اساس المشكلة الاسلام السياسي ام الديموقراطية ؟
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4634 - #15-11-2014# - 12:04
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الديموقراطية مفهوم واضح المعالم و المضمون و التطبيق، و انها مصطلح تختلف حوله الاراء وفق منهجية كل جهة في التفكير او نظرته الى الاخر و اهدافها في الحياة و السياسة، اي تدفع نظرة اية جهة الى الديموقراطية الى تاويلها نظريا و يمكن ان نقول تشويهها وفق اراداتها و مصلحتها، انها حكم كامل الشعب لنفسه مستندا على اليات الاقتراع العام غير المجزأ و لا نقص في من يشمله و دون استثناء لاحد، و لا يمكن تغيير قواعدها وفق الظروف العامة و الارضية التي تعيش عليها الشعوب المختلفة السمات و الاسس . ان الاقتراع الجزئي فيما كان موجودا في التاريخ الذي انبثق و نفذ من قبل النبلاء و الاثرياء والطبقة الثيوقراطية الطبقات الخاصة المختلفة الاخرى لم تكن الديموقراطية بعينها، بل كانت تصفية الحسابات للصراعات الموجودة بين المجموعات او افراد طبقة او شريحة معينة في بلد ما . و كما كانت في بداياتها في اليونان انعكست حال الشعب و خصوصياته و ظروفه و ما كان يحمل من الطبقات و الفروقات الطبقية على الوضع السياسي، انعكست على العملية التي بنيت و سميت بالديموقراطية ايضا .
توسع المفهوم و انتشر وتطور لحد وصوله الى يومنا هذا، و هو يفرض نفسه على الاليات الاخرى من الحكم بشكل تقتنع به الاكثرية لحد هذه اللحظة و لا بديل افضل منه لايصال الشعب الى الاهداف الحقيقية الاهم لهم و هي السعادة و الرفاه في العيش، مهما كانت الوسيلة التي تاتي بمن يحكمهم، و يعمل لصالحهم من جهة و يوفر لهم عوامل السعادة و الحب والسلام في الحياة، و هذه هي قمة الاهداف الانسانية .
من المعلوم ان الديموقراطية مرت بمراحل عملية اي تطبيقية مختلفة طوال اعتمادها و تنفيذها في انحاء العالم، و لم يكن تطورها في تغيير مضمون الديموقراطية بقدر التحولات التي حصلت في الياتها و القوانين التي اقرت و حددت بموجبها مسارات و اشكال اليات الاقتراع دون المس باصل المعنى للديموقراطيةو ما تعنيه، و لا يمكن انكار انه حدثت انحرافات للمسار و مضمون الياتها كما في كل الافكار الاخرى، بحيث تمكنت جهات او دول من التاثير على الياتها شكلا، و غيرت من فحواها بحيل شرعية وفق مصالح و ظروف مختلفة عندهم . و الا هل من المعقول ان تخول رئيس قائمة ما ان يختار البديل لعضو البرلمان الذي يغيب لسبب ما في قانون السانتياغو المعتمد لالية الانتخابات التي اقتنصها الاسلام السياسي في الديموقراطية العراقية، بعيدا عن احتساب عدد الاصوات و التسلسل .
اما الاسلام السياسي، فانه الذي ليس له صلة بنشوء وتاريخ الديموقراطية لا من بعيد او قريب، و انما كحزب او مجموعة حاملة للفكر و الفلسفة و الايديولوجيا الدينية، استغلت الديموقراطية للوصول الى المبتغى و اعتبار الديموقراطية الدرج الاول للوصول الى تطبيق الحكم الاسلامي الخلافي نصا و روحا، لذا انهم فضحوا انفسهم رغم ادعاءاتهم المتكررة بايمانهم بالديموقراطية وا لعمل وفقها، في جزائر سنة 1992 و في مصر2012-2014، و هم اثبتوا بان الديموقراطية والياتها مجرد مرحلة لتحقيق مبتغاهم، و انهم لم يقدروا الموقف جيدا لذا كشفوا انفسهم في نظرتهم للديموقراطية، و خلال مدة قصيرة فقط اثبتوا تسلٌفهم رغم اداعائتهم بالاعتدال و قراءة العصر و ما فيه .
هنا نحن امام اشكاليتين في هذه المرحلة، اولهما في تطبيق الديموقراطية و القوانين الخاصة باليات الاقتراع المشرعة وفق ظروف خاصة بمن اصدرها في المكان والزمان المعينين، و يقلدهم الاخرين في المراحل التالية حسب درجة المصالح التي يضمنونها المتنفذون من تطبيقها . و الا العراق في القرن الواحد و العشرين و التغيير التي حصل بالشكل الذي نعلمه و الاساس الذي بنيت عليه الديموقراطية، و ما موجود من الوعي و الثقافة العامة و المكونات المختلفة فيه، فكيف يمكن ترهيمه مع القانون المعتمد للاقتراع العام لبرلمانه الذي اقر في منطقة اخرى و زمان يختلف كليا عما هو عليه الان .
هنا يختلط على الجميع ايجاد السبب و العامل الرئيسي لحدوث خلل او اشكاليات العملية الديموقراطية في عالم مليء بالافكار الخرافية و الاساطير و الاعتمادات الميتافيزيقية، فلا يمكن ان نضع اللوم على المفهوم و نصه الحقيقي لانه واضح للجميع، و ما يعنيه حكم الجميع للجميع، و باليات تحتمل ان تفرض الاشكاليات و يمكن علاجها بعقليات تحدد موقع الخلل الصحيح و تشخص العلة في القانون امام المشتركين في تطبيقه لايجاد الدواء الشافي الحقيقي لتنفيذ القانون و روح المفهوم الحقيقي و ليس اسمه و قشرته، و من اجل اهداف المفهوم و ليس الوصول الى موقع اخر و لهدف اخر يناقض وينهي الديموقراطية شكلا و مضمونا و لم يُبق الا اسمها فقط .
لو كنا صريحين اكثر، فاننا يمكن ان نقول ان اساس المشكلة الدين ذاته و الاسلام السياسي بشكل خاص لما يعتمده في جوهره و نهجه و فلسفته و في نظرته الى كيفية حكم الشعب و ما يؤمن به من الراعي و الرعية التي لا تتوافق مع الديموقراطية من اي جانب . و يكون الخلل في بدايات التوجه الديموقراطي و من يوجه الشعوب نحوها و الاسس التي تبنى فيها. الاسلام السياسي في المنطقة لم تنجح في تجاربها الديموقراطية من قبل و يمكن ان نحسب ديموقراطية و تجربة العراق ايضا على انها الانتكاسة في الديموقراطية رغم الاختلافات الموجودة بينها و بين تجربتَي الجزائر و مصر . و الا لم نشهد حكما ديموقراطيا في بلد يحمل في تركيبته الاشكالات المجتمعية التاريخية و الاحزاب السياسية، و الا ان المجتمعات التي تحمل ثقافة ديموقراطية و بامكانها ان تعتمد الديموقرطاية و لم تلعب الاسلام السياسي لعبتها فيها ، فانه بالامكان التحول و التوجه نحو الديموقراطية المقنعة كالماليزيا و سنغافورا مثالا انيا، و هذا ما يثبت ان لدينا الخلل في الاسلام السياسي و استغلاله لمفهوم الديموقراطية وكيف يمكن تحويرها لاغراص لا صلة لها بالديموقرطاية، فالخلل في الاسلام السياسي و هو يصنع الاشكاليات و يشوه نص و مضمون و محتوى الديموقراطية لا بانكارها بل بالتاثير على الاليات التي تستوجب توفرها لتنفيذها على الارض في اي مجتمع و منطقة كانت.[1]