شطحات اردوغان مستمرة
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4637 - #18-11-2014# - 13:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
منذ صعود نجمه في تركيا و بعد بداياته و خطواته اللامعة حقا في امور عدة، اما اليوم فهو يتراجع امام افرازات وضربات اخطائه الاستراتيجية من جهة و ما يجلبه على نفسه جراء تفكيره و سَيره و اندفاعه وفق طموحاته الشخصية الواسعة من جهة اخرى . اضافة الى ما يريده من اعادة امجاد اجداده و بناء امبراطورية زائلة و كانه يريد بها اعادة التاريخ الذي لا يعود، بما يفرضه علينا سنة التاريخ و الحياة، فانه فانه اقحم نفسه في موقع اصبح لا يحسد عليه . و يحسب على سياساة اردوغان بانها ما مهدت لما نجحت فيه ايران و تمكنت من اعادة اوراقها و خاصة مع امريكا و علاقاتهما من خلال مفاوضاتهما المتعددة الجوانب و الطويلة الامد باسم المفاوضات النووية .
طمح اردوغان استغلال الوضع الراهن و ما يجري في المنطقة لصالحه و تركيا باحسن وجه، وارادت ان تبين ان لا يمكن للقوى الكبرى العمل دونه، لان تركيا تحتل موقعا جيوسياسيا استراتيجيا مهما جدا لخطط و استراتيجيات الغرب و خاصة امريكا، و انها لاعب لا يمكن الاستغناء عنه فما تعمل عليه امريكا من اجل ترتيب اوراق المنطقة في الوقت الذي يغامر بوتين لاعادة امجاد القياصرة و دور روسيا الكبير في المنطقة بشكل خاص رغم العراقيل التي وضعت على عتبات باب بيته .
كل المؤشرات تدلنا على اقتراب امريكا ايران من البعض يوميا، و اردوغان يراقب على الملأ ما يحصل و هو مصر على رعونته و سياساته التي ربما تودي به اخيرا، نتيجة من يدخل في المربع القريب من حكمه و ما يقض مضجعه نتيجة الثقل الملقى على كاهله و ما يحاوله المتضررينمن اللعب داخليا منالتاثير على سياساته، و ربما بتشجيع و حض خارجي، للضغط عليه من اجل احداث التغير في توجهاته الاقليمية و الداخلية ايضا .
لو نتابع خلال اسبوع واحد فقط، ما يبدر من اردوغان و نقيٌمه، سنرى كم من مواقف خاصة تصدر منه، و هو الان في موقف لا يحسد عليه داخليا و اقليميا، نتيجة تقارب ايران و امريكا و احتمال تغيير الاستراتيجيات و ليس التفاهم حول البرنامج النووي الايراني فقط، و عندئذ ستسقط اوراق عديدة لدى تركيا و ستخسر كثيرا لو لم تلحق بحالها و تغير من سياستها الانية كما هي اليوم منتظرة ما تحدث . كل ما تفعله تركيا الان هو تحقيق ما هي متحدقه فيه و تتصرف متعالية و من موقع الامبراطورية العثمانية و ليس تركيا اليوم، و هي وصلت الى حال لم يعد احد يوافقها او حتى القريبين منها، و فقدت صداقات كثيرة كانت تعتبرها تركيا مثالا ملائما للسياسة العقلانية و نموذجا يُحتذى به في المنطقة، الا انها و بسياسات رعناء مدفوعة من زاوية ضيقة خربطت على نفسها السمعة و القدوة فقدت من قيمتها الفعلية، و حصرت نفسها في زاوية دعم الاخوان المسلمين بعيدة عن الدول التي تضر بمصالحها هذا الموقف المتعجب، اي اضربت بمصلحة كبيرة لها من اجل هدف صغير ربما تريد به النجاح بقيادة لامر اكبر، فلا المجال السياسي و مساحات الاخوان و لا المعادلات السياسية الموجودة تسمح لاردوغان ان يلعب براحته و يمكنه ان يحقق ما يريده بسهولة . اي انه يغامر و اختار ما يفيد مصلحته و طموحه الشخصي اكثر من بلده، و ربما سيقلب كل شيء على نفسه و على بلده، و يعيد تركيا الى المربع الاول .
ان اوراقا كثيرة باتت تحت سيطرة منافسة تركيا العتيدة ايران، نتيجة ازدياد نفوذها في دول المنطقة العديدة، في المقابل و لا ورقة قوية واضحة بيد تركيا، و تركيا تلعب على تنظيمات و خاصة الاخوان و ربما دولة قطر الوحيدة التي تشاطرها السياسة ذاتها، و لكنها هي ايضا اي قطر لا يمكنها ان تخرج من طوع امريكا من اجل تركيا . فبمجيء داعش ربما ارادت تركيا كسب اوراق مستغلة ما يفعله و ينويه داعش، و لكن الاجماع الدولي على انهاء داعش مهما كان و في اي وقت سيُخسر تركيا ورقتها الوحيدة ايضا .
تركيا بسياساتها القصيرة النظر و نواياها و طموحاتها المكشوفة مررت على نفسها فرص كبيرة، و بعد مرحلة المرسي في مصر اوضحت تلك السياسات القصيرة المدى و اوقعت بنفسها في حفر و كان بالامكان ان تعوض ما خسرت بالتراجع السياسي و الابتعاد ولو تكتيكيا عن خطواتها، و كان بامكانها ايضا ان تُبقي بيدها ورقة كبيرة و مؤثرة و هي الدول المعتدلة مثل سعوديا و مصر اللتان كانتا تبقيان المعادلة متوازنة بينها و بين ايران على الاقل لمصلحتهما، و لكن كما يقول المثل ( فان اللقمة الكبيرة تشق الحلق و... ) فان تركيا فقدت الاثنين معا، و هي تراهن الان على اوراق داخلية و ما تريده من احداث فوضى ما لتلفت الانظار، و ربما تعيد النظر في ورقة السلام الداخلية مع الحزب العمال الكوردستاني لتعمل حركة كي تخرج من الموقف المحرج بماء الوجه، و كل ذلك نتيجة شطحات اردوغان المتكررة.[1]