المشكلة الرئيسية هي الانتماء الحقيقي للشعب العراقي
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4736 - #02-03-2015# - 19:12
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
ليس خفيا على احد بان الشعب العراقي( ان استخدمنا كلمة الشعب العراقي جزافا) لان الشعب له خصائصه و سماته، و لم يجد المتابعون و الملمون بالواقع الاجتماعي العراقي منذ ان اعترف الملك فيصل لحد اليوم ان هناك شعبا عراقيا بمعنى الكلمة، لاسباب و عوامل عديدة لا نريد تكرارها من الناحية الاجتماعية التاريخية و المستوى الثقافي العام و من اهمها الانتماءات المختلفة الاخرى التي يهتم بها كل مكون قبل او دون ما يهم البلد بشكل عام .
لا نتكلم مثاليا و نحن نعيش في واقع بيٌن و نساير الحال و لم نتظرق الى امور يمكن ان تعقد الحال اكثر بدلا من تسويتها . لا يمكن فرض ما يمكن ان يؤمن الانسان به الا اذا اقتنع بنفسه به، و امن بما يُطرح و ان كان مقدسا . و الانتماء او الاعتراف بالعقائد و الموالاة لا يمكن ان تكون نظرية بل يجب ان تُؤكد بالمواقف على الارض كي يثبت للجميع ما هو الانتماء سواء كان للفرد او المجموعة او مكون ما . فهناك نظريات عدة توضح لنا ما هو الدوافع الحقيقية للانتماء الى مفهوم ما، منها غريزية او عوامل متوارثة ضيقة الاطر و الافق، او عقلانية تفرض اصحية كل معتقد او ايمان بالانتماء لاي كان . و ربما تتغير الانتماءات وفق الفئات العمرية او نتيجة المسيرة الحياتية لتغيير الاعتقادات و الثقافات و لكن تبقى العائلة و الشارع و المدرسة و البيئة المعيشية للفرد مع المستوى الثقافي العام و الوعي من العوامل التي تؤثر على تغيير المعتقدات و الولائات عند الفرد و بدوره يؤثر على المكون او المجموعة المعينة .
ان تكلمنا عن العراق فان الانتماء الحقيقي هو لعدة جوانب رئيسية اولها الدين و المذهب و من ثم العرق و من بعدهما الى الوطن ان اعترف به الفرد بدوره، و هذا ليس بواقع الحال كما نرى و انما تفرضه مثاليات سطحية دون التعمق في كينونة الفرد . كل ما يُقال غير ذلك ليس الا تمنيات، فان انتماء الفرد لعشيرته و مذهبه و حزبه لم يدع له التفكير بشكل اعم في الانتماء الى الوطن و واجباته و ما يفرضه من اتخاذ المواقف عليه تجاهه .
من هذا المنطلق او الواقع الموجود، يمكن ان نستشرف ما يمكن ان نصل اليه مستقبلا، اي الوضع الاجتماعي الموجود يوضح لنا الطريق التي يمكن سلكها في بيان ما نصل اليه، او معرفة مستوى النجاح الذي يمكن ان نصله في حال توجهنا في امر عام يهم المجتمع و يتوقف على انتماءه و ما يفكر به كشرط لنجاح العملية .
ان تكلمت مجموعة من النخبة غير ما نبينه هنا، و سمعنا كثيرا من قبل الا اننا نتكلم من تحليل علمي واقعي لما فيه الشعب العراقي و مكوناته المختلفة و خلفيته و اعتقاداته دون اي حساب للمثاليات في الكلام و الموقف .
و ان كان الواقع غير ما نقول فهل يمكن لاحد ان يجيب عن السؤال الواقعي المطروح؛ لماذا يقاتل و يتقدم الحشد الشعبي بحماس و (وطنية !) اكثر من العسكري المنتمي للجيش و ان كان من المذهب ذاته الذي يؤمن به الحشد الشعبي المنبثق بعد نداء المرجع الديني، متخذا المذهبية طريقا لايمانه في التضحية من اجلها و ليس للوطن، و في المقابل، اليس داعش هو من يحارب و يقتل و يرهب الفرد او المنتمي الى المذهب المقابل لايمانه بمذهبه اكثر من دينه و قوميته و وطنه ؟
اذا الولاء و الانتماء هو عقدة الفرد العراقي، و المشكلة ان الجميع لا يعترفون بما موجود و يدسون راسهم كالنعامة في الرمل في كلامهم عن الانتماء . و لنكن اكثر صراحة طالما بقى المجتمع العراقي بهذه العقلية و هذه الارضية، فاننا يجب ان ننتظر عقودا كي نصل لبناء مجتمع مبني على الايمان بالوطن اولا، و لما نصل الى تلك المرحلة فاننا يمكن ان نخسر الكثير و ربما لم نصل اليها سالمين . و عليه يجب ان يتعامل الجميع، كل من مكانه مستندا على هذا الواقع و ان كان مريرا و يجب ان تُبنى السياسة العراقية بما موجود واقعيا و ليس كما نتراوح لحد اليوم . فان انهينا داعش فينفلق تنظيم او تركيب اخر نتيجة الخلافات الجذرية في الانتماءات في هذا الواقع و الوعي الموجود.[1]