الشجاعة لا تكفي لوحدها
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4681 - #03-01-2015# - 12:13
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
الكورد اشتهروا بمهارتهم و شجاعتهم الدائمة في القتال و الدفاع عن النفس في اي وقت و زمان كان، و لكنهم لماثبتوا بانه لم تكن لهم عقلية ماهرة و مدبرة لتصل بقضيتهم الى ضفاف الامان في تاريخهم الطويل الذي تعرضوا فيها للاحتلال و الاستغلال، و كم منهم راح ضحية سذاجتهم وعدم معرفة مصالحهم و خضوعهم للقوى السائدة و استخدامهم من قبل الاخرين لاغراض و اهداف بعيدة عن مصالحهم بل ضد مصالحهم بشكل تام، و هذا له اسبابه العديدة منها اجتماعية او جغرافية و ما مروا به في تاريخهم الذي تراكمت فيها عوامل فشلهم في تحقيق اهدافهم العامة . و كانت هذه الشجاعة تفيدهم في المحافظة على الذات و عدم الانقراض نتيجة تعرضهم لافضع التعديات و استخدموا في اكثر الصراعات دمويا كوسيلة في الاحترابات و ابيدوا فيها و كانوا ضحية طموحات الامبراطوريات المتصارعة في المنطقة دوما ، و كان للشجاعة دور هام في الدفاع عن النفس احيانا . اما اليوم نحن في زمن تكفي الة حربية بسيطة لتطمر شجاعة الف رجل في لحظات، و لا يمكن ان تمنع الشجاعة الويلات عن المجتمع . اي تحتاج ادارة البلد و حتى العائلة حنكة و معرفة و عقل متوازن مقيٌم صحيح و مدبرناجح ليضاف الى الشجاعة في القرارات الصائبة .
لقد اجتاح داعش الاراضي الشاسعة في العراق خلال ساعات، و هشاشة الوضع السياسي و عدم الاستقرار و الفوضى و الخلافات كانت اكبر الاسباب في هذا الفشل الذريع للسلطة العراقية في الدفاع عن نفسها، فكانت القوة موجودة و الاسحلة متوفرة و الامكانيات الاقتصادية فوق الاحتياجات العسكرية، و لكن الارضية لم تكن لصالح المدافع و السياسة المتبعة من المركز لا تدعم المقاومة .
الكورد و منذ مجيء داعش، و كما كانوا من قبل لم يحسبوا الحسابات الدقيقة و اكدوا انهم يملكون الشجاعة فقط و هم بعيدون عن العقلية المدبرة و الحنكة، و تعرضوا لما لم يتوقعوه في حرب داعش، انهم لم يحسبوا لما حدث و توجه داعش نحو كوردستان، فلم تفدهم شجاعتهم و لا انسانيتهم و لا وضعهم الاقتصادي، و الذي حدث يعتبر اكبر درس يمكن ان يستفاد منه الكورد و لكن لمن تنادي، لازال الوضع الداخلي و الصراعات على اشدها و الخلافات في اوجها و التحزب و المصالح الحزبية والشخصية هي المسيطرة و المقررة، اي الشجاعة مفرغة من مساندها، و لا يمكن ان يعتمد عليها اي منا، اي الشجاعة مفرغة من الحكمة و الحنكة و العقل .
لازالت وحدة الصف الكوردي متخلخلة، و الانقسام الداخلي و توزيعه على محورين اقليميين يعيد الى اذهاننا معركة جالديران و كيف انقسم الكورد على الجهتين العثمانية والصفوية و ابيد فيها خيرة رجال الكورد الشجعان ومن امرائهم ايضا، و منذ تلك اللحظة و انقسمت كوردستان على الجبهتين المعاديتين المعتمدتين على المذهبية كقاعدة لكل طرف للحافظ على كيانهم و ضرب مصالح الاخرين عرض الحائط، لا بل ابتلاء الاخرين و منهم الكورد بشرورهم و التي ليس لهم في صراعاتهم ناقة و لا جمل و لا غزال او قبج كوردي حتى .
و ان اشتهر الكورد بشجاعتهم و عزمهم الذي لا يلين و لا خوف لهم في المعركة الا انهم كانوا دوما ضحية شجاعتهم و اندفاعهم هم دون التميز لما يفيدهم و يضرهم، و هذا ما يدعنا ان نقول ان في بعض الاحيان يحتاج العقل الى خوف و جبن لتدبير امور الدفاع بعقل و ليست بشجاعة و قوة فقط . و هذا ما يثبت لنا انه ليس من الضروري ان تفيد السمات الايجابية في كل حال و ربما تضر احيانا، و هذا ما يثبت لنا ايضا جدلية العقل و الفكر و التعامل مع المواضيع من منطلق المادية مقابل المثالية حياتيا . و في القضايا الحساسة يمكن ان يحسب صاحب القضية لاي حساب و هكذا يدلنا العقل المادي العلمي الذي يمكن ان يكون هو المدبر الصحيح للامور المعقدة اكثر من الصفات الايجابية التي يتميز بها اي كان، كالشجاعة لدى الكورد.[1]