من جسٌدَ التواكل المذموم في المجتمع العراقي ؟
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4754 - #20-03-2015# - 13:46
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
اهي الظروف الاجتماعية البحتة ام الوضع الاقتصادي والسياسي و ما فرضته طبيعة الانسان او ما دار خلال العقود المنصرمة من مسيرة حياة الشعب العراقي بشكل خاص كي يكون انسانا اتكاليا بشكل مطلق و ان كان عاملا بنشاط و فعالية في موقعما في البلد .
لو تكلمنا بشكل عام و ربما لا نتعرج على الاستثناءات الفريدة الموجودة، الاقتصاد المعتمد على ريع النفط دون اي جهد عقلاني لتنظيم الحياة الاقتصادية و الاعتماد على الذات او ادراج البديل في حال نضوب هذه الثروة، دعت هذه الصفة المسيطرة الفرد العراقي ان ينتظرما ياتيه من ما يمكن ان نعتبره من الغيب لانه ناتج دون عمل فردي او من دوران الموجود دون اي انتاج . العامل، لو قلت له هذه اجرتك الكاملة لشهر و ابقى في بيتك و انتظر لما نعلمك به، لا يتردد فرحا و كانه استبشر خيرا لما في نفسه التفكير في الحصول على لقمة العيش فقط دون ان يهتم بالانتاج و ما يهدف اليه بما يمكن ان يفيد الشان العام. الفلاح، لو يعلم بانه يحصل على المال المنتظر على ما يعمل به على الارض دون ان يجهد نفسه، لترك الارض بما فيها و انتظر ما ياتيه من الغيب ايضا. الموظف، الذي لا يلمس الناتج بشكل مباشر و لم يحصل على راتبه من جراء نتاج يده كما هو حال الفلاح و العامل فانه اكثر اتكاليا و غشا من الاخرين .
مسيرة الشعب العراقي و ما حدث فيه من التقلبات من الناحية الاقتصادية و تغيير اوضاع الاسر نتيجة مفاجئة او صدفة ما او شفقة مسؤول عند لقاءه صدفة او تملقا منه للوصول اليه من اجل مصالح خاصة . لم يثبت لحد الان ان الثروة التي تراكمت لدى الاثرياء قد يقنع الناس من انها جاءت نتيجة عمل او جهد او عقلية تجارية بحتة كما في الاماكن الاخرى في العالم، لذلك زرعت الروحية الخاصة في نفس الفرد العراقي و التي تنتظر المفاجئة ليحصل على ما يامله في قرارة نفسه دون ان يعمل من اجل الناتج و الحصول على الاكثر .
اليوم ازدادت الاتكالية او التواكل المتسلسل بعيدا عن اي ابداع او اختراع او ما تحصله جهود اليدين و العقل، فان المحسوبية و المنسوبية و الانتماءات المختلفة فرضت الاتكال او ما يسمى التواكل المذموم المتسلسل للبعض على الاخر، اي من ادنى درجة الى الاعلى حسب التدرج الوظيفي، لذلك، اصبحت لقمة العيش معتمدة على مدى الاخلاص للموالاة المرؤس لرئيسه في الوظيفة، و هكذا، تدخل الافعال المشينة من خارج حتى الاخلاقيات و الشيمة و الكرامة الانسانية في بعض من ضعاف النفوس لضمان رضى الرئيس الاعلى درجة على الموالي ليلقى الهبات و ليصبح المرشح الاول لتولي درجة اعلى سواء عند الحزب او الدرجة الوظيفية و تتنافس الاكثرية الساحقة على هذا الامر، سواء عند الاحزاب او الدوائر التابعة للسلطات الثلاث، هذه هي قمة الفساد الذي استشرى في العراق و زرعت بذورها و نبتت عند مرحلة الدكتاتورية و ازداد حجما و مساحة بعد السقوط .
الاسلام السياسي و ما افرز للمجتمع العراقي من السلبيات ليس بخارج بل هو العلة الاكبر لوجود الثغرات الاقتصادية الفكرية فيه التي يمكن استغلالها من قبل المتكيء او المتوكل على غيره و هو من برز المعتمد على هذه الصفة ان يرتفع درجة بعد اخرى بعيدا عن اي تقيم و استنادا على التواكل المصلحي الشخصي من الادنى الى الاعلى في رتب الدرجة الحزبية و ما يترشح منه الى السلطات التنفيذية و التشريعية و القضائية، وليس استنادا على الكفاءة و الخبرة و الامكانية و التخصص بقدر الاتكال و ما يحصله من الموالاة و عدم الخروج عن الطاعة العمياء للشخص و الحزب و ليس للوطن اكثر من الاخلاص و الخبرة و الكفاءة .
و هذه الصفة اللعينة التي تعتبر افة لضرب الديموقراطية و ما يمكنها ان لا تدع للديموقراطية مضمونها و تفرغها كليا،و بها ستسيطر الاحزاب و الشخصيات المتنفذة على جميع منافذ السلطة و تجسد الاتكالية الخبيثة و ما يفرز منها من الامراض الاجتماعية السياسية المنتشرة.[1]