هل سيُعاد زمن الامبراطوريات في الشرق الاوسط ؟
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4786 - #24-04-2015# - 12:56
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
كانت هذه المنطقة مهد الحضارات و مصدر الامبراطوريات و مرتع لكل ذاهب و آت، و كما سجله التاريخ ارض خصبة من جميع الجهات و انبتت العلوم والفلسفات، و استفاد منها الشرق و الغرب لمراحل متعددة من سنين مضت سواء كانت لهو و لعب و خيرات ام قحط و متعجرفات .
ما يمكن ان يُعاد الى الاذهان بعض المراحل الخاصة من زمن الامبراطوريات و سيطرة احداها على المنطقة بشكل نسبي و ضعف الاخرى، و لكن منذ الفتوحات الاسلامية و غزو المنطقة و التغييرات التي حصلت في ديموغرافية المنطقة و تركيبتها، و لم تسترح من الصراعات التي انتهت في نتيجة مرحلية لبعضها لترجيح كفة طرف على حساب الاخر . من الناحية الفكرية الفلسفية لم تخرج اي منها من الاطار المحدد للاسلام دينا و فكرا و فسلفة و محتوى بعد ضعف المسيحية و ما كانت عليه، و لم ينجح اي طرف مهما كانت قوته في السيطرة بعيدا عن الوسيلة البسيطة و مقنعة و هو المباديء الاسلامية ليستند عليها من اجل فرض ما لمصلحته على الخير، و الجميع يخضع لمدة معينة و من ثم تبدا التذمر و الاحتجاج نتيجة انعدام العدالة في مضمون الفكر و الفلسفة الانسانية للنهج الاسلامي حكما و قانونا و عاداة و تقاليدا. اي المنتصر هو الغالب على الواقع و ما فيه و تنتشي الخاصة و تعيش حياة هانئة برفاه و سعادة على حساب العامة في كل الاحوال و باسم الرب و الطريقة التي اتخذوها لتكون لصالحهم حكما و سيطرة .
الامبراطورية الفارسية الساسانية لم تقصر في الامتداد قبل الاسلام و من خلاله و بعده و اخضعت المنطقة و وصلت الى اقاصي البقاع غربا و تمتعت بقدرة هائلة في اجتياح ما ارادت الوصول اليها و نازعت الرومان و سيطرت على هذه المنطقة دون منازع، و لازال الفرس يفتخرون بتلك المرحلة و يعتبرونها المرحلة الذهبية التي افيدوا فيها بعلمهم و علمائهم و فلاسفتهم العالم اجمع، و زرعت تلك المرحلة الغرور و التفاخر و التكبر في كيانهم لحد هذه الساعة، و لا يعترفون باحد مهما كان علمه و غزارة نتاجاته و ينسبون كل علم و معرفة لهم، قومية و اعتقادا و دينا و مذهبا . اما المبراطورية العثمانية و هي على غرار الفارسية اصبحت لها مرحلة امتدت و مدت هذه الامبراطورية المتخلفة مقارنة باخرى في جبروتها شرقا و غربا، الا انها لم تتمكن من الوصول الى عقر دار الامبراطورية الفارسية مهما حاولت، و انتهت محاولاتهم عند معركة جالديران و توزعت المنطقة عليهما و سحقت الاقوام الاخرى بين ارجلهم ، و اصبحوا من خلال الغزوات و التعديات التي حدثت تحت طائل امتداداتهم على ما يعتبرونه اليوم البعد التاريخي العالمي لمفخرتهم الامبراطورية .
اليوم، هناك نظرتان فوقيتان و قوتان تفتخران بماضيهما، و يعتبر كل منهما نفسه المحق في ادارة المنطقة وكما يعتبرانه لخير شعوب المنطقة بما يمتلكان من الفكر و الفلسفة و العقلية التي تفيد الجميع كما يزعمون، اضافة الى التشدد و القمع و الاستبداد البارز من الاسلام السياسي الذي يعتبر نفسه من له الحق في تطبيق ما حكم به الاسلاف عقلا و فكرا و حكما . اي برزت امبراطورية ثالثة تنافس الاثنتين الاخريتين في المنطقة و كل منهم يستند عل التطرف السني و الشيعي و السلفي معلقين بالاسلام شكلا من اجل السلطنة حقيقة و وواقعا . انهم يريدون ان يبنوا ما في خلدهم على اشلاء الباقين و على حساب حياة الناس و حريتهم و مصالحهم .
ان كانت هناك من العقول النيرة التي نتجت الكثير من العلوم و الفنون في زمن الامبراطوريات التي ذكرناها و افادوا الشرق و الغرب بثمرة عقولهم و ايديهم، الا ان اليوم تعيش المنطقة في قعر المستوى العلمي و الثقافي العالمي، و لم يزد بروز فكر الامبراطوريات الا الافتخار بالماضي و العودة الى السلف في وضع تغيرت فيه الحياة و هي في تغيير مستمر سريع لم تتمكن اية امبراطورية سلفية ان تصل اليه بما موجود في الشرق من الامكانيات المعدومة اصلا .
اليوم الراسمالية العالمية لها ايدي طولى في كل بقاع العالم وفق ما تفيدها لتبقى متفوقة فارضة لما تريد دون عرقلة من احد، فان حدود تعاملها مع ما يجري في المنطقة لا يخرج من درجة المصالح التي يكتسبونها من وجودهم و بقاء مثل تلك الافكار . اي ربما لم يتحركوا ساكنين في ما تريده القوى المتخيلة في اعادة امجادها لفترة او لحين تخطيهم حدود المصالح العالمية الراسمالية، و اذا ما امتدت هذه العقليات من ارجلها خارج المرسوم لها من الراسمالية العالمية فسوف تلقى ما لا تفكر فيه اليوم . و اما النهاية لن تكون دائما لصالح المخطط الهادف لمصالح ضيقة، لان الانسانية هي الهدف الطبيعي العفوي للانسان و سوف يصل اليه الجميع رغما عن مخططات المصلحيين . فالمراحل متنقلة و تتقدم الحياة و لا يمكن ان تعاد ما يفتخر بها احد ما من الامجاد التي هي اصلا على حساب الاخرين بعيدا عن العدالة و المساواة . فلا يمكن ان يُعاد زمن الامبراطوريات التي مر و فقدت المنطقة الارضية التي يمكن ان تنمو فيها اي منهم في عالم اليوم المتسم بالعلمية و السرعة و التقدم الذي خلف وراءه الكثير من المناطق التي كانت حتى الامس موطنا للفلسفة والعلوم و المعرفة.[1]