المثقفون في كوردستان و الهروب من الواجب
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4630 - #11-11-2014# - 16:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
كتبت مقالا باللغة الكوردية بعنوان ( المثقفون و تجارة المسؤلين الكورد مع داعش) و نشرته في جريدة هاولاتي الغراء . و انتقدت فيه دور المثقف الواعي و كيف يمكنه التاثير على الراي العام من اجل المصالح العليا، ولكن عندما تكتشف انه اصبح ضحية المصالح الشخصية و تاثيرات الاحزاب و استغلالهم مادياو معنويا من جهة، و سيطرة خلفيتهم العقائدية و انتماءهم الحزبي و الايديولوجي على مواقفهم في القضايا الكبيرة الحساسة من جهة اخرى، و بالتالي هذا ما يفرض عليهم السبات في مراحل عديدة و يتخذون موقف السكوت ازاء ما هو المفروض عليهم النطق بموقف حولها من الاحداث و القضايا الهامة التي لها الصلة التامة بكوردستان و مستقبلها، هذا ما يحزن المخلصين كثيرا.
بعد نشر المقال، واجهت ردود فعل عديدة و مختلفة، و كل تكلم وفق خلفيته و انتماءاته الخاصة و الفكرية او الايديولوجية، و منهم تكلم بصراحة بانه مثقف حزبي و الان يهمه ما يفكر به الحزب الذي ينتمي اليه و قادته، و لا يمكن لاحد ان يخرجه من خانة المثقفين، و الانتماء لاي حزب خصوصية لا يمكن لاي احد تجاوزها و التعدي عليها، و الاخر تفلسف باسم المصالح العليا و المفروض التكلم عنه استنادا على ما تتطلبه المرحلة و الصراعات العديدة بين كوردستان و الجهات العراقية و الاقليمية، و الاخر قال ان السكوت بحد ذاته هو موقف، لانك لا تؤيد و لا تنتقد بشكل علني، بينما من يحسب نفسه مستقلا و هو يعبر عن ارائه في ظل الاحزاب الاخرى و هم كثيرون، سواء كانوا تابعين للاحزاب المعارضة القديمة ام الاحزاب السلطوية لم ينطقوا بغير ما يدعيه احزابهم وما يضمن مصالحهم الحزبية، و هم يؤدون واجباتهم كما هم مامورون بها في الظل على احسن وجه، و الاخر الاكثر حماسا قال انه لا يريد ان يستفاد منه القومية الاخرى المتسلطة على الحكم في العراق و تركيا و ايران، و كان كلامه نابعا من شوفينيته و هذا لا يمكن مناقشته، و كأن الخلل اذا ذكر و استغل من قبل الاخر يضر به و بقوميته، و لم يدرك ان كان الخطا دون حساب من اي كان و خاصة الحذر منه لاستغلاله من المنافسين و الاعداء، انه سيستمر و لا يمكن علاجه .و بهذه الحجج ستدوم الثغرات في السلطة و لم يستفد منها الا الاعداء، و هذا منطق يمكن اعتماده و بشكل حيادي و ليس عدم انتقاد الاخطاء .
مستخلص ما استنتجته، ان النقاشات و ردود الافعال و المواقف الكثيرة المختلفة و المتناقضة في الوقت ذاته، استوضحت لي جملة من الامور حول المثقف و قضية الراي العام و ما يدركه و يتعامل معه بخلفيته و عقليته، و كيف يكون مخيٌرا او مسيٌرا في الامور التي هي صلب وظيفته العامة، و من اهم مبادئه التي يستوجب الالتزام بها ان كان مثقفا و يعلم اهميته في التاثير على مسيرة المجتمع من كافة الجوانب الثقافية و السياسية و الالاجتماعية، و كيف يوجه الاخرين بشكل مباشر كان او غير مباشر حول القضايا حتى المصيرية .و هل يمكن ان يكون عاملا مساعدا في ادارة البلاد و حل القضايا ام يكون تابعا و يبرر الاخطاء المتكررة لمن يتبع لهم .
توصلت الى نتيجة اخرى ايضا و احزنني كثيرا و يجب التطرق لها وهو، ان اغلب المثقفين في كوردستان اصبحوا كالاحزاب بصفاتهم و عملهم و لكنهم اما تابعون لهم ام يعملون و يفكرون في ظلهم سواء انتموا لهم ام لاء، او انهم مجموعة اصبحوا كحزب واحد من دون امكانيات او مقرات و مناهج داخلية و لا يمكن ان يكونوا جماعة ضغط على الاحزاب و السلطة و المعارضة، و يقراون مصالحهم هم قبل غيرهم . و الا هل كل هذه الاخطاء و السياسات الغريبة و ما تتسرب يوميا من الممارسات و الخطايا التي تصل لحد الخيانة، و المثقفون اما يبررونها او يتعاملون معها ببرودة تامة او ينتظرون ما هم تابعون له ليفتح لهم باب التعبير و يفصحوا عنها . ايوجد اكبر من التعامل و التجارة مع داعش و هو يهتك عرضك و يقتل ابناءك و انت تعتبر نفسك المدافع الاول عن قضيته و لم تنبس ببنت شفة، هل من المعقول ان لا تنطق بكلمة لما يحصل حول ما يهم الشعب و معيشته و الخدمات المفروضة تقديمها له اين و كيفما كان، لا بل انت يمكن ان تستفد من جهة او حزب ما و تنسى اصحاب الدخل المحدود الذين يستلمون رواتبهم كل ثلاثة اشهر، و في المقابل تعلم ان عشر مسؤلين سياسيين كورد فقط هم اصحاب 300 مليار دولار نقدا من اموال الشعب .
لا يمكنني هنا الا ان اقول ان المسؤلين و الاحزاب و ما اشتروه من ضمير المؤثرين على الساحة الكوردستانية و في مقدمتهم المثقفين، هم يتحملون ما هو عليه المثقف و كيف يتهرب من واجبه الضروري الذي يمكن ان يكون المقياس لصحة المسار و تقيم اية ادارة كانت في العالم، و هذا ما تحتاجه كوردستان اكثر من غيره.[1]