تداعيات الاتفاق النووي الايراني الغربي على محاربة داعش
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4773 - #10-04-2015# - 15:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
لا خلاف على ان داعش رغم وجود الارضية المناسبة في المنطقة لامتداده و اجتياحه لاراضي شاسعة في المنطقة في الوقت القياسي الا انه نتاج اللعبات المخابراتية العالمية و الاقليمية المتداخلة مع الخطوات السياسية و العسكرية المطلوبة لتحقيق اهداف استراتيجية اقليمية و غربية في المنطقة . ليس بغريب ان تعلن امريكا ان انهاء داعش سيتطلب فترة زمنية بحوالي ثلاث سنوات بالتمام و الكمال او اكثر في بداية اجتياح داعش العراق، و لم يقف داعش في مسيرته التخريبية بعد،و ابى ان يقف عن حده المقبول عسكريا وفق كل الخطط العسكرية التي تفضل الامتداد خطوة خطوة بعد مسك الاراضي، الا ان اقتربت من مشارف بغداد و اراد ان يخرج عن الطاعة و رد عن عقابه.
اليوم و قد بدات المنطقة مرحلة جديدة و استهلت معادلات مغايرة لما كانت عليها قبل الاتفاق النووي الايراني الغربي و حرب اليمن .
لم يعد اسقاط النظام السوري على راس اللائحة التي ادعتها القوى الكثيرة غير امريكا اتي ترددت منذ بداية الامر و حللت و فسرت و حسبت الحسابات بدقة قبل ان تطلب او تفعل لاسقاطها، و توقفت في اللادعم و اللااسقاط الى ان وصلت الى ما هي عليه اليوم، و استفادت كثيرا من التردد، و فضلت على حد قولها في حل المسالة داخليا تقريبا منافسة لروسيا على الارض رغم مخالفتها تصريحا و قولا في اكثر الاحيان و هي اي روسيا التي بقت على موقفها الحازم الواحد دوما و منذ البداية، و روسيا التي دعمت هذا النظام ومانعت و نجته من الوقت المناسب و نجحت في الوقوف ضد كل من يفعل غير ذلك، بل اسندت النظام بكل ما تملك من القوة على الارض ايضا دون اي رادع .
الان، لم يعد حزب الله عدو اسرائيل الاول، رغم رفض اسرائيل الاتفاقية الايرانية الغربية بصيغتها الحالية، و هي تضغط على الكونرس الامريكي لحد اليوم على منع مضي الاتفاقية بما اتفقت عليه من قبل الدول المعنية، و اعلنها السيد نصرالله بعظمة لسانه، كما قال لم تعد هناك معركة مع اسرائيل في المنطقة في المرحلة المقبلة، و هذا تغيير لمسار الممانعة بدرجة كبيرة، بحيث يؤثر على كل المعادلات و تتاثر دول المنطقة بمواقف حزب الله الجديدة و توجهاتها المختلفة و تتاثر ما تجري في سوريا و العراق من الناحية السياسة وا لعسكرية و الحال الموجودة الان فيها بمجريات امور الدول المجاورة لاسرائيل و في المنطقة بشكل عام .
لا يمكن ان ننتظر نصرا حاسما و قاطعا لتحالف عاصفة الحزم على الحوثييين رغم تطمين امريكا لهذه الدول حول الاتفاقية التي عقدتها مع ايران و دعت دول الخليج الى كامب ديفيد ثانية من حيث المضمون و المتفرغ منه المخطط الامريكي الذي يهدف الى منطقة شرق اوسط مغايرة كما هو المفروض من قبل بنوك امريكا الفكرية التخطيطية الاستراتيجية و معاهدها السياسية المرشدة .
تزايد دور ايران و جذبها لدول كان بالامكان ان يكون لها دور اكثر قوة في قضايا المنطقة الحساسة بمواقفها الحاسمة كتركيا و الصين و باكستان و غيرهم من دول الشرق و الاوربية بعد ةان سمعت تصريحات لا تعجبها من بعضهم . و به يمكن ان تميل كفة الميزان الى جهة دون ان تعبر الخط المحدد لها و من ثم تنتقل الميلان الى جهة اخرى وفق ما تتطلبه المصالح الغربية و امريكا بالذات، و هي التي تحدد زمن المرحلة او مدة ميل الكفة لتحقيق خطة تكتيكية او استراتيجية في تلك المرحلة .
هناك دولة خليجية محايدة و هي سلطنة عمان مع تحفظ بعض اخر ضمن المجلس الخليجي ضمنيا و حتى ان لم يعلنوها على الملا، و هي من الدول تعيد الحسابات و ربما تتحفظ اكثر فيما بعد و تقف عند حد لا تغيض ايران في اية خطة تتخذها لمصالح عديدة منها قربها من ايران جغرافية و ديموغرافية ايضا، و ما تفرضها جيرتها لايران اكثر من السعودية و ما تفضلها مصالحها، و هي مختلفة الى حدما مع ما تريده السعودية، و هذا ما يخفف ثقل تحالف عاصفة الحزم و يؤثر سلبا على تاسيس جيش عربي مشترك الذي لا يمكن انبثاقه دون التعاون الخليجي و العربي التام في هذا الوقت الذي يثقل الازمة الاقتصادية الناجمة عن انخفاض سعر النفط كاهل هذه الدول كافة .
على ما سبق من تغيير المعادلات يمكن ان نخرج بعدة استنتاجات حول حرب و مستقبل داعش و محطاته المرسومة لها بعلمه او دونه، و هو يخططها او تصل اليه جاهزة من ثم ينفذها بتغيير توجيهاته و افعاله دون ان يعلم او برضى رؤسها المشبوهة .
لقد كسر ضلع واحد على اقل من جسم داعش بعد تحرير تكريت و مناطق اخرى حولها خلال هذا الشهر، رغم تاخر العملية في موعدها و عن مسارها كثيرا لاسباب سياسية و عسكرية و ما ارتبطت بعوامل خارجية و اجواء المفاوضات الامريكية الايرانية في جنيف .
اليوم، ليس امام الحكومة العراقية بظروفها الحالية من كافة النواحي السياسية العسكرية الاقتصادية الا رفع ضيم داعش كاولى اولوية في الوقت المحدد الذي يناسب المهتمين قبله، لا انه ليس في مصلحته تاجيل العملية اكثر من اللازم ، و في المقابل ما يراه المتابع من التحضيرات و الاستعدادات الجارية على قدم و ساق من قبل داعش في موصل مما تجعل معركتها هي اما قضم لظهرها او لمن يحاربها، و هي بداية حسم الامر و ما تكون عليه المنطقة شاملة خلال عشر سنوات المقبلة . الا ان كل الاحتمالات و ما تفرضه ظروف ايران المستجدة و حرب اليمن و دور السعودية فيها سيجعلنا ان نتوقع الكثير من السيناريوهات و منها محاولة اطالة الحرب و التوشيه في اللعبة التي بداتها امريكا و من قبلها لحين تحديد او حسم امر اليمن او متوازيا مع حرب داعش، و ربما في الوقت المحدد الذي يمكن ان تعمل عليه امريكا لما تفضله في المنطقة، لانها هي التي حددت وقت تحرير تكريت في اخر المطاف و تدخلت و شاركت رغم انف الجميع . و عليه فان ايران و امريكا ان سارت امورهما كما هي عليه الان، فان حسم نهاية حرب موصل سيكون بايديدهما سياسيا و عسكريا، و لا يمكن ان يكون العراق حرا في تحديد الوقت والكيفية و شكل المعركة و مابعد حرب الموصل مهما ادعى الاستقلالية و خصوصية الامر و ما تتشدق بها السلطة من السيادة الوطنية، لان ما جرى في حرب تكريت يدلنا الى تفوق الراي الخارجي على سلطة العراقية . فان لمعركة الموصل اصحاب عديدة، و هي غير تكريت التي كانت يتيمة الى حد ما و كانت داعش لوحدها اما الكثيرين، اضافة الى خصوصية الموصل من جميع النواحي الاجتماعية وا لاقتصادية والجغرافية و الديموغرافية و حتى الموروثات التاريخية، لذلك نجد في يحنه ان تكون لها اصحاب، و يبرز مهتمون كثيرون بمعركة الموصل و ما يهدفون لنهايتها و ما بعدها، اي ان كانت السلطة العراقية خضعت لما اقدمت عليه امريكا من منع ادامة حرب تكريت لبعض الوقت لامور داخلية، فان معركة الموصل تكون متعلقة بامور دول كثيرة خارجية ، اضافة الى امريكا و ايران و تركيا و الدول الاقليمية العربية . فان الاتفاقية الايرانية الامريكية ستكون لها تاثير مباشر على مباحثات كيفية جريان معركة الموصل و ما تقدم عليه الدولتان امريكا و ايران في هذا الشان اكثر من سابقتها حرب تكريت، و لم تقف تركيا بعيدة في هذا الشان كما فعلت من قبل، فهي اما ان تنسق مع الاثنتين امريكا و ايران فيما يخص تحرير الموصل و المعركة بتفاصيلها و ما بعدها او تفعل ما تتمكن منه للتاثير على مسار المعركة او ربما تقف ضدها او تشعل الضوء الاخضر لامور لديها و هي تعتبر الموصل ملكها الصرف رغم عائديتها رسميا الى دولة العراق، و هي فعلت من قبل من تكتيكات كثيرة من خلال تحريك داعش و تغيير توجهاته، كما فعلت على توجهات داعش نحو اقليم كوردستان . و عليه، ان اتفاقية ايران مع الغرب ستؤثر بشكل مباشر على معركة الموصل، و لم نجد السلطة العراقية الا منفذة على الارض و تنتظر ما تصل اليه المدينة من النتيجة العسكرية و ربما براي بسيط لانها لا يمكن ان تفرض ما لا يتوافق مع الكبار رغم خصوصية الامر و شانه الداخلي . و لكن في كل الاحوال، ان المتضرر الوحيد هو الشعب العراقي المغدور و ما يشجع عليه من التضحية على امور فرضت عليه دون ان يكون له فيها اية منفعة ذاتية انسانية، و ما يحرك الجانب السياسي و العسكري الذي يحتاج الى دماء و تضحيات هو الايديولوجيا و المصالح العالمية و المناطقية و الاقليمية التي تضر بافراد الشعب العراقي في النتيجة و هو ليس له يد فيما يحصل و لم يحصل فيه في اخر المطاف لا ناقة و لا جمل ابدا، و لن يعود الامر في الوضع العراقي و بالاخص في الموصل في اكثر الاحتمالات الى سابق عهده على الاقل ايضا.[1]