هل نقول الحقيقة ولو على حساب مكانتنا ؟
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4671 - #24-12-2014# - 23:11
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
نسمع و نلتمس و نقرا يوميا مجموعة من الاراء و المواقف الصادرة من هذا و ذاك، منهم نخبة او من الانتلجنسيا المسيطرة اليوم على الوضع الثقافي العام، سواء كانت ما تصدر من المفاهيم تمس الفلسفة او السياسة او الوضع الاجتماعي بشكل عام .
لندخل مباشرة في الموضوع ، نرى من الذين لا يؤمنون حتى بالحجر و لم يعلنوا عنها و لهم مواقع سياسية و لهم مناصب و يدلون بتصاريح معاكسة لما يؤمنون جملة و تفصيلا، بماذا نسميهم مصلحيين ام انتهازيين او يستوجب وضعهم و الواقع الاجتماعي العام تلك التضليلات و الكذب الصريح . من جهة اخرى، نرى من المثقفين يخافون قول الحقيقة بل يقولون عكس ما يؤمنون لاسباب سياسية قحة فقط و هم مثقفون لا يمتون بالسياسة بشيء او مؤملين خيرا من السياسة او لهم نيات مستقبلا ، اي كما يدعون ان مواقفهم من اجل الجماهيرية التي يعتقدون بانها تتاثر لو عرفوا حقيقة ايمانهم من كافة النواحي و خاصة الفلسفية.
كنت مع احدهم و همس في اذني انه لا يؤمن بالههم و اعترف لي بانه هو لحد هذه اللحظة ملحد، وبعد برهة من الزمن، و بعد محاضرة حزبية، عندما وعظ تطرق الى الله الاسلام و ادعى انه مؤمن و لكنه ليس متشددا. ماذا نقول لمثل هذا . و على العكس من هذا تماما قبل اكثر من اربع سنوات كنت مع احدهم منتمين لحزب يساري و تفشى سرا لي و قال انني مؤمن ملتزم و اؤدي كافة شعائر الدين الاسلامي و فرائضه و اخاف ان اجهر بما اؤمن لانهم ربما يعتقدون بانني مائل لاحزاب الاسلام السياسي . كنت على علاقة طيبة مع قائد من حزب كوردستاني، لا تمر ليلة دون ان ينتشي بخمره و نفي ذلك و ادعى الصلاة وا لصوم، ذلك امام الملا ،و هو يعتقد ستهتز مكانته لو عرف مرؤسيه و الجماهير ذلك و ان المجتمع لن يتقبل منه ذلك . هكذا شاهدت كثيرا من المتناقضات في السلوك و التصرفات و الادعاءات من السياسيين قبل المثقفين و من مخضرمين قبل الشباب .
ناقشت كثيرا حول هذا الموضوع مع رفاق كثيرين، و جادلت مع العديد من مَن كانت لهم اراء مناقضة لما اؤمن من هذه الناحية ، فمنهم قال؛ ان الوضع الاجتماعي و الثقافي و الوعي العام للشعب يفرض حتى الكذب من اجل المصلحة العامة و ليس المصلحة الخاصة فقط . و من تعمق في النقاش؛ استنتجت باننا نعيش في مرحلة لم نجد الا من النخبة القليلة التي يمكن ان يتكلموا صريحين في امور شتى، من حيث الفلسفة و ما يمنكن ان نتصارح فيها في هذا الجانب هو من اصعب الامور . لو كان عملنا فكريا او يعتمد على الجماهيرية و يمس الراي العام، لابد ان نجد منفذا للابتعاد عن الاعتقادات الشخصية و التي يمكن ان تضر بفحوى العمل و الاهداف العامة التي يناضل من اجلها التركيبة التي ننتمي اليها .
هكذا، ادعت الاكثرية انه لا يمكن الاجهار بما تؤمن في كل زمان و مكان و خاصة من كان في مكانة و موقع له علاقة بالشعب بكل فئاتهم و بجميع مشاربهم و ما يؤمنون و يتحمل مسؤلية حياتهم . فهل نقيَم الموجود وفق الاكثرية و نستهل عملنا فيهم ام نعتمد النخبة من جميع الجوانب محاولين التاثير على العام مهما اخذ من الوقت ، و هنا تبرز اراء ايضا، و يمكن ان نتطرق الى الوسيلة وا لغاية وما تبرره او عدم الاعتماد على المبررات و نستند على الحقيقة الصلبة و المؤثرة اما بشكل سلبي و ينفي كل شيء او ربما تدفع بالعمل الى الوقوف او التراوح بعد مواجهة ما لمن يتقبل الحقيقة في مسيرته، اي، هناك من الامور العامة التي تتطلب عدم التطرق الى الحقيقة في وقت ما او تهميشها ان فرضت المصالح العامة ذلك، اوعلى العكس السير وفق ما تتطلبه الحقيقة وان ادت الاجهار بها الى التخريب الكامل للعمل و على الفاعل تحمل المسؤلية .
انا على اتصال مع الكثيرين ممن اثرت عليهم ادراكهم للحقيقة و اعلانهم لها في احس المواقف و هم لازالوا يدفعون ضريبتها، و هناك ايضا على العكس تماما اعلم بمن اعتلى و اخذ موقعه بمجرد انكر الحقيقة و سار على العكس مما يؤمن هو بالذاته ايضا و اعتلى بعدما ايدته الاكثرية .
و هنا يعود الامر الى الشخص بذاته و تربيته و معتقداته و سلوكه و اخلاقه و ما سار عليه، فمنهم يلعب بكل الحيل و منهم يتريث احيانا في اللعب و منهم من يترك اللعبة بمجرد انه يقع في موقف لابد ان يختار بين الحقيقة و الزيف في امر ما .
عند الكلام على الفلسفة غير ما نتكلم في السياسة، فماهو المنتشر ان السياسة فن الخدعة و التضليل و اللاخلاقية و الابتعاد عن الحقائق في اكثر الاحيان من اجل تحقيق مصالح عامة، اما الفلسفة ليست الا البحث عن الحقيقة و بعلمية تامة . اي يمكن ان تخالف نفسك و تسير بعيدا عن الحقيقة عند الامتهان بالسياسة و لكنك لن تكون ناجحا لو انكرت الحقيقة في بحثك و عملك الفلسفي، و التضليل لا يمكن تحمله في العمل الفلسفي، و ان فعلت و اتخذت التضليل في الفلسفة فانك تعمل ضمن اطر السياسة باسم الفلسفة ليس الا، اما في السياسة فانه التضليل و الخداع هو المسيطر في اكثر الاحيان . اما الحقيقة، و الجدال حولها، فهل هي حقيقة ام لا، ام تحمل وجهين، ام لدى البعض غير لدى الاخرين، كل ذلك يدخلك في متاهات لا تخرج منها، فاما اذا اجتمعت الاكثرية على انها حقيقة فانها يجب ان تفرض نفسها و ان يعترف بها الجيمع و يتعامل معها وفق ما تفرض نفسها، اي في السياسة يمكن ان تغض الطرف من نسبة منها وايضا في الواقع الاجتماعي الذي لا يلائم طرح او الاستناد على حقيقة ما، اما في بيان الحال فلسفيا يجب طرحها بما هي عليه و بشكل كامل و جوهري و ان اثر على مكانة و موقع المهتم و مهما كلفه الامر.[1]