ما للكورد و ما عليهم في حكومة العبادي
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4608 - #19-10-2014# - 16:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
اكتملت حكومة العبادي بعد اداء القسم لجميع الوزراء، دون نقص كما سارت عليه الحكومة السابقة برئاسة المالكي، اي توزعت المسؤليات المهمة الى حد كبير و سيخفف هذا العبء الكبير على العبادي، ونعتقد انه يبشر بالخير بعد حل عقدتي وزارة الدفاع و الداخلية على الرغم ن اداء الاعلام غير المشجع لحد اليوم، و لم تُدار الوزارتين بالوكالة كما فعل المالكي ايضا لاسباب و عوامل حزبية و شخصية خاصة به و من نزعته التفردية التي لم تدع المسؤليات موزعة، و رغم صلاحياته الكبيرة كرئيس للوزراء و القائد العام للقوات المسلحة الا انه لم يدع زاوية الا و انقض عليها لجمع الاوامر بين يديه، و هذا ما ضرب به اي امل لماسسة الدولة .
لم يدع المالكي جهة و لم يختلف معها نتيجة محاولاته المستميتة لجمع كافة الامور و السلطات بين يديه و تفرده المغرض، و كان هذا نابعا من نشاته و ترعرعه و ثقافته،و تصرف مع مواليه بكل ليونة و لم نسمع عن عقوبة لاحد المقربين له و ان اُكتشف الفساد المكشوف منه و كما شاهدنا هروب بعض من اثبت عليهم التهمة علنا، اي طبق المقولة المشينة ناصر اخاك ظاملا و مظلوما الذي لم يدع فرصة للعدالة التي يجب ان تاخذ مجراها . طفحت المشاكل بينه و بين اقليم كوردستان للحد اللامعقول و فعل ما لم يفعله غيره من قبل و هو قطع الارزاق و الرواتب عن الموظفين وشعب كوردستان نتيجة لخلافاته مع حكومة الاقليم و ليس الشعب الكوردي، بينما ارسل الرواتب الى المناطق التي احتلها داعش، و به كشف عن مدى عنصريته و تعصبه و نظرته الضيقة الى الامور . بعد قلعه من الحكم و سحب البساط من تحت رجليه و هو الح كثيرا لاخر لحظة في حكمه، و ها يُكتشف كل يوم مدى استاثاره بالسلطة و سبب التصاقه بها و خوفه من مصيره لانه علم بما فعله و قامر بحياته السياسية، فان المصروفات الحكومية و ما فعله في نهايات حكمه و اثناء الانتخابات يدل على انه استخدم كل اوراقه من اجل بقاءه في الحكم، و لم يعلم بما يحدث و يُستبعد عن الكرسي، و من الواجب جلبه و مثولها امام القضاء و محاكمته و من معه لكي لا يتجرؤا من تكرار افعالهم مستقبلا من قبل اي كان .
فيما يخص الكورد و ما وصلوا اليه من العلاقة المبتسرة في بدايات الخلافات و من ثم الوصول الى الانقطاع شبه الكامل مع المالكي كان له اسبابه المعلومة، منها سياسية و اقتصادية بشكل خاص، فلم يتصرف المالكي بحنكة و حلم و لم يعتبر لتاريخ الكورد المليء بالحوادثو علاقات السابقة بينهم، و لم يتامل قليلا و يفكر في ان الكورد كانوا دوما في المربع الاخير من نظرة الحكومات المتعاقبة السابقة اليهم و تصرف بخلفية عشائرية و حزبية و شخصية بحتة مع القضية الكوردية، و لم يعتبر لما حدث من قبل و ما تضررت الدولة العراقية قبل الكورد انفسهم من تعامل تلك الحكومات والانظمة السابقة معهم، كان قصير النظر جدا و اغتر بعدما اعتلى جماهيريته و لم يكن في الموقع المناسب لتلك المرحلة التي مر بها العراق و حدث ما حدث . ان من يدقق في المصروفات المالية التي يتهم بها المالكي في تبديده لامور حزبية و شخصية مقارنة بما منعه عن الكورد سيبين كم انه غشيم في سياسته و لم يفكر في المصالح العليا للشعب العراقي و كان ينظر الى القضية الكوردية التي كانت و لازالت هي معضلة العراق، فتعامل معها من زاوية ضيقة و بسطحية كاملة . و من جانب اخر فان حكومة الاقليم و من منظور تعاملها غير المتاكمل مع المركز و استنادها على المصلحة الخاصة وفٌر للمالكي الحجة لما اقدم عليه، و وقع في وحله اخيرا، اي انعدام الشفافية في الجانبين الحكومة المركزية و حكومة الاقليم و تحايل على البعض و السلوك بخلفية تكتيكية دون العمل باستراتيجية معتمدة على الدستور او بعيدا عن الايمان بالتعاون و التكامل و الاعتماد على الدستور كمرجعية في هذه المرحلة اوصلت الخلافات الى هذه الحال التي اضرت باصحابها .
اليوم، بعد استكمال الحكومة المركزية فامامها مهامات كبيرة و اولويات عديدة من المفروض العمل عليها و منها التوائم و التعاون و التفاهم بين المكونات الرئيسية كاساس لنجاح المهمة الصعبة، بعد الامور العسكرية و الطواريء التي حدثت للبلد . فلابد ان ينظر العبادي الى الوضع و المشاكل العالقة بين العراق كمركز و اقليم كوردستان من منظوره كشخصية سياسية و ليس كمنتمي لمدرسة حزب الدعوة و ما سار عليه المالكي و كان هو من قيادته . النية الصحيحة و التعاون و النظر الى البعض بعمق يؤدي الى النتيجة، اما الاستمرار على التعنت و بخطوات التي سار عليها من سبقه سوف يعقد الامور و لم نخرج من القمقم الذي اوقعوا الشعب بمكوناته الثلاث فيه .
فان لاقلم كوردستان من الحقوق الواجبة اداؤها وفق الدستور من كافة النواحي السياسية و الاقتصادية كما على المركز من الواجبات التي قصر فيها من قبل و تعامل معها بعيون سياسية اكثر من القضائية و ما تتطلبها العدالة في التعامل بين المركز و الاقليم حسب بنود الدستور، فان بنود الدستور تعتمد على القوانين غير المقررة لحد الان و هذا ما يدع فرصة الخلاف اكثر من ايجاد الحلول، و عليه يجب التعاون و من ثم التسارع في اقرار القوانين الضرورية المطلوبة لوضع الحلول القانونية امام الخلافات الموجودة بينهما على طاولة التفاوض .
من التصريحات السريعة و الارتجالية من الوزراء و المواقع المهمة تدعنا ان لا نتفائل كثيرا، الا ان الواجب الكبير يقع على العبادي في ايجاد المخرج و الاعتبار من اخطاء من سبقه و ما وصل به الوضع الى الخلاف، و سوف يتعقد اكثر و ربما سيصل الى ما لا يحمد عقباه ان لم يجلس الطرفان بنية مصالحة و التوصل الى الحلول المقنعة و بالتوافق، لان واقع العراق لا يتحمل اكثر و يجب ان يعلم العبادي ايضا ان مفتاح الحلول لمشاكل العراق كافة موجود في الاقليم كما كان دائما في المراحل السابقة و لم تتوجه الانظمة السابقة للعثور عليه في مكانه و اوصلوا العراق الى الحضيض و تتالت المشاكل و تعقدت و ادت الى حروب دموية طالت سنين و فقد العراق جرائها ملايين من ابناءه ، و كان اصل الخلاف بين المركز و كوردستان لو عدنا الى اساس المشاكل، و لم يتعامل اية حكومة مركزية بخلفية انسانية تقدمية مستندة على الحقوق المشروعة مع كوردستان و كانت وراء كل تالحركات السابقة لحد عهد الماكلي النظرة الدونية الى الاخر وفق خلفيات سياسية عقيدية تعصبية .
اننا في الوقت الذي نقيٌم مراحل الدولة العراقية منذ انبثاقها لحد اليوم و بدقة متناهية نستخلص لامور و نتائج يفرض علينا ان نقول، ان الحلول للقضايا الكبيرة كامنة بالوصول الى الحل مع اقليم كوردستان و اليوم بعدما تشققت الصفوف و ابتعدت المكونات كثيرا، صعبت الحلول و برز مشاكل اخرى و فرضت المكونات الثلاث نفسها على الارض، و يستوجب التوافق مع البعض كقوى و ليس كتعامل المركز مع الاطراف كما كان من قبل، و عليه لا يمكن ان تكون هناك حلول نهائية دون التراضي الكامل بين المكونات الثلاث و في هذا الوقت الذي ازدادت التدخلات الخارجية و زادت الطين بلة اكثر من قبل .
يجب ان يسير اقليم كوردستان على استراتيجية معلومة و معينة و يتعامل بها مع المركز و على المركز ايضا ان يكون منصفا و يتعامل وفق ما يفرضه الدستور بعيدا عن الصراع و الخلافات السياسية التي تعاملت بها العقليات الضيقة الافق من قبل . اي على الكورد الكثير من الواجبات ادائها و على المركز اكثر يجب الالتزام بها، و لا يمكن الاعتماد على اية خلفية سوى الانتماء الصحيح للبلد و كيفية ايجاد الحل كهدف بعيدا عن اي هدف جانبي سواء كان حزبيا او جزئيا.[1]