كيف كان ماقبل السقوط و كيف اصبح مابعده
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4657 - #09-12-2014# - 10:29
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
كنا معا في الجامعة و لم يكن من عرقي او مدينتي و لم اعرفه من قبل، منذ تعارفنا و تقاربنا مع البعض و احترمته لحد كبير جدا، كان مثقفا و له معلومات محل تقديرنا، طالت بنا الايام و لم اعلم اي شيء عن اسراره او اسرته حتى، بعد مدة تكلم لي عن اهله و حياته و تفاصيل حياتهم و اصبح من المقربين جدا لي في المرحلة الثانية من الجامعة، الا انه كان حذرا في الكلام عن السياسة و السلطة و الحزب القائد الوحيد انذاك، لم اعلم بموقفه او ميوله الفكرية و العقيدية الا ان مظهره و بعده عن اداء الفروض الدينية بدا لي و انه انسان عادي طبيعي و لم ياخذ ما وراء الطبيعة منه وقتا كما كان الاخرون و انه علماني التوجه . فصادقته و على الرغم من انني في حينه كنت من الذين يحسون بالظلم و الغبن من القومية السائدة و حسب التعدي و الغدر من عيونهم، الا ان طبيعة محافظة ديالى و نطقي باللغة العربية و ثقافتي العربية و تعليمي ساعد على تلك الصداقة . لم يمكث في القسم الداخلي كثيرا و قال ان بيت خالته في اربيل و (يبات عندهم بالليل)، اعتبرته شيء طبيعي و لكنه دعاني يوم الى ذلك البيت و ب( عزيمة من نوعها الطيبة و من الدرجة الاولى) الا انني لم تستقبلنا خالته و رايت فقط شابين قال انهما ابنا خالته . و ثقت به كثيرا و تكلمنا عن الكثير من الامور و منها تطرقت الى الحياة السياسية و كوردستان و دخلنا عميقا في حتى التنظيمات الحزبية و كنت حينئذ ضمن تنظيم يساري كوردستاني و لم اعلن عنه طبعا كما كانت التعليمات الحازمة عندنا في هذا الامر، انه لم يذكر لي عن اي انتماء له و كان يتكلم عن حزب البعث بشكل و كانه لا يؤيديه و لا يكرهه، و هكذا تطورت العلاقة كثيرا بيننا و كل هذا خلال اقل من سنتين . بداية المرحلة الثالثة جائني صديق عزيز كريم محبوب من البصرة الفيحاء، في الوقت الذي كان الكلام عن البعث خطرا و عقوبته كبيرة، تكلم الاخ بصراحة كاملة معي و وثق بي كثيرا دون ان اعلم ما مصدر ثقته بي، و ربما بعدما رفضت كتابة ( ارغب ان اتطوع للجيش الشعبي ) و معي طالب اخر فقط ضمن 55 طالبا من قسم البايولوجي في سنة 1984، و اخذت عقوبتي الملائمة حسب نظرة البعث لتلك الافعال، تكلم الاخ البصراوي بكل صراحة و قال؛ عماد ارجوك كن حذرا و حريصا على نفسك و خذ احتياطك من صديقك البغدادي هذا، قلت؛ لماذا. قال مجرد نصيحة . و لم اعلم بانه يعلم كثيرا عنه و لم يجرؤ ان يقوله لي، بمجرد نطق بجملة خطرة كنت قد فصحت بها عن موقفي الحزبي بشكل غير مباشر حينئذ عند صديقي الحميمي، ترددت كثيرا و فكرت و قلت؛ من اين لك هذه المعلومة و هذه الجملة بالذات( ان لم انتم لهذا الحزب اليساري الكوردستاني ( عصبة الكادحين) فانني لن اكرههم ) . فلم يجب صديقي العزيز . عندئذ شككت في امر الصديق الحميم . ثم اشرت الى ما يمكن ان يفشي صديق عن سر و ان كان صغيرا لدى الاخرين . فحاولت الابتعاد عنه تدريجيا، و فعلت .
في اواخر المرحلة الرابعةجائني الصديق البصراوي الاخ حازم و تكلم معي في اخر يوم من الامتحان كثيرا، و قال؛ اخي عماد؛ انا بعثي و نصير في الحزب و لكني شيعي و لا اؤمن بهذا الحزب و صديقك الاخ البغدادي ايضا بعثي و مؤمن بالحزب و يمكن ان يساعدهم في امور اخرى، و هو نطق في اجتماعنا الحزبي بالمعلومة التي قلتها لك . و عليه خاطرت و قلتها لك لتتصرف و خير ما فعلت ابتعدت عنه . و بعد التدقيق من الامر تبين انه لم يكن بعثيا فقط و انما وكيل للامن و مساعد لهم في الامور المخايراتية، و لم يكن له بيت خالة في اربيل كما ادعى و انما (عازمني الاخ على بيت من و كلاء الامن ) ليستفاد مني.
هكذا مر الامر بسلام عدا فصلي لسنة كاملة و التحقيق معي على عدم مشاركتي الجيش الشعبي و ما حدث .
و مرت الايام و سقط الدكتاتور، فصادفت يوما في بغداد الاخ في دائرة حكومية، و هو معزز مكرم و له سلطة اكبر مما كان عليه يومئذ، له من الحمايات و الصفة الحكومية و تعانقنا . قلت كيف نجوت من القادسية و ماذا فعلت لاني كان لي معلومات بانه اصبح ضابطا في جيش صدام، و قال نجونا و الحمد لله ، و اراحنا الله من الدكتاتور، فلم اتحمل و قلت اي دكتاتور ؟ يا اخي هل نتصارح بشكل اكبر، انك كنت ابن الدكتاتور و علمت بك من صديق كريم و اخ ماذا نقلت عني في اجتماعكم الحزبي و لك يكن لك بيت خالة في اربيل، و تعرف هو الان عنده مقهى يعمل فيه يعمل شريفا لم يخضع لابتزاز اي حزب او تيار، و انت الان مسؤل مابعد الدكتاتور و كانك كنت معارضا، فكيف بهذا، و علمت به فيما بعد انه قريب من المسؤل الكبير في حكومة المالكي و يتكلم السيد طيل فترة حكمه عن اجتثاث البعث و المسائلة و العدالة ،هذه هي الحياة والقضاء و القدر. لله درك يا.[1]