لماذا تدان كوردستان وحدها على ابسط خطا ؟
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4638 - #19-11-2014# - 14:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
سمعت من قبل عن امور عجيبة تحدث في العراق و لم اصدٌق، قضية تهريب النفط الخام بمئات الالاف من البراميل من قبل المتنفذين من احزاب الاسلام السياسي دون حراك او ادانة او حتى كشف من يشرف على هذا الفساد المكشوف في وضح النهار، ناهيك عن سيطرة الاحزاب الاسلام السياسي على العلاقات الخارجية و سلطتهم في ادخال اي كان صديقا ام عدوا دون ان تنبس الحكومة المركزية ببنت شفة، بينما الشوفينيون يصرخون على حتى الحقوق الاعتيادية التي تمارسها كوردستان بعد كل تلك التضحيات و الغدر الذي اطال الكورد طوال العقود المنصرمة، و نحن جميعا مع التحرك السياسي و الاقتصادي ضمن سياق الدستور و ما يجب ان يمرر من القوانين الهامة بما تخص السيادة للبلد .
عندما زارني في السليمانية، قال لي الاخ الكريم من احدى المدن العراقية، ان هناك تهريب للنفط و العاهرات والمغامرين و السلاح و الدواعش و الحشيش في جميع المدن العراقية. و لو تكون على صلة باحد المسؤلين من الحزب الاسلامي السياسي هذا او ذاك ستدخل الى مدينتي اكبر مجرم في التاريخ بحفنة من مال او بصلة و تكليف بسيط .
قلت مع نفسي، ان من يقرا مقالاتي السابقة و مواقفي العملية، يعلم بانني اول المنتقدين لكوردستان و اول المحاربين ضد الفاسدين و السلطة بالذات قبل المناطق الاخرى من العراق، اننا على الرغم من انتقادنا للفساد المستشري في كوردستان و الذي من المؤمل ان نكون في طريقنا الى استئصاله بحزمة من القوانين و القرارات المطروحة في هذه الاونة في البرلمان الكوردستاني، و التقدم في الاعلام الحر نسبيا و حرية الراي و التقدم بخطوات من مسالة الشفافية، الا اننا ننتقد ابسط الامور و حتى نعتبر بعض خطواتنا خارج بنود الدستور العراقي بعلنية و نطلب التصحيح و التعديل، و نحتج و نتذمر من تاخر الخطوات السائرة نحو الشفافية، و ان يستغل هذه الانتقادات بعض الشوفينيين الذين لا ترى عيونهم تقدم الاخر و تعصبهم المطلق عمى عيونهم .
المواطن الصالح و المحايد ينتقد الخطا اينما و كيفما كان، فهل من العدل ان تنتقد خطئا بقدر ذبابة في كوردستان و لم تر فيلا في الوسط و الجنوب، و يكون موقفك تحيزا لحزب و فئة و جهة ما. و اخطر شيء سمعته من صديقي، بان امر الكثير من المدن العراقية ليس بيد السلطة و اصحابها بل منها بيد الايدي الخارجية، و منها يمكن ان نسميها بمدن ميتة عند تقيمها علميا . و قال لي صديقي العراقي الشهم هذا، اقول لك شيئا بسيطا هل تحس انك لا تسمع زمار السيارات هنا، اننا في المدن العراقية اصابنا الخرس من هذا الصوت المزعج، اقوله لك بصراحة، انه يدل على عكس الواقع فان الحالة النفسية لنا في وضع خطر و نحن بمثابة اموات و لكن الناس تريد ان تعلن العكس بهذا الصراخ والعويل و يقول لازلنا احياءا لم نمت، و هنا العكس فكوردستان حية لا تحتاج لتلك الصراخ و الاصوات المزعجة من زمامير السيارات لتعلن عن حيويتها، عدا ما يمثل هذا الثقافة و حب الحياة و احترام الاخر .
وقال الصديق زرت كوردستان قبل مدة ايضا عدا اليوم، اقول لك هذا دون تملق و ليس لدي اية مصلحة لديكم، فما تعيشونه و انتم فيه لا يقارن بما نحن نعيشه و يمكن ان نعتبر وضعكم اوربيا مقارنة بجميع مدن العراق في الوسط والجنوب و الغرب في جميع النواحي، استطرد صديقي في كلامه، قال: بداية اقول لك من الامور الصغيرة؛ ها انا اقرا لك مقالات لا تحصى و لا تعد تنتقد الكبير و الصغير و انت جالس في بيتك دون اية مضايقة، اما عندنا، لوانتقد احد ما الاسلام السياسي لا يُعرف مصيره في اليوم التالي سواء كان بامر داخلي او خارجي، و كم من المتذمرين اختفوا باسم الارهاب و ليسوا سوى منتقدين بنائين للوضع الراهن . الوضع الاقتصادي لا يمكن مقارنته بيننا، من الناحية الاجتماعية و التطور الحاصل مقارنة بما شاهدته ايام الدكتاتور البعثي حدث ولا حرج ، و هكذا في الامور الاخرى، خلاصة القول انتم في الطريق الصحيح .
سمعته و رغم تصديقي له، قلت اننا لازلنا في وضع يجب ان ننتقد ما نحن عليه لاننا كان بمقدورنا ان نفعل اكثر و اكبر من ما قمنا به، على الاقل نحن تحررنا من الدكتاتور رغم حصاره منذ عقيدن قبل سقوطه، و لازالت المحسوبية و المنسوبية مسيطرة و الفساد كبير و العدالة الاجتماعية في الحضيض و الديموقراطية في اول خطاها .
الا انني اتعجب من هؤلاء الشوفينيين الذين يعيشون في عمق الفساد عند ابواب بيوتهم و يسبون و يشتمون كوردستان و يتهمونها بكل ما لديهم من ما يكنون من الحقد دون نظرة حيادية اليها . فيلقون ما هم فيه من الفساد على عاتق الكورد، دون ان ينتقدوا ذاتهم و يدعوا الى تصحيح مسارهم و ما فعلته بهم احزاب الاسلام السياسي و انزلتهم الى اسفل السافلين . و عليه يمكن ان تتقبل كوردستان نقد المخلصين للعراق بجميع فئاته و مكوناته، و لكنها لا تهتم بنعت و سب المتعصبين و الشوفينينن الذين ليس لديهم فكر و عقلية انسانية، بل جل ما يسيرون عليه هو ايديولوجية بالية و تحزب و فكر ميتافيزيقي او حقد شخصي او اوامر صادرة من ذاتهم التي ترسبت فيها ممارسات البعث دون ان يعلموا بذلك، او بعلمهم و لازالوا بعثيين فكرا و عملا ، و يعبرون عن افكار البعث باسم الحيادية و القومية و الاسلام السياسي، و لكن التاريخ يثبت اصحية كل طرف حول الامور العامة، و اننا لناظرون الى الافق و ما يخبئه لنا المستقبل.[1]