من يملك استراتيجية واضحة يحرر كوردستان
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4666 - #19-12-2014# - 18:49
المحور: القضية الكردية
بنظرة سريعة الى القوى الوطنية الكوردستانية التي كان لها باع طويل و نضال مشرف في طريق تحرير كوردستان و نضاله من اجل تحقيق احلام الشعب، التي لا يمكن الوصول اليها الا من خلال تقرير المصير و ضمان مستقبل الاجيال، و امكانية انهاء القلق و الوضع المهزوز و ما يعانيه الشعب الكوردي منذ بروز الامبراطوريات في المنطقة، و استغلاله في الصراعات الاقليمية و المناطقية، لحد نشوء الدول و كيف وزعت عليها دون ارادتها .
لو دققنا و تمحصنا كثيرا في مناهج و سياسات الاحزاب و اهدافها و شعاراتها و تنظيماتها و سيرتها و مواقفها المختلفة تجاه ما موجود و هذه المتغيرات، و ما سارت عليه من التكتيكات العديدة و المواقف المرحلية المعتمدة على المصالح الحزبية اكثر من الاستراتيجيات الواضحة التي لم يلتزم بها الكثيرون و لم يعتمدها البعض اصلا و اهملها الاخر لاسباب تافهة او لظروف كان بالامكان عدم التعامل معها بالشكل الذي حصل، انها الاستراتيجية الهامة للشعب الكوردستاني و هو بناء دولته المستقلة و التحرير من الاستغلال و الاحتلال و فرض الديموقراطية على الاعداء و الاصدقاء .
لا يمكننا ان نتحاشى ما فعلته جميع الاحزاب حسب قدرتهم و توجهاتهم و عقلية قياداتهم من جهة، و ظروف انبثاقهم و الارضية التي نشئوا عليها من جهة اخرى . لا يمكن ان ننكر ان الثورة الجديدة في جنوب كوردستان كانت امتداد لما حصل من قبل و ان كانت فيها من المتغيرات ممكنة الملاحظة و خاصة من خلال تنظيم عصبة الامم التي قبرت بصراعات شخصية من جانب و استشهاد المفكرين و المنظرين لها مبكرا، الا ان قيادة المحافظين للثورة ارجعت الصراعات الى ما كانت عليه في الثورات القديمة، و لم تدع ان تاخذ الثورة مسارها الصحيح و اصطدمت بعقليات ثورية جمودية و براغماتية . و هنا لا نريد ان نتكلم على الثورات السابقة و ما عليها من الغبار في كيفية حدوثها و الاهداف الحقيقية وراءها و الفوضى في كيناها و ادارتها و عدم التحضير لها و فقدانها للامكانية في مقاومة الصعوبات من كل الجوانب .
الخطا الكبير المتكرر في الثورات المتلاحقة في جنوب كوردستان هو الولوج في العملية عفويا دونال تحضير لها من اي جانب، و من ثم تطورت رغم ما شابتها من الفوضى و التخبطات النظرية و العملية من حيث المبدا و المنهج و الفكر و الايديولوجيا و الفلسفة و تضاربها مع البعض، الا ان ثورة شمال كوردستان كانت لها بداية مغايرة و قد تحضر المؤسسون لها بشكل قوي و رصانة و بكل ما امكن قبل الدخول في صميم الثورة، اي كانت التنظيمات وفق دراسة يمكن ان نسميها علمية بحتة مما تطلبه الثورة من مساند و اركان و اليات تطبيق للافكار الحقيقية الممكنة التطبيق في بقعة مقيٌمَة من قبل و معروفة او مخمنة نسبة النجاح و الخطا فيها، و الاهم ما فيها هو منع محاولة الدخول اليها من غير المتحضرين فكرا و عقيدة و ايمانا، توخيا لاصابتها بالامراض التي اصابت ما اندلعت من قبلها من الثورات، اي الحذر الواجب و الاعتبار لكل ما مر من قبل و منع تكرار لاخطاء قدر الامكان، و نجحوا في ذلك رغم النكسات اليومية البسيطة هنا و هناك .
لقد عمل حزب العمال الكوردستاني منذ البداية وفق استراتيجية واضحة معلومة للجميع، اختلف في الفكر و النشاة و التركيب عما سبقه، و كل ذلك ناتج عن عقلانية قيادته و نظرتهم المنفتحة الى المنطقة و كوردستان بشكل عام . لقد قاوم العمال الكوردستاني في صراعه المرير مع احدى دول حلف ناتو و في بلد اعتبر ولدا مدللا لامريكا و هي تبنتها منذ كانت رضيعة، والثورة امام شعب له مميزاته التعصبية المعلومة تجاه الكورد و الذي ليس بمثله في المنطقة من مثال . كل ذلك تطلب تنظيم قوي متين صاحب كيان معتبر و له كل امكانيات المقاومة، و له منتمين واثقين من انفسهم و متربين على مناهج علمية ثورية ملائمة لمثل الظروف التي يحمله المنافسين و المصارعين لهم .
التربية الرصينة الملائمة التي تتمتع بها عناصر حزب العمال الكوردستاني و المقاتلين السياسيين المدربين عقلا و بدنا، هي التي دفعت الى المقاومة و التقدم و النصر المحقق و النهائي قريبا . و هذا ما يمكن مقارنته مع التنظيمات و الاحزاب الاخرى التي لا تتسم بنسبة معينة من تربيتهم، لا بل عند اعتلائم السلطة نخر الفساد كيانهم و انعدموا كقوة ثورية بل اصبحوا كيانات سلطوية بحتة لا تملك من روح الثورية المقاومة التي يحتاجها شعبنا لحين الخلاص النهائي و ما بعده ايضا .
رغم بعض الانتقادات البسيطة لدينا تجاه الثورة في شمال كوردستان و التي يمكن ان تقوي صفوف الثورة في كوردستان، ليس لدينا الا ان نقول انهم الوحيدون الذين يحملون من العقلية و الفكر و الاستراتيجة المعتمدة التي يمكن الوثوق بهم، و لا يمكن ان نتصور تحرر كوردستان في اي جزء منها بدونهم او بعيدا عنهم .
لقد دخلت سلبيات المصالح الحزبية والشخصية الضيقة و الفساد في سلطة وكيان الجزء المتحرر من كوردستان، و اصابته بحمى لم تخلص منها بعد و لم يخطوا لحد الان خطوة معتبرة تضمن مستقبله، لا بل حاربت و صارعت القوى المسيطرة فيما بينهم و تعدت على القوى المناصرة خلال هذين العقدين مما اضر بالامة الكوردية و تاريخها، و عليه لابد المراجعة الكثيرة و الدقيقة للنفس . و نعتقد بانه لازال الوقت سانحا للمجال المطلوب في تقوية الذات و الاعداد السليم لمقارعة العدو و الحفاظ على القوة الذاتية و المكانيات المطلوبة.[1]