مابين الشعارات و الواقعية في العمل
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4631 - #12-11-2014# - 14:04
المحور: المجتمع المدني
انه لسهل ان ترفع اي شعار عفويا او تمنيا نابعا من الايمان باية قضية او سعيا لتحقيق اي هدف مهما كان نوعه. و يمكن ان تجمع حول اي شعار، ما تتمكن من اقناع العدد المعين من الناس المؤمنين به، و من ثم البدء بالمحاولة الجادة من اجل تحقيقه وفق الخلفية التي بني عليه ومن امن به من المهتمين .
ما اكثر الشعارات التي رفعت و نجحت لمدة قصيرة نظرا للعدد الصغير من الملمين و المؤمنين بها و يدعون الاخرين الالتزام بها، و الاكثر منها كانت سرية و فشلت منذ اطلالتها على العلن . و منها استمرت و نجحت و قادت المجموعات و التزم بها الجميع، و اعتبر منبعا لينهل منها الافكار التي انبثقت منها، و منها ما صدرت اخيرا مجموعة كبيرة من الشعارات الفكر الانساني الذي انتجها و استندت على ما يهم الانسان قبل اي عقيدة او ايديولوجيا اخرى . هنا لا نتكلم عن الشعارات التي صدرت عن الافكار و الفلسفات العالمية الكبيرة التي تصارع لحد الان و سنصل لنهاية المطاف في صراعاتها وفق تراتبية المراحل التي من المعتقد التحول اليها تسلسلا، اي الشعارات النابعة من الفلسفات الحياتية الحقيقية المثبتة علميا و تهدف الوصول الى المساواة و العدالة الاجتماعية و الانسانية العقلية و السلوك في قمتها، حسب مضمون الفكر الذي بنيت عليها تلك الشعارات .
اليوم لم نسمع الا شعارات سياسية اجتماعية مرحلية و يمكن ان نعرفها بانها تكتيكية بعيدة عن ما يهم الحياة الانسانية، و خاصة في المناطق الهائجة التي تخضبت بالحروب و المشاكل و التغييرات السلبية التي اثرت على حياة الناس فيها . يمكن القول بان اكثرية هذه الشعارات سواء طرحت بدقة و بانتظام تحريريا و من قبل مجموعات او احزاب او منظمات او طفحت شفويا و عفويا نتيجة التفاعلات السياسية الاجتماعية في رحم اية منطقة انبثقت منه .
من المقارنة بين تلك و هذه نلمس ان الشعارات العفوية الصادرة شفويا من الشعب اكثر عقلانية و واقعية و لم نجد وراءها عقائد او دوافع مصلحية او ماكنة سياسية اعلامية . و تعتبر العفوية منها واقعية و تتحمل اكبر نسبة نجاح لتغلب الخيالية المصلحية التي تقف ضدها .
فان ما يمكن ان نحسبه واقعيا و ما يحمل فرص النجاح و يجمع اكبر عدد من الناس حوله يمكن ان يبحث المؤمنون به الطرق التي تؤدي الى تطبيقه و الظروف المثالية لتنميته و التزام اكبر عدد ممكن من الناس به لدعمه و دفعه نحو التطبيق و النجاح و ليغلب المحمول المزيف او الخيالي الذي لا يجد ارضية لنجاحه و ان طال زمن ابرازه من قبل اصحاب المصالح لحمله و الترويح له، فهو الشعار الحقيقي قلبا و قالبا .
اي من اهم عوامل نجاح و تقدم في تطبيق اي شعار هو: ملائمة الشعار مع الموجود ، و واقعيته و سهولة تطبيقه من قبل الشعب بشكل عام، و صلاحيته للاكثرية و للمرحلة التي ينبثق فيها، و تثبيت اركان بقاءه و رفعه و امكانيته و قدرته على تهميش و ازاحة معارضيه، من قبل الساندين من حيث خلفية داعمه وكيفية الدفاع عنه و حمله ان كان ملائما و مدافعا للمصالح العامة للشعب .
ما نراه اليوم في منطقتنا، اختلط السيء مع الاسوا، و الارضية عجت بما استوردت من الشعارات و ما كانت موجودة فيها اصلا، و ما تراكمت من الترسبات التاريخية المؤثرة والتي حملت شعارات متنوعة، و اكثرها ماوراء الطبيعية التي هي سهلة الاقتناع و سلسة وتحمل في طياتها عوامل النجاح و التطبيق و لا تحتاج لجهد عقلي و فكري وامكانية لفظية و جهد وجراة ادبية لنشرها، و الاسلام السياسي و شعاراته ابرز مثال على هذا،و هي سهلة الاقناع بين عموم الشعب الشرقي بينما الشعارات العلمانية عالقة لحد ما بين الوسط الغفير من الشعب بينما هي بحاجة لوسط ملائم علميا وعمليا اجتماعيا و لمستوى ثقافي و وعي يدعمها و يدفعها و يفرضها عفويا على الارض . الواقعية و التناسب مع المرحلة بما فيها و التلائم مع السمات الموجودة و العقلانية في الطرح و العمل عليها من اهم اسباب نجاحها على ارض الواقع، سواء كانت الشعارات سياسية او اجتماعة اومعرفية او عقائدية، و لهذا نجد ان الاحزاب الحاملة للشعارات التي يؤمن بها الجمع العقلي للشعب مصيرها النجاح بنسبة اكبر دوما، و الاهم هو الاعتماد على عصارة العقل الجمعي للشعب و طرح الشعار الملائم له بما يفيده .
الافكار المؤثرة على الناس في منطقتنا اقترنت بما ورثناه تاريخيا و هي تطرح من قبل المحافظين من التنظيمات و حتى من قبل المنظمات التي تعتبر نفسها مدنية و هدفها رفع مستوى حياة الناس من الجوانب المختلفة.[1]