هل كوباني احبطت مخططات تركيا ؟
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4612 - #23-10-2014# - 15:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
منذ اجتياح داعش الاراضي العراقية الشاسعة و الحاقها بمناطقه في سوريا، سواء كانت حركته بامر ذاتي او استغلالا لما كان عليه الوضع العراقي، او كان هناك من دفعه الى اجراء عمليته هذه من وراء الستار، او توالت التغييرات نتيجة سقوط الموصل و من ثم عمل داعش وفق طموحه المستقبلي و حقق ما لم ثتوقعه و اراد ان يستغل الوقت، و اراد ان يختزل استراتيجيته و يقفز بخطوات الى المراحل المقبلة التي رسمها في توجهاته و فعالياته و الدليل اعلان دولة الخلافة بعد ان اغتر في نجاحاته المؤقتة . نجح داعش في خطواته البدائية و اصبح عددا خطيرا و ثقلا فاجا العالم اجمع، و بعملياته الوحشية ادخل الخوف في قلوب محاربيه و استغل وسائل الاعلام كافة لتوصيل رسائله اليومية، و كاد ان ينجح في اجتياح بغداد لولا الخطوط الحمر التي وضعتها امريكا في تحركاته، و هنا القت مصالح امريكا مع ايران و تعاونوا بشكل غير مباشر في وقف مد داعش و خاصة بعد توجه داعش نحو كوردستان و فشله في تحقيق اهدافه . كل تحركات داعش كانت تقع لصالح تركيا و اهدافها الاقليمية التوسعية النابعة من الطموحات القديمة الجديدة من حلم الامبراطورية العثمانية المتشدقة بها، و لازالت تعتقد باعادة امجاد الرجل المريض، الا انه ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، و جرت الرياح بما لا تشتهي القادة الترك بعد مرور شهرين على فضائح داعش، و بعد انتظار وترقب تركيا و اعتقداها بان المرحلة ستكون نهايتها لها و تميل كفة الميزان لصالح استراتيجيتها و صراعها مع المحور الاخر، و لكنها اخطات في التقدير و خاصة في فتح جبهات عدة على نفسها، من جانب مع مصر و اخر مع دول الخليج التي لا يمكن ان تفضل تركيا داعم الاخوان المسلمين على مصر، و هناك المحور الكلاسيكي المعادي لها على طول الزمن .
اعتقدت تركيا بان الاقليم السني و ما يحدث فيه في العراق ستكون جبهة امامية لها و تبعد شبح خطر المحور الاخر عن باب بيتها و تفعل ما تريد فيه، و على الجانب الاخر فانها سوف تحقق ما كانت تنتظره من اسقاط النظام السوري و ستكون البلد ما بعد السقوط ذلك تحت كنفها و ستسلط نفوذها عليها كما تفعل ايران في العراق، و بعدما اتقنت من تحالف جدة ان الاهداف تلك لا يمكن تحقيقها و ليس لصالحها، لم توقع على البيان و انسحبت منه دون اعلان، حيث ارادت فيما بعد فرض شروطها للاشتراك فيه و لاقت عدم الموافقة من امريكا بل اهملت في كثير من الجريانات اليومية و توجهت امريكا في خطواتها على عكس من ما ارادت و تمنت تركيا وما بينت من متطلباتها، و من الضربات السياسية القاسية لتركيا هو تزويد مقاتلي وحدات حماية الشعب الكوردي التي تعتبرها تركيا ارهابية و ادعت بانه لا فرق بينها و بين الحزب العمال الكوردستاني، زودت بالاسلحة و المؤنة و الادوية اللازمة لادامة مقاومتهم ضد داعش، و استبسال هذه الوحدات رد تركيا على عقبها و تراجعت عن مواقف اعلنتها بين ليلة و ضحاها، و اليوم وافقت على ارسال قوات البيشمركة الى كوباني و ان كانت تعتبرهذه الخطوة لصالحها اكثر من الاخرين، لانها تعتقد ان هذه القوة تابعة لحليفها الحزب الديموقراطي الكوردستانية، و لكن موقف وحدات حماية الشعب بانها تحتاج لمساعدة عسكرية و الاسلحة والادوية فقط دون اية قوات ، افشلت مخططات تركيا مرة اخرى و يمكن ان تحبط كافة مخططاتها التي رسمتها منذ مجيء داعش و حركاتها البهلوانية التي يمكن ان يُستاصل داعش و تخفق تركيا و لم تحقق حلمها، لو توضح ما بعد سقوط داعش للتحالف و دول المنطقة .
اذا كان التحالف الذي شكل لمحاربة داعش قد ساعد على واد مخططات تركيا بشكل جزئي الا ان دفاع وحدات حماية الشعب الكوردي في كوباني و مقاومتها الباسلة المنقطعة النظير و كسرها لشوكة داعش بعد سيطرة سطوته الاعلامية و العسكرية على المنطقة، و بعد ان تفاجا العالم بعزيمة و ارادة كوباني و اهلها فكانت هنا ضربة قاضية لاهداف داعش و من وراءه و ضربات عدة لمخططات تركيا و اهدفاها . و المقاومة المستمرة منذ اكثر من شهر دون ان يحقق هذا التنظيم الوحشي الارهابي اي هدف، و هو اعتقد بداية سهولة الموقف له فيها، فشل و احبط بالكامل مخططاته و من وراءه و من استفاد من مجيئه في استراتيجيته السياسية البعيدة المدى، و الذي يمكن ان يكون الداعم المساهم في توجهاته و مخططاته و تحركاته كما تظهر المعطيات و ما موجود على الارض هذا التوقع .
لقد برزت مقاومة كوباني القضية الكوردية بشكل كبير و شامل، و لا يمكن ان تعود هذه القضية و خاصة في تركيا و سوريا الى قوقعها كما كانت نتيجة المعادلات الدولية، و بهذا يمكن ان نقول مع احباط تركيا و فشلها في ما فعلت و توجهت بعد مجيء داعش انها ايضا فشلت في كتم صوت الثورة الكوردستانية و الموقف الحكيم للقائد الكوردي اوجلان وضع تركيا في زاوية حرجة اكثر من المتوقع ولابد ان تتعض من مواقفها الخاطئة، و لم تستطع ان توجه العالم عكس المسار الحقيقي له، و فشلت في استغلال داعش لضرب الكورد في تركيا قبل غيرها، و انها كما نرى تتراجع يوميا عن مواقفها و ستخضع للامر الواقع اليوم ام كان غدا.[1]