تركيا صاغرة امام الاخرين و قاسية مع الكورد
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4610 - #21-10-2014# - 19:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
من المتوقع ان يبقى دور تركيا المهم و الرئيسي في المنطقة لمابعد هذه المرحلة فقط، و حالما يتم التغيير في الخارطة الشرق الاوسطية، ستحل بدلاء عنها لمواجهة المحور الروسي و هو ما يهم التحالف الغربي و امريكا بالذات، و امريكا هي التي تعتقد بانها مجبرة على ان تستمر في موقفها الحالي حتى لو بقت تركيا على مواقفها الحالية لحين مجيء المرحلة المقبلة، و يمكن ان تخفف و تتناقص اهمية تركيا في حينه، و يُفرض تحييدها من الصراعات النية و المستقبلية الجارية في المنطقة، و توقفها عند حدها الذي يقع لصالح الغرب . تركيا الاسلامية المتخبطة في مواقفها وفقا لما تعلنها من المباديء العامة وفلسفتها السياسية و نظرتها الى المنطقة و طموحاتها، فانها محصورة داخليا و خارجيا من مواقف و من قبل اطراف عدة . تركيا الاسلامية تعيد بعض اخطاء تركيا العلمانية و لم تتعض منها، و هي الان تتخذ خطوات مدفوعة من اهدافها الخيالية و غرورها احيانا رغم كسر شوكها مرات من قبل اسرئيل عمليا و لم تجب الا تهريجا من قبل اردوغان في دافيوس و الذي لم يغير شيئا من قيمتها و ما كسرت من هيبتها بعد اهانة سفيرها و ضرب سفينة المرمرة و قتل مواطنيها و لم ترد بالشكل الذي هددت و فعلت بعا بل خنعت و لازال السفير الاسرائيلي في انقرة يسرح و يمرح .
خطوات تركيا تجاه المنطقة لم تختلف منذ قرن تقريبا و خلال الحكمين العلماني و الاسلامي الا في كيفية التعامل مع الغرب و كل نظرها على الاتحاد الاوربي و الدخول فيه، لبسط نفوذها كما تريد و لكنها فشلت لحد الان، لانها لم تهتم بالمبادي العامة لما تريده اوربا من حقوق الانسان و الحرية و في المقابل تتراجع عن وضعها السياسي العام و عن سلوكها التي اعلنتها و تعهدت بالتقدم فيها من حل القضايا المصيرية و منها الكوردية و القبرصية، و لم تفعل شيئا بل تراجعت اكثر و انها تتكتك اكثر من ان تعمل وفق استراتيجية التي تدفع الى ما يُمكن ان يُثق بها .
بعد سنين من التعهدات و الوعيد لحل القضايا الداخلية انها لم تقدم ما يفرقها عن الحكومات السابقة و التي حاربت الكورد بالحديد و النار، و انها اليوم تفعل دون ان تعلن كما فعلت ما قبلها. لا يمكن لتركيا ان تنجح في سياساتها التي تهدف الى ان تكون دولة مؤثرة لها ثقلها، و لا يمكن ان تحافظ على مصلحة شعبها ان استمرت على هذا النهج، لان المرحلة لا تتحمل التضليل و النفاق، يجب ان تكون اما مع السلام و الامان و اما ضده . فاليوم انها تاكدت بانها حرمت من الاتحاد الاوربي في المستقبل المنظور على الاقل، فهي تحاول ان تعوض ذلك في التحالف و التاثير على المنطقة و تفعل ما بامكانها ان تقع مصير المنطقة بشكل يكون لصالح تركيا مهما كان وباي صورة كانت و ان استقرت على اية خارطة معاكسة لما تعلنه من المباديء السامية و الانسانية في الفكر و العقيدة .
تتعاند تركيا احيانا و تتراجع في الوقت الضائع الذي لم يبق مجال لتقبلها، انها تعرف مكانتها لامركيا و هي مهمة من اجل الصراع الاني و المستقبلي و لفرض حكم الاوحدية القطب ليس الا، و لكن لا تبقى هذه الاهمية لمدة طويلة بعد التغييرات المنشودة الممكنة الحصول .
قضية الكورد و حقوقهم هي المفصلية الفمصلية الحاسمة التي تؤثر على جميع القضايا بعد ان برزت و اصبحت هي الشغل الشاغل، واصبح للكورد ثقلا لا يمكن تجاوزه او تغاضيه في اية ترتيبات و تغييرات في المنطقة، و هذا ما لا تحسب له تركيا و تتعامل مع داخلها كما كانت ايام العلمانية الاتاتوركية .
عندما تعاند تركيا في الوقت الحاسم و تقبل ما يؤمر بها صاغرة فيما بعد، انها تكسر هيبتها بنفسها دون ان تعلم، اصبح الكورد في مقدمة من يحسب لهم العالم اليوم بعد تغيير المعادلات بما فرضه داعش، و لم تحسب تركيا هذا عندما غضت الطرف و لم تتدخل في عمليات ضد داعش، و هذا ما يجعل ان يقع وبالا على السياسة التي تنتهجها و تتفرد بها تركيا من اجل اهداف ضيقة الافق .
على الرغم من ان تركيا تدلي بتصريحات و توضح مواقفها و تعتبر لها امريكا، الا ان ما تفعله امريكا بالضد من ما تريده تركيا دليل على مدى صغر موقف و اهمية تركيا الانية في المنطقة، و ان امريكا تريد ان تسايرها لحين الوقت الحاسم، فمن يُعتبر ارهابيا من عين تركيا بدات امريكا تتعامل معه و تساعده على الرغم من تعارض تركيا بل على العكس من ارادتها . اصبحت كوباني نقطة تحول للقضية الكوردية في المنطقة شاملة و غيرت مجرى الاحداث و سوف تؤثر على النظرة الغربية كاملة الى المنطقة و هذا ما لم تحتسبه تركيا ايضا، اي وقعت المعادلة على الضد مما تريده تركيا، وهو ما لم تفكر فيها قبل سلوكها ازاء داعش و تعاملها مع الكورد في دولتها . اننا على يقين بان الامور ستسير وفق ما يقع لصالح المغدورين عصورا و لكن هذا لا يعني بان الراسمالية العالمية تفعل ما لصالح الانسانية فقط، فان المعادلات و ما تفرض على الغرب و امريكا بالذات تاتي مساندة لاحقاق الحق لمن اجحف في زمانه و ليس نابعا من المباديء الاساسية لامريكا .
سوريا و فيها من التعقيدات التي لا يمكن ان تنتهي بما تريده تركيا، و العراق و ما فيه ليس ما يمكن ان تنفذ تركيا فيه ما تطمح له ايضا، ايران و هي في محور اخرو لها من الثقل يمكن ان تخضع تركيا لها في امور عدة، و الاتحاد الاوربي و بعد تعنت تركيا و عدم مشاركتها في حرب ضد الارهاب ابتعد عنها بشكل كبير، امريكا وهي تريدها لحين التغيير و فرض ما تريد، و في الداخل التركي هناك ما يفور نتيجة التراجع الاني بعد التغييرات الاقتصادية الحاصلة في المنطقة و تاثيراتها عليها، فانها ستمر بمرحلة عصيبة جدا يمكن ان اُستغلت داخليا من المتوقع ان تُعاد و تسقط الاوراق كافة من يدها و ستصل الى ما يمكن ان تفلس في النهاية سياسيا و اقتصاديا و هذا ما يؤثر علي وضعها بشكل عام، و به تضعف نهائيا و تخسر ما حصلت عليه خلال هذه المدة .
لقد خسرت تركيا تعاطف الدول العربية ايضا عندما كانوا يكنون لها الاحترام نتيجة وجودها ضمن محورهم مذهبيا، اي بعدما اعتقدت تركيا ان ما يغيره داعش يقع لصالحها و غضت الطرف عن تحركاته فوقع على عكس ما كان تنتظر، و به خسرت تركيا الكثير عالميا و اقليميا و داخليا و لا يمكن ان تعوضها بسهولة، لذلك تريد ان تلفت الانظار عن اخطائها و هي تزيد من مشاكلها الداخلية وهي تتعامل مع عملية السلام التي تعهدت بها وفق موقفها و موقعها و انحصارها و عزلها في زاوية هي صنعتها لنفسها و بارادتها . لذلك نراها صاغرة امام الاوامر الخارجية و قاسية مع الكورد في سلوكها و مواقفها المختلفة و افعالها المشينة.[1]