هل تحرير تكريت يمهد لتحرير الموصل ام ... ؟
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4743 - #09-03-2015# - 14:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
يبدو للمتتبع و المواطن البسيط ان القوات التي استهلت عمليات تحرير محافظة صلاح الدين اضافة الى الجيش غير المعتمد و غير الموثوق الى حد كبير نتيجة انكساره في الموصل و اكتساح داعش المناطقة التي يحتلها لحد الان و لم يعد الجيش الى حالته الطبيعية و معنوياته المفروضة وجودها لجيش في حالة حرب، يبدو ان العملية ان نجحت عسكريا فانها فشلت سياسيا و جماهيريا . فنرى ان الميليشيات و القوى العسكرية التابعة لهذا و ذاك اكثر من يتقدم في ساحات المعركة، بعيدا عن مشاركة اهل المحافظة الى ابعد الحدود، و هذا ما يعيد عدة امور الا الاذهان، و منها ما يشبه سقوط النظام خارجيا دون مشاركة اهل المنطقة الغربية بل وقفوا ضد العملية السياسية الى الامس القريب . نلمس اليوم القوات التابعة و الموالية للاطراف الخارجية تعيد العملية ذاتها و بنفس الهمة و ليس لاصحاب الارض دور معين يمكن ان يعتمدوه و يستندوا عليه مسندا لتحديد وضعهم و ايمانهم بانهم مع تحرير مناطقهم من دنس داعش . و هذا ما يجسد الصراع المذهبي على اشده و لا يمكن اعادة الامور الى نصابها سلميا كما تشتهيه السلطة، نتيجة عدم استيعاب اهل الارض للمتغيرات . ما يعقد الامور اكثر هو تحرير صلاحالدين ارضا دون اهلها و سكانها، ما يدع جميعهم نازحين، مشكوكين في امرهم جميعا عند عودتهم الى ديارهم، و هنا تدخل عمليات الثار دوره كما نعلمه عن اهل العراق و ما سجله تاريخه المظلم من هذا الجانب .
تحرير صلاح الدين ارضا بقوة الميليشيات و الجيش بعيدا عن اهله او دون تنسيق مطلوب سيزيد الامر تعقيدا، اي سيعتبر اهلها ان ارضه محتلة عفويا دون اي شك، نتيجة عدم ايمانهم بوطنية القوات التي تحرر ارضهم و ما لدى هذه المنطقة بالذات من الحساسية تجاه ايران و تدخلاتها . اي، سيكون الامر اكثر صعوبة و تعقيدا لتحرير المناطق الاخرى و خاصة الموصل و حواليها . بعد ان اقتنعت اكثرية اهالي المناطق التي اجتاحها داعش بالامر الواقع سواء اضطرارا او قناعة، و منهم من ساند داعش، فان تحرير صلاح الدين بهذا الشكل سيؤدي بالبقية الباقية من اهالي المنطقة و حتى المحايدين ان يعتزموا الامر و يقفوا ضد من يستولي على هذه المناطق بكل الاشكال، اي لم تشهد المنطقة و ان لم يبق فيها داعشي واحد الاستقرار لما يسحب الحدث الخاطيء احداثا متكررة و تبتعد المكونات عن بعضها و يشك كل منهم بالاخر نية و نظرة و عملا .
مما تقدم نكشف بان التحضير لطرد داعش لم يكن مكتملا من الناحية السياسية على الاقل، بينما يؤثر سلبا على حال هذه المنطقة الشاسعة التابعة لمكون واحد واقعا، و هذا لا يمكن ان يعطي للمتفائل درجة من النجاح على المدى البعيد رغم سطوة و قوة المحور المسيطر على السلطة التنفيذية في العراق اليوم .
كان الاجدر و الافضل ان تعمل السلطة في العراق على تحضير قوات كبيرة من اهالي المنطقة ذاتها بعد التوافق و الاتفاق الكامل معهم و اطمئنانهم بما يحصل ما بعد التحرير و ما تنفذ من الاتفاقات التي حصلت، و ان تتم العملية بسرعة خاطفة لجميع المحافظات في وقت واحد، و الا سيستفاد داعش من الاخطاء و التصادمات المتوقعة التي تحدث و يمكن ان تطيل من المدة المطلوبة للعملية الى اطول ما يمكن، كما نجح داعش و ما يفعله في عملية تحرير صلاح الان من الاعمال العصبية و المذهبية وما تنفذه في الجبهات من حرب العصابات . المثالية المطلوبة من النواحي العسكرية الاستخباراتية السياسية التي كان من الواجب توفرها في عملية تحرير صلاح لم تكن لهذه المدينة فقط بقدر ما كانت مؤثرة على نظرة اهالي المنطقة للعملية و ما كانت تمهد لتتوالى الانتصارات في المناطق الاخرى بشكل كبير .
ان عملية تحرير صلاح لم تؤثر سلبا على العملية النهائية لتحرير الموصل فقط بل اثرت على نظرة و معنويات اهالي المناطق الاخرى، مما يدعنا ان نتصور عدم مشاركة اهالي الموصل في عملية تحريرهم لو جرت العملية كما يحدث في صلاح الدين . و عليه لم تمهد عملية تحرير صلاح الدين لتحرير الموصل باي شكل كان بل اضر به كثيرا، و استفاد منها داعش جماهيريا، و سيستغل الحال للدفاع عن المناطق الاخرى و ربما سيضر بعملية تحرير صلاح الدين ذاتها و يفتح منفذا لعدم الاستقرار في المنطقة و تدوم العملية كثيرا، و كلما طالت العملية ستكون لصالح داعش و يعني نجاحه و فشل المركز في خطواته.[1]