هل تتلاقى اليسارية بالتنمية الديموقراطية في العراق
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4762 - #29-03-2015# - 11:45
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
ان اليسارية او الاشتراكية بشكل خاص تحتاج لاسس و مقومات خاصة تدعمها في النجاح و تسندها عند الضرورة، و لا يمكن ان ننشد البلوغ الكامل دون ارضية يمكن ان تكون صالحة لتنبت الافكار و المفاهيم السياسية او الانسانية من حيث العمل او التطبيق كوسيلة لتحقيق غايات اسمى، كما هي الديموقراطية، و هي وسيلة سياسية تطبيقية لا يمكن ايجادها الا بوجود عوامل مساعدة اخرى من المستوى الثقافي المتفهم لمضمون المفهوم و الايمان به و الحرية المطلوبة و التفهم العقلاني لغاية الديموقراطية دون الشكليات فيها . و على الرغم من وجود الخلافات حول كون الديموقراطية فكرا ام وسيلة سياسية عامة لتحقيق اهداف او افكار اخرى، منها اليسارية او الراسمالية على حد سواء و على النقيض من البعض، اضافة الى الليبرالية و القومية و الدينية المعتدلة، و لكن مع وجود افكار و فلسفات اخرى، و لا يمكن ان تكون الديموقراطية فكرا مجردا و تطبق لخير منطقة ما و ان كانت تلتزمها الحرية المتوفرة التي تتطلبها بشكلها المناسب .
انها اصبحت فوضى و الحال سارت نحو الابشع بعد سقوط الدكتاتورية العراقية، لم نلمس و نحس بالتغيير الذي حصل فوقيا و افرزت عوامل سلبية تاكل ذاتها في مدة قصيرة، تحولت الفوضى الى حروب داخلية و خلافات و لم يستفد منها الا الاطراف الخارجية، و طالت بنا الحال الى وصول داعش و اعادة الكرة و الوضع الى ابخس من عهد الدكتاتورية لحد كبير من النواحي عدة . اليوم لم نجد الا الاسلام السياسي هو المسيطر على ساحة العراق و باثارة و ربما هدفه الفتنة من القوى الخارجية، و جعلت الفوضى العراق ساحة لتصفية الحسابات الاقليمية دون ارادة شعبه، و هي المانع الكبر في الوقت الحاضر لتحقيق غايات يتوسم العراقيون الوصول اليها .
هذه من الناحية السياسية، اما على الصعيد الفكري فان الاسلام السياسي سيطر و بالشكل الكامل على توجهات الشعب لوجود عوامل مساعدة كثيرة على تنميته فكرا و تنظيما و سلطة . فلم يبقلدى الاخرين الا الاعتماد على النخبة القليلة مقارنة مع العامة من حيث المستوى الثقافي و الوعي و النظرة الى الحياة، عدنا و لم نحسب لحاضرنا و مستقبلنا شيئا من كافة النواحي فكرا و سياسة و حياة اجتماعية . لذا، الكلام عن الديموقراطية و تلاقيها مع اليسارية او تقاطعها في العراق لامر في غاية الصعوبة، و لكن، ان صح القول ربما تؤدي الفوضى الى عمل خلاق و لا نقصد ان هذه فوضى خلاقة بذاتها، فان العراق يمكن ان يبرز فيها من بين ركام الحياة زهرة جميلة من الفكر و العقيدة و المباديء الحياتية و التي يمكن ان يسفيد الشعب من البغضاء الكاتم في صدور ابناءه ازاء الحال و المرحلة التي قلبت الواقع على بعضه . اي، لو تعاملت النخبة بجدية و دقة و حذر مع الواقع ربما تكون الديموقراطية التي جائت نتيجة تغيير الاحوال و ربما شوهت الى حد كبير و ثبتت جوانب منها رغما على المعترضين، ربما تكون الوسيلة و الارضية المناسبة للخطوة الاولى من التوجهات اليسارية التي يمكن ان يتبناها الشعب و النخبة من كافة المشارب و ليس التنظيمات و الاحزاب التي تضر بالفكر والفلسفة اليسارية احيانا اكثر من ان تفيدها نتيجة تضارب المصالح المختلفة التي تفرضه التنظيمات و مسيرتها السياسية . ور بما يسال احد و من يقود العملية و يوجهها و يدفعها و يقودها، ان العفوية في تثبيت فكر ما اكثر قوة و تراصا من المعمول له، اي النبتة الطبيعية اكثر تجذرا و انتاجا من الاصطناعية .
الا اننا على الرغم من المستحسن عدم اللعب بالديموقراطية واليسارية و يجب ان ندعهما كما يمكن ان توصلا اليه من التلاقي بمرور الوقت اننا نحتاج لمجموعة من التوجهات و الافعال التي تصب في صالح تجسيد اليسارية و دفعها لتلاقي اليسارية الواقعية مع الديموقراطية،و منها؛ بناء و تكامل مجموعة من المؤسسات العلمية و التربوية التي يمكن ان تصب نتاجاتها لصالح الهدف، و بها يمكن تقارب وجهات النظر بين النخبة اولا و من ثم الطبقات والشرائح . و يمكن الالتزام بالمباديء و القيم الساندة للغاية التي نريد و الالتزام بما نخطوه بشكل صحيح خطوة بعد اخرى. اي الخطوة ثم التثبيت و التجسيد ثم الانتقال الى الاخرى من الناحية الفكرية الفلسفية، و بدعم و اسناد المؤسسات الضرورية لها . ربما يفكر الجميع بالعوائق التي تقف امام بناء مؤسسات من هذا القبيل نتيجة الوضع السياسي الاجتماعي الاقتصادي العام، الا ان المنظمات المدنية التي تتبناها الراسمالية العالمية و الليبرالية بشكل عام يمكن ان تفيد في التوجهات اليسارية لو تمكنت القوى و النخبة بالذات استغلالها لتلك الاغراض بروية و هدوء و المرور من الباب التي يمكن ان تجمع الجميع في التوجه نحو الغاية المقصودة و هي التقرب من اليسارية بوجود الديموقراطية، و لكن الحرب التي تهدم الحرث و النسل ربما تفيد ايضا التوجه الذي نقصد من نواحي عدة لا نذكرها هنا، الا ان النقمة و الاحتقان و الاعتراض للواقع الذي يعيق اليسارية التي هدفها حياة الناس و دنياهم سيكون لصالح الغاية السامية لنا .
و اننا ربما ننتظر مفاجئات من الناحية السياسية و العسكرية في المنطقة، و كل النتائج في النهاية تقع لصالح الفكر اليساري المعتدل و اركانه، و يمكن ان نقف مع الديموقراطية في هذه المرحلة لامور ليس مضمون الديموقراطية ذاتها على الرغم من كونها اكثر افادة من اية ارضية اخرى . و به يمكن ان نتاكد بان المرحلة ما بعد الحرب الدائرة ستتوضح امور عدة و تكون لما بعد الحرب تداعيات و معطيات و افرازات كلها مساندة للفكر والمفهوم الذي نبتغيه و غايتنا خدمة الانسان و حياته الدنيوية التي نؤمن بها بعيدا عن الموت والاخرة التي يروج لها الاخرون، فهما النقطتان المضادتان التي يمكن العمل عليها بشكل خاص لانارة الطريق امام الشعوب بشكل سهل . ان عملنا على الذات و مررنا من خلال الالتزام بالديمقراطية و احترام سيادة القانون .تنفيذ الاعمال الخيرية و الطوعية لصالح المصالح العامة .الالتزام بالحياد، التفكير العلمي والاكاديمي، الشفافية و الاستقلالية، المصداقية، التسامح و عدم التمييز، و الانتماء الى الانسانية و التربة .التعاون، الشراكة، توفير تكافؤ الفرص، توازن مستوى الجنسين، الحيازة على ثقة المنتفعين، المسؤولية و الحفاظ على الخصوصية و اسرار الشخصيات، وهي اهداف مدنية قحة و يمكن ان تمهد لبناء طريق اليسارية اكثر من الفوضى و سيطرة قوى التخلف.[1]