مَن و اين و كيف يمكن محاربة داعش ؟
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4616 - #27-10-2014# - 23:24
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
يعتقد البعض ان محاربة داعش سهلة و يمكن انهائه و اجتثاثه من جذوره بين ليلة و ضحاها، و يعتقدون بان النصر العسكري ربما ينهي داعش و يقطع دابره . اننا نعتقد بان داعش هو فكر قبل ان يكون ممارسة و وريث له من التاريخ و ما اُنتج في العصور الاسلامية التي تم فيها فكرا و تطبيقا كل ما يجري اليوم على ايدي داعش على الارض .
نعم يمكن تخفيف من تاثيرات داعش السلبية بابعاده عن مساحات الارض الشاسعة و حصره في زاوية عسكريا و اجتماعيا و سياسيا، الا انه و بالوسائل المتاحة لديه يصل الى عقول كثيرة تحمل ما يمكن ان ان يؤمن به و ينتمي اليه بسرعة فائقة .
لمحاربة داعش فكريا و هو الاهم من الناحية العسكرية، يجب ان نجيب عن اسئلة مهمة تدور في خلدنا؛ هل فكر داعش تشويه لصورة الاسلام الصحيح و عمقه الفلسفي و الايديولوجي و تاريخه، ام انه صلب و لب و نخاع الاسلام ذاته و ليس صورته الحقيقية فقط؟
اننا نحتاج الى طرق و توجيهات نابعة من الزاوية التي يمكن ان نجتث منها داعش فكريا وسياسيا و اجتماعيا و عسكريا، و في هذا الاطار يجب تصحيح المسار فكريا و تنظيميا، و بيان الحقيقة و ما حصلت من الاخطاء الفضيحة في التاريخ الاسلامي او هذا هو الفكر و الفلسفة الاسلامية الحقيقية و يعتمدها داعش و يعتبرها هو المحق في العمل وفق المنهج الحقيقي الصحيح للاسلام و ربما هو محق لما لديه من الدلائل النصية و العينية و من الامثلة التاريخية لممارساته و نهجه . يجب التغيير و عدم السماح للالتزامات بهذه الحقائق التي يدعيها داعش و الاسلام السياسي بشكل عام من قبل اي كان، و يجب منع وصول هذه الحقائق لتاريخ الاسلام و الاسلام بعينه الى الشعب من خلال سياسة اية دولة او بقعة، والاصرار على العمل و التعاون على ان يبقى الاسلام السياسي محصورا في عقلية الفرد دون السماح له بالانتشار اويجب ان لا يصبح فلسفة او منهجا لتسير امور كيان ما على الارض .
فان ما تدعيه امريكا من كيفية معالجة داعش يقع في صلب السياسة و الايديولوجية التي تقع لصالح امريكا وحدها فقط و ان تضرر منها شعوب المنطقة، لانها لا تبدي اي استعداد لاجتثاث داعش بل تريد تصحيح مساره ليصبح معتدلا كما يعتقد و يصبح مثيلا لما موجود من الاسلام السياسي الذي تدعمه امريكا قبل غيرها. ان تصرف و تعامل امريكا مع الاسلام السياسي كيفما كان نوعيته يفسح المجال كثيرا امام تنمية داعش و لا يمكن اجتثاثه بما تفكر به امريكا في قرارة نفسها و ايديولوجيتها و سياساتها و تعاملها مع هذه التنظيمات بانواعها قبل داعش، و هذا التعامل بذاته يفسح المجال و يوسع الطريق لتنمية داعش و سيطرته فكريا و تنظيميا و سياسيا على المدى البعيد و القريب . افكار و ممارسات و تطبيقات وسياسات داعش ليس ببعيد فكريا عن الاخوان المسلمين لو تسلموا السلطة، و انهم سواء كانوا معتدلين او متشددين هم منبع فكر و ممارسات داعش، و ما نرى ان امريكا تدعمهم و تساندهم في تسلم السلطات كما فعلت في مصر و ابعدهم الشعب بذكاء و ما يمتلكون من تاريخ منير و عريق و مشرق الذي لا يقبل التشويه .
داعش فكر و فلسفة و تاريخ، لا يمكن محاربته و القضاء عليه نهائيا بشكل سطحي او سياسي او ايديولوجي او كما تعتقد امريكا او تتمنى، ام هي تعلم ذلك و لكنها تفعل ما تبقيه على الارض لاغراض سياسية استراتيجية بعيدة المدى كما يقول البعض .
هناك سؤال هام يجب تحديد جوابه بشكل دقيق وهو؛ هل يمكن بدء محاربة داعش من منبعه اي داخل الدول الاسلامية و بشكل جذري ام من مكان ما انتهى اليه و سيطر على ارض بعيدة عن منشاه؟ ام محاربته فكريا متمنيا تغيير العقول و القلوب و الثقافات التي تبنتها الفلسفة الاسلامية التي يعتمدها داعش وهي ليست من اختراعه، و هل يمكن ان يتغير داعش من تنظيم وحشي ارهابي متطرف ممارس لابشع الممارسات ضد الانسانية بنصائح و سياسات لينة و تيمكن ان يعامل بشكل معتدل وانساني يوما ما ؟
هل محاربة داعش اعلاميا يكفي للقضاء على انتشاره و عدم وصول صوته الى الناس؟ و هذا ما يمكن ان يقلل من الانتماءات المختلفة له و اذابته او اجتثاثه تدريجيا ؟
اننا في الوقت الذي نعتقد بان فكر داعش ولد قبل مئات السنين و من التاريخ الاسلامي نظرية و تطبيقا، فانه لا يمكن ان نرى نهايته بما تدعيه امريكا من الوسائل الفكرية و النصائح و السياسات المعتدلة مواكبة مع العمليات العسكرية.ان اجتثاث داعش فكرا يحتاج لاليات و اشخاص و امكانيات و تضحيات و الصراحة في بيان الامور و صلب المواضيع، و يجب المكاشفة دون تضليل بمنبع و منشا داعش و تاريخه، و الاهم هو البدء باستئاصاله من الجذور الفكرية له، و منبعه المملكة العربية السعودية و دول الخليج . و الا محاربته العالمية و من خلال الوسائل المتاحة و الفضاء الالكتروني لن يكون الا مسكٌنا لتغطيته ربما لفترة معينة و سيعيد نموه و يتبرعم و ينبت في مكان ملائم له في اي وقت يسمح له ذلك .
اي هناك من يحارب و لديه كيف يحارب و يعتقد و يؤمن بالمكان الذي يمكن ان يحارب فيه قبل غيره . و هذا كله بعيدا عن السياسة التي تعقد الامور و تدخل المصالح في ثناياها، ان كنا نريد للمنطقة الخير في المدى المنظور و نريد اجتثاث داعش حقا.[1]