ايهما الاَولى النضال القومي ام الطبقي في كوردستان
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4807 - #15-05-2015# - 13:50
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
لاشك ان الطبقة العاملة اينما وجدت هي الاولى بالنضال والدعم بعيدا عن التعصب و الخلافات ذات الاسس العرقية و العقيدية لتحقيق اهدافها، و يجب ان لا يكون التميز او الفرق في النضال و الدعم مبنيا على عرق او عقيدة او لون لمن ينتمي لهذه الطبقة مع اخرى من حيث المصالح التي تهمها و الاولوية لديها . هذا الكلام مستند على الماركسية نصا فكرا و فلسفة، و هذا ما نصل اليه اينما كان النضال في نهاية المرحلة و منها ننتقل الى الاشتراكية و الشيوعية في اخر المطاف . و لكن، هل يمكن ان تكون الاولوية لاي منهما في واقع و مكان لم تحقق فيه شعوبه اهدافه و لم تحصل على ابسط حقوقهم السياسية و الاقتصادية في الوقت الذي يكون المانع و السد المنيع لتحقيق تلك الاهداف الطبقية هو الخلافات و الموانع العرقية و العقيدية التي تفرض نفسها و تمنع اي ابراز للنضال الطبقي .
هناك دول لازالت تعاني من الضيم الحكومي و الحكم المركزي و تقسيم الشعوب الى درجات اولى و ثانية و ثالثة في حياتها الطبيعية اليومية و تعامل السلطات معها، و تكون تلك الاختلافات مبنية على العقائد و الافكار المبتذلة التي لا يمكن استئصالها الا بثورة شاملة . فان كانت الارضية لا تساعد و المقومات الضرورية للثورة من حيث الوعي العام و الثقافة و الامكانيات المادية و المعنوية غير موجودة لاشعال ثورة مدنية شاملة توصل الحال الى النضال الطبقي، و تؤكد الحال على الصراع القومي و العقيدي و تفرض نفسه بقوة حتى على من لا يؤمن بالصراع العرقي، فانك تضطر الى تغيير الاولوية من اجل الاعتماد على تحقيق الجزء الذي يمكن ان تحققه اكثر من الانتظار لتحقيق الكل بعملية سياسية نضالية واحدة متاخرة جدا .
من يدقق في حال العراق و ما فيه من المكونات العرقية و الدينية و المذهبية يرى بشكل جلي ان النضال الطبقي مختفي و مغطى بما موجود من الوضع الاجتماعي الثقافي السياسي، و يجد اي منا الفروقات الشاسعة بين حياة المكون عن الاخر من جميع النواحي، و الاختلاف نابع من تاثير موروثات التاريخ و البنى التحتية و الفوقية لكل مكون عن الاخر، و عليه لم نجد صلة واقعية على الارض بين الطبقة العاملة لهذه المكونات، و حتى هذه الطبقة مبتلية بافكار و عقائد و توجهات ليس لصالحها دون ان تعي ذلك . الملايين التي تزور الائمة مشيا على الاقدام هم من الطبقة الفقيرة المغدورة المعدومة، الملايين التي تزور الائمة و تهب بما تدخر من قوت ابنائها و تسرقه المرجعيات هم من هذه الطبقة، الملايين التي تضحي بكل ما يملك من اجل نصرة حزب اسلامي هم من هذه الطبقة، و الملايين التي تلبي دعوة المرجعية دون ان يعلم ما لصالحها هم من هذه الطبقة، و في المقابل ما نجده ان الملايين التي تصوت لحزب محافظ عشائري قبلي او مستند على حلقة ضيقة هم من هذه الطبقة، و الملايين التي تذهب الى الجبهات لتقاتل دون اي تلكؤ او تملص مؤمنا بنضاله القومي و بارضه و تقديس كل ما يعيش عليه دون ان يعلم مصالحه الطبقية هم من هذه الطبقة، من ناحية اخرى الملايين التي تؤيد او ترضى على الاقل بابشع تنظيم دموي مجرم قاتل ارهابي هم من هذه الطبقة و الملايين التي تقاتل المكون الاخر استناد على الفروقات العرقية و المذهبية هم من هذه الطبقة . اي نجد من هم دائما في مقدمة النضالات المختلفة الا نضالهم الخاص الحقيقي هم من الطبقة الكادحة التي يجب ان تربطها المصالح الطبقية المشتركة و تفرض نفسها عليهم، و للاسف لم نجد من يدافع عن حقوقهم الطبقية الطبيعية و هم مبتلون بهذا الواقع الذي تسيطر عليه العقليات الطوباوية و الدينية المذهبية و العرقية و التي لا تقترب من المصالح الطبقية الذاتية للطبقة العاملة الكادحة من قريب او بعيد .
اذا حللنا واقع الحال بين هذه المكونات، و قرانا ما فيه كوردستان، اننا نتيقن بان النضال العرقي قد تقدم على اي شيء اخر بحكم الواقع، و هذا لا يعني ان يقف من يؤمنون بالنضال الطبقي ضد هذا التوجه، و الانسب ان يحتسب للاولوية المفيدة في المرحلة المعينة التي تفرض تسلسل الاولويات الواقعية و ليس الافكار و الفلسفات، اي لا يمكن لمجموعة ماركسية مؤمنة بالمساواة و تحقيق اهداف الطبقة العاملة ان تقف ضد التيارالقومي المغطي للواقع و العقول، بل عليها ان تقف و تنظر الى الامور بشكل واقعي و تختار الموقف العلمي الصحيح بقراءة الواقع اكثر من النصوص المعتمدة نظريا .
اليوم ما موجود في كوردستان و ما تؤمن به الاكثرية الساحقة هو تحقيق الاهداف القومية الكوردستانية اكثر من النضال الطبقي لطبقة ما ، فلا يمكن لاي كان ان يقف حجر عثرة امام ما يفرضه و يتطلبه الواقع، فالافضل لمن يعتبر نفسه يساريا ان يرتب اولويته على ما يفرضه الواقع كي لا يتخلف المسيرة او يتاخر عنها و يخسر الاول و الاخير ايضا، اي، تحقيق الاهداف التي لا تمنع النضال الطبقي في مرحلة تالية هو الامر الواقعي الذي يفرض نفسه على اليسار الكوردستاني اليوم مهما ادعى المثاليين اليساريين و تحفظوا عن النضالات التي تفرض نفسها قبل النضال الطبقي .
و كل الدلائل تشير الى ذلك او التاريخ يعلمنا ان النضال القومي قصير الامد لو قورن بالنضال الطبقي الحقيقي الذي يحقق الانسانية كمفهوم ملائم للطبقة العاملة من اجل تحقيق امالها و امنياتها و من ثم تفرض المصالح المشتركة على توحيد الطبقة بعيدا عن العوائق المثالية من الدينية الى القومية، و من يعبر مرحلة النضال القومي سريعا يتخلص من الشوائب التي تفرض عوائق على النضال الطبقي . اذا، النضال القومي الذي فرض نفسه على كوردستان و تشتد اواره نتيجة الصراع الدائم بين مركز كل دولة مع الجزء الكوردستاني الملتصق بها وتزيد حدتها وتغطي على كل مصلحة للطبقة الكادحة و تؤخر المرحلة التي يجب ان تُعبٌر بسرعة، و كلما انتهت بسرعة او قُصٌرت من الفترة الزمنية التي تتطلبها جاء النضال الطبقي الملحق بها بفترة قصيرة جدا . في كوردستان، لا يمكن ان يُقدم النضال الطبقي على الرعقي، و لكن بما موجود من التقدم الملحوظ من المقومات الضرورية للنضال الطبقي لحدما مواكبة مع النضال القومي فان المرحلة التي يمكن ان يستغرقها النضال القومي و ما يمكن ان تنتقل الى ما بعده من مرحلة النضال الطبقي قليلة جدا، و من يتابع يعتقد ان النضال الطبقي يفرض نفسه بعد التحرر و تحقيق الاهداف التي يرفعها جميع الطبقات اليوم . و به تكون كوردستان مثالا يحتذى به للعراق اجمع و ان كانت الطبقة العاملة العراقية غارقة في وحل العقائد و الافكار المثالية الدينية المذهبية و هي اخطر من المعوقات الناشئة من الافكار و العقائد القومية على الطبقة العاملة كما هي حال كوردستان اليوم.[1]