قادة الكورد لا يقراون
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4636 - #17-11-2014# - 14:06
المحور: المجتمع المدني
سالت مسؤلا حزبيا كورديا و استوزر مرات عديدة من قبل، عن عدد الكتب الذي قراه خلال هذه السنة و اهم ما فيه. تعجب من سؤالي و قال؛ هل تستهزا مني ام تريد ان تستغفل نفسك يا هذا . قلت و مستغربا من جوابه، لماذا ؟ قال؛ انتم جماعة المغرورين و ما تعتبرون انفسكم مثقفين من الدرجة الاولى، و كأن العالم جميعا جهلاء، و المصيبة انكم تفهمون و تنظرون الى الادارة و المسؤلية بشكل نظري، و تعتقدون ان الاداري و المسؤل الناجح هو القاريء المتلهف . قال؛ يا اخي انا طوال العقدين و انا انتقل من منصب لاخر و من مسؤلية لاخرى، لم اجد يومين مجالا وراحة البال و الجسم الا عندما كنت مسافرا في الدول الاوربية للاستجمام . و هل تريد ان اقضي هذه الفترة التي اعثر عليها بالقوة و العسرة بين مشغلات المسؤلية؛ في القراءة و المطالعة ايضا . قلت يعني؟ قال؛ هل سالت هذا السؤال لاحد غيري ؟ قلت نعم و لكن انا اريد ان اعرف منك و انت من يعتبرونك المثقفون مثقفا و يحسبونك منهم . قال، تريد الصراحة؟ قلت ، طبعا. قال لم اقرا كتابا واحدا بشكل كامل طوال هذين العقدين . لم اتمكن من فرض السكوت على نفسي و ضحكت بسخرية مقهقها . و هو ايضا سخر من سخريتي، و قال ؛ قرانا لكي نخدم بما قراناه و خدمنا طوال هذه المدة بما كنا نؤمن. فلم يجدني الا ساكتا و اني تعمقت في النظر الى وجهه و ردوده فاغرا فاهي بعفوية غير مصطنع في نظري. فقلت له، فليرحمكم و يرحمنا الله على ما وقعنا به . اردف قائلا، انا اقول لك هذا بكل صراحة فهذا حال جميعنا، و لا تصدق من يقول لك غير ذلك. فمن يكتب كتابا هنا و هناك من اجل نشره، صدقني، لم يقرا المصادرالتي يعتمدها للنهاية، صدقني، و انهم يريدون به المزايدة ليس الا يهدفون الى طرح ما يمكن ان يفيد سمعتهم بين النخبة و المثقفين كي يُنظر اليهم على انهم مستفردين في هذا الامر، و على انهم ليسوا بغيرهم، كله مزايدات سياسية باسم الثقافة .
صدقته لصراحته و عاتبت نفسي قبل الاخرين، فهل من المكن ان ندخل لهذه الحال لو كنا في موقعهم، و هل زحمة المعيشة و الانشغال و المسؤلية تنهي على الوقت وعلى المجال للقراءة ؟
تعمقت في الاسباب، و بالاخص لاقارن ما بين المسؤلين هنا و ما موجود في الغرب . ولم اصبر فسالت هذا قبل ان اسال نفسي، و لماذا هم في الغرب و العالم المتقدم يقراون . قال؛ اسباب عديدة لا تحصى و لا تعد، و الاهم في ذلك انهم يتحملون المسؤلية كوظيفة لها وقتها المحدد و الحياة الخاصة عندهم لها اهمية،اي ثبتت المؤسساتية لديهم، فلا يمكن ان يقضوا على حياتهم الخاصة من اجل المنصب، اما نحن نتحمل المسؤلية و كل وقتنا لها و نتفرغ لها على حساب حياتنا و عوائلنا في الليل و النهار . تريثت قليلا و لكن لم اتحمل، و قلت لأكن صريحا اكثر معه، قلت، ليس لهذا الحد، هناك منكم من يتفرغ ليلا لامور حمراء و ضحكنا معا .
قلت مع نفسي اذا، اننا تحت ايدي و عقلية ماقبل العقدين، و ان احسنهم لا يملك غير المعلومات التي اكتنزها في نضال الجبل، و يا له من مهزلة . و قال لي الاخ الصريح، هل ازيدك اكثر، و لكن اثق بك اكثر من اي احد اخران لم تفش به، هذا المسؤل و نطق باسمه و اقول لك اقسم لك بما املك من القيم و المباديء لم يقرا منذ سنين و هو؛ بمكانة لم نبالغ ان قلنا انه يحكم كوردستان . ثم انهى كلامه؛ اذهب يا اخي و انعزل اكثر و اقرا لنرى ما تحصل عليه، مستهزءا باخطائي في السياسة، و قاله بصراحة، فهل افادتك قراءاتك في خضم الصراعات التي كنت فيها، و صراحاتك التي ازعجت كل من حولك بسببها، و لم تضر الا بنفسك، ايٌ منكما كان ناجحا انت القاري ام فلان الذي لا يعلم الحيص من البيص، و جرب السياسة عمليا و لم يقرا صفحة واحدة في حياته . قلت؛ هذا كلام اخر ربما يمكن ان اوضح الاسباب والظروف . قال يا اخي لا تسرد لي القصص، الواقع الكوردستاني لم يفهمه اكبر كاتب و يجب ان تكتبه انت عمليا بمعاملتك مع المستجدات اليومية من خلال الممارسة السياسية اليومية، و ما لدينا من الوعي و المستوى الثقافي المعلوم الذي لا يمكن ان تلقى طريقة من ثنايا الكتب كي تتعامل معه . و قال في اخر المطاف؛ يا اخي اقول لك شيئا تصدقني؟ قلت؛ قل. قال؛ اننا المسؤلين جميعنا لم نقرا و لكن كلنا الفنا كتبا شفوية لم نضع في طي الصفحات من خلال عملنا على ارض الواقع و تعاملنا مع ما موجود في كوردستان و لما وصلناها الى ما نحن فيه و لليست باسواء الحال، لا انها باحسن من بعض الدول التي لها تاريخ طويل و عمق ، فاذهب و فكر كيفما تشاء فلك دينك و لي ديني فيما اعتقد و اعمل، فان قرات ام لم اقرا .
شكرته على صراحته، و ودعته، و انا اسير مشيا تعمقت في كل ما دار، و حسبت نفسي غشيما فيما انا اؤمن به في حياتي، و قلت اليس النجاح في العمل و الخدمة و العلاقات و اداء الواجب بما تمكنه و ترضي الناس بديلا عن القراءة النظرية؟ و قلت لا و الف لا. ان الكتاب يعلمك ما تفعله في الواقع، ولو كان مسؤلونا يقراون لكنا في احس الحال و ربما كنا في مرحلة اخرى يمكن ان لم نصل اليها بعد سنين و التضحيات الكبرى . ان جميع مسؤلينا لا يقراون و لكن بعض منهم ابدع و نجح في اداء الواجب على عاتقه و خدم كوردستان باحسن وجه، و لكنهم اخطئوا كثيرا ايضا . و السؤال المهم؛ هل نقرا ؟ و كيف؟ و ما النتيجة اذا؟[1]