كوردستان بحاجة الى معارضة جديدة
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4673 - #26-12-2014# - 17:51
المحور: القضية الكردية
تحرر اقليم كوردستان العراق بعد انتفاضة اذار و سيطر الحزبان على زمام السلطة بكل ما لديهم من القوة دون سابق خبرة او معرفة بما للسلطة من متطلبات او لم تتميزوا بسمات تخولهم الحكم بشكل ملائم، و جرى ذلك في ظل حصار المطبق للدكتاتورية البعثية في بغداد على اقليم كوردستان، و هي لم ترحم حتى الطفل الكوردستاني في جبروتها و ظلمها و كانت قاسية في سلوكها و تعاملها مع الاقليم . اما في الاقليم فحدثت اخطاء لا تحصى نتيجة صراع الحزبين و ما احدثاها من الخراب نتيجة الحرب الاهلية او الداخلية و ضاق الشعب الكوردي ذرعا منهما .
تضايق الشعب و هو من ضحى من اجل التحرر و الوصول الى المبتغى المنشود، استغرب ولم يتصور ان يرى مثل هذه الحوادث عند التحرر و هو لم يعتقد ان يلاقي هكذا افعال و من الاحزاب الثورية التي ناضلت في الجبال و عادَت بعضها و اوصلت الخلافات الى الشعب، لا بل الى داخل العائلة الواحدة، و حدث ما لم ينتظره الشعب الكوردستاني منهم، حيث بانت السلبيات و الصراعات الحزبية و الشخصية الداخلية و التكتلات وصلت قمتها بعد افرازات شتى نتيجة تلك الصراعات الدموية . فالوضع العام فار و وصل حد الغليان في اكثر الاحيان و انعزل كليا عن الاحزاب و لم يلتزم احد باي حزب او الاهداف التي ناضل منة اجلها الا من كان مصلحته الشخصية تفرض ذلك .
الواقع السياسي العام كان في حال غير طبيعية و عاشت الناس خوفا و قلقا من كل شيء و لم يتوضح المستقبل امامه فهجر الاعداد الهائلة من الناس الى اوربا، فكل من اعترض لقى مصيره المحتوم من الاغتيال و خاصة في المنطقة الصفراء . الوضع العام فرض ولادة قوى معارضة و لكن العوامل الذاتية و ما كان عليه الشعب من الخوف من حتى الانتقاد لم يدع ان يولد ما يصحح المسار، و يراقب و ينتظر فرصة و ينتقد و يدع المتصارعين و المتحاربين ايضا ان يترددوا في افعالهم على الاقل .
فوصلت الصراعات الداخلية المصلحية داخل الحزبين و خاصة الاتحاد الوطني الذي كان اكثر حرية و بسبب نشاته الجبهوية و اكثر شفافية من الحزب الديموقراطي الكوردستاني العائلي القيادة و الاكثر محافظا و ما يتسم من المركزية الشديدة و الهيمنة الفوقية .
و نتيجة للخلافات الفوقية بين قيادة الاتحاد الوطني الكوردستاني و بعد انتخابات داخلية لم يفز تكتل السيد نوشيروان مصطفى امام تكتل السيد الطالباني وبه اتخذ موقفا صارما مع من معه او اتبعه، و تم الانشقاق بداية باسم تاسيس مؤسسة اعلامية و من ثم عمل على انبثاق قوة سياسية حداثوية الادعاء و الشعارات و معارضة التصرف و السلوك للوضع القائم، و هذا ما فسح المجال امام الشعب المعارض اصلا و المحتج من الوضع المتردي ان يستند الي تنظيمه و يدعمه بينما هو خرج جراء التنافس و الصراع الداخلي الحزبي و ليس لعيون الشعب و معارضته و غليانه واحتجاجاته . فاقتنص السيد نوشيروان مصطفى فرصة وضع الشعب و استفاد منه في تحقيق الاهداف الحزبية الداخلية التي خرج من اجل تحقيقها خارج الحزب .
اي لم تخرج المعارضة الكوردستانية من رحم الوضع العام للشعب الذي عانى الامرين و تولدت فيه الاحتجاجات كنتيجة طبيعية للفساد و الاوضاع المزرية التي سيطرت عليه . فميلاد حركة التغيير كان مفيدا من جهة كسر الخوف المطبق على الشعب و ما فرض عدم اعلان الاعتراضات العامة على الملا من قبل، وكما ثبت فيما بعد، ان حركة التغيير استغلت الشعب من اجل اهداف حزبية و قياداته منشقة من الحزب لاجلها وليس من اجل الاحتاجات الشعبية التي برزت في حينه . و هذا ما اثبتته حركة التغيير بالتحالف الذي عقدته بعدما جاء ابرام اتفاقيته الحزبية القحة مع الحزب الديموقراطي الكوردستاني و اشترك في السلطة ضاربا عرض الحائط كل الادعاءات التي اعلنتها في بداية تاسيسها، عندما اعتبرت نفسها بديلا عن السلطة و ليس مشتركا فيها في يوم ما . اي اثبتت الحركة ما انشقت من اجله من الاهداف التي كانت تنوي تحقيقه داخل الاتحاد الوطني الكوردستاني، و لم يخرج السيد نوضيروان مصطفى و ولا حركته لقيادة المعارضة الموجودة اصلا عند الشعب سرا، و لم يكن انشقاقه من اجل سواد عيون ما كان موجودا في الحركة العامة و تفاعلات الشعب و ما برزت من الاحتاجات و الاعتراضات بعد الاخطاء الكبيرة من الحزبين و كان السيد نوشيروان مصطفى نفسه احد قادته، والتي اضرت به و في ظل انعدام الشفافية و الديموقراطية الحقيقية . فاثبتت حركة التغيير اخيرا اهدافها الحقيقية و ما استفادت منها من القيادات القديمة الجديدة و بسلوكها و تصرفاتها اعادت وضع الشعب الكوردستاني العام الى ما كان عليه، لا بل اخرت حركته من ولادة معارضة حقيقية بديلة لما كان موجود من السلطة غير الصحية .
اليوم بعدما اثبتت حركة التغيير للناس جميعا انها ليست باكثر من الحزبين الاخرين و لا تهدف غير ما تهدفها الاخران و لم تفعل اكثر منهم و لم تكن في حقيقتها المعبر الاساسي لمتطلبات الشعب و امالهم و لم تكن يوما مهتمة بتحقيق اهدافهم الخاصة و العامة .
و عليه، اليوم بعدما فقد الشعب ثقته بجميع القوى المشتركة في السلطة بما فيهم معارضة الامس و كثرت الاحتجاجات، فان الارضية ملائمة لبداية ظهور معارضة نابعة من رحم هذه الحال بعد مخاض ربما يطول ليحين الوقت الملائم، و لكن يحتاج الواقع الى قوة صادقة نابعة منهم و جريئة من اجل الولوج في عملية سياسية انسانية مترامية الاطراف طويلة الامد، و يعتمد على الاجيال و نظرتهم للمستقبل.[1]