هل نصل الى مجتمع صحي بعد التغييرات المتتالية ؟
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4649 - #01-12-2014# - 23:57
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
لاختصار و اختزال الكلام ساكتب عن المجتمع العراقي ذات المكونات الثلاث، عدا الاقليات الاثنية و الدينية الصغيرة، و ساكون في مرحلة مابعد سقوط ادكتاتورية فقط، كي لا اطيل، و من اجل تكثيف الكلام عن الواقع الموجود في هذه المرحلة.
الان الوضع العام للمجتمع، انقلب على حاله بشكل مطلق تماما، و لم نجد من المقومات و الاركان الاساسية لحياة المجتمع و حتى الاخلاقيات المعروفة عنه،و من الثوابت ايضا الا قليلا . لما موجود من العوامل العديدة المؤثرة حتى النخاع و التي برزت في الفوضى و احدثت بذاتها الفوضى ايضا، و تسببت بهذا التغيير الكبير . فمن الطبيعي ان تتغير حياتنا و ما يخص معيشتنا بتغيير الاوضاع من كافة النواحي و خاصة السياسية و الاقتصادية، و هما ما يؤثران بدورهما على النواحي الثقافية و الاجتماعية .لذا نتلمس تغيير نمط حياة العراقيين منذ سقوط الدكتاتورية عام 2003و ابناء اقليم كرودستان منذ انتفاضة اذارعام 1991 . و ما يميز التغييرات التي حصلت انها جاءت جماعية لمجموع فئات المجتمع اي اصبحت اجتماعية فيما بعد، و لم تات من قبل الفرد العراقي على انفراد و من ثم بمجموعه الذي يكون عادة تغييرا صحيا متكاملا .اي عصارة حاصل جمع المجموع الفكري للجماعات المتكونة من حاصل جمع تغيير فكر الافراد المؤثر في النهاية على المجتمع و هذا ما يدفعه نحو التغيير النهائي الطبيعي للمجتمعات .
اما في الوضع العراقي لم يكن التغيير بعد تفكير و تخطيط و من ثم تنفيذ كما هو حال التغيير الطبيعي للفرد او المجتمع و انما جاء او فُرض عليه فوقيا و بدون تحضير مسبق، و حصل ما لم يكن في الحسبان و نتيجة التغييرات السياسية التي حصلت و انتجت مجتمعا فوضويا مختلطا برزت منه سلبيات جمة بدلا من الايجابيات المنتظرة من كل تغيير طبيعي لذا لم يكن تاثير التغيير المجتمعي على الثقافة و الاقتصاد بشكل طبيعي ايضا .
ما عقٌد الامر اجتماعيا هو تداخل الامور مع بعضها و التاثير المتبادل بين الداخل و الخارج العراقي، و المافجئات التي حصلت و اختلال التوازن الاجتماعي الذي اثر بشكل جدي على حياة الفرد والمجتمع بكل فئاته .
تغيرت الافراد و العوائل مكانة و طبقة و معيشة، فمنهم من اعتلى شانا و منهم من دنى و وصل البعض الى الحضيض، اثرت التغييرات على سياق معيشة الناس بشكل كبير . و القلق الدائم و عدم تامين الحياة دعى العراقيين الى ان يخشوا المستقبل و يخافوا من التغييرات المفاجئة و لم يهتموا بما يحصل لهم او لم يفكروا بمستقبلهم البعيد و لا القريب ( يعيشون في يومهم فقط ) و هذا ما يبعد التخطيط عن فكر الفرد و بدوره عن العائلة و هكذا على المجتمع و مكونات الشعب كافة . استحدثت او انبثق و ولدت لحدما عادات و تقاليد ربما اكتسبها المجتمع العراقي نتيجة تغيير وسائل الاتصال و مجيء عناصر جديدة و ابتذال اخرى و تقادمها او انتهاء صلاحياتها مع تغيير الواقع .
اعيدت طقوس و شعائر خفت حدته و ممارساته من قبل بعد الكبت الطويل، و انفجرت الحالة بشكل غير طبيعي و يمكن ان نسميها مرَضي . تعددت السلطات الاجتماعية الى جانب السياسية، و اعتلى دور العشيرة و القبيلة لظروف موضوعية و ذاتية و بدعم و دافع سياسي ، تدخلت في انبثاقه احزاب سياسية من الاسلام السياسي و القوى الخارجية المتنفذة ايضا، ويمكن ان لا نبالغ اذا قلنا بانه وصلت الحال الى مرحلة ما كان عليه العراق ابان الاحتلال البريطاني و ما نفذه في العراق من كافة الجوانب السياسية الاجتماعية .
بعد الحروب الطويلة الامد مع ايران و احتلال الكويت و الانتفاضة الداخلية و اسقاط الدكتاتورية، لكل منه تاثيراته الخاصة و يمكن ان نعتبر الوقت الذي حدث فيه تلك التغييرات انه فترة الانتقال من ضفاف الى اخر بشكل متسلسل و باختلاف المدة و منه ما حدث بشكل مفاجيء . تغير الوضع الديموغرافي للشعب العراقي بشكل كامل، لم تبق اركانه كما هي و حدث تغيير في التركيب و الشكل و حدث التداخل بين المستويات، بحيث لم يعد بامكانك ان تفرق بين المدني و الريفي الان، و اثر بدوره على الوضع الاقتصادي الثقافي العام للبلد .
السؤال الذي يمكن ان يطرحه اي منا؛ هل يمكن ان يُعاد النصاب الى المجتمع العراقي بعد كل تلك التغييرات الجذرية التي احدثتها المرحلة الجديدة لحياة الشعب العراقيو يصبح مجتمعا صحيا؟ هناك من هو متفائل لما يرجع سبب تفاؤله الى معدن الشعب العراقي و تراثه و حضارته المتراكمة في لاوعيه و يمكنه ان يزيح المؤثرات المؤقتة على سطحه و يُنفض من الغبار المتراكم. و هناك من هو متشائم و لا يعتقد ذلك و يعيد سبب اعتقاده الى ان التغييرات اثرت في النخاع و لم يعد بالامكان عودة المياه الى مجاريها، و يجب ان ننتظر تغييرات جديدة و الانتقال الى مراحل اخرى .
ربما السير على ما وصلنا اليه بشكل طبيعي يمكن ان ياخذ مسارا معينا و يستقر به المجتمع على وضعه الطبيعي الجديد و لا يمكن ان يتوقف او يعود الى الوراء، و هذا ما ينسجم مع العقلانية في التفكير و العلمية في الفكر و الواقعية في التامل . اي المجتمع الصحي يمكن ان نعثر عليه ضمن التغييرات الطبيعية المتتالية لوضع المجتمع ايجابيا بعد ازالة الشواذ عفويا او نتيجة زخم الدفع الذاتي لقوة التغيير المفروض عليه لازاحة السلبيات المجتمعية.[1]