقع و باية عقلية، ان كانت خلفيتها علمانية و دون اي اعتبار لاي شيء اخر فاننا ربما ندخل مطبات و متاهات لما نجد من السدود نتيجة هذا الوعي العام الموجود و الثقافة السائدة التي لا تناسب العلمانية الصرفة او الخلفية العلمانية الحاكمة المجردة من اي مؤثر اخر موجود نتيجة تراكمات التاريخ و افرازاته، وهنا يبرز الاحتياج الى قوة عادلة او ثورة علمية للتنمية البشرية التي هي الاساس لاتباع العلمانية في الحياة، ان تلائمت علمانية الشكل بوجود نقص فيها مع العقلية العامة للمجتمع و الوضع الاجتماعي السائد فانه سيطيل من الوصول الى العلمانية الحقيقية الخالية من غبار الخيال و الخلفية الدينية البحتة . اذا، السياسة التي تُدار بعقلية و خلفية علمانية صرفة و ان كانت هناك احتمالات لتاثرها بالموجود فانها تقصر الطريق للوصل الى مصافي الدول العلمانية الاخرى في وقت ما . و عصارة الفكر الذي نبني عليها الراي الذي يفرض علينا ان نقول بان العلمانية هي الافضل في ادارة السياسة مستندة على اعتماد الحقائق وهو الطريق الصحيح و ان كانت موحشة نتيجة عدم بلوغها من قبل الكثيرين.[1]