عنوان الكتاب: السياسات العقارية التمييزية بحق الكرد السوريين
مؤسسة النشر: سوريون من أجل الحقيقة والعدالة
تأريخ الإصدار: 2021
تعددت القوانين والمراسيم التشريعية وكذلك التعليمات التنفيذية والتعاميم التي صدرت بحجة “تنظيم التملّك” في المناطق الحدودية في سوريا، وكانت جميعها تشترط الحصول على الموافقة الأمنية (الترخيص)، كي يتمكن المواطن السوري من شراء عقار ما أو ترتيب بعض الحقوق عليه في تلك المناطق المشمولة بتلك التشريعات.
ولعلّ تلك التشريعات العقارية ما كانت ستثير كل تلك الانتقادات تجاهها لو أنها انتهجت معايير واضحة للتطبيق، سواء من حيث ضرورة عدم التمييز في نصوص القانون أو التشريع ذاته بين منطقة وأخرى، أو من حيث الممارسة العملية في تطبيقها على أرض الواقع وعدم التمييز بين شخص وآخر فيما يخص هذا التطبيق، خاصة عندما يكون هذا التمييز المناطقي والشخصي أو الفئوي مبنياً على أسس قومية/إثنية، وهذا الكلام لا يعني بأي حال من الأحوال بأن تلك التشريعات لو طبقت بسوية واحدة على جميع السوريون في المناطق الحدودية، لكانت عادلة، لا أبداً، لكن ما نقصده هو إن تلك التشريعات على الرغم من العيوب الأخرى التي كانت تعتريها، كصدور الترخيص (الموافقة الأمنية) من وزارة الداخلية، وعدم قابلية قرار هذه الأخيرة للطعن به أمام القضاء العادي، وغيرها من العيوب التي سنأتي على ذكرها لاحقاً، فإنها ساهمت في زيادة الشرخ بين مكونات المناطق التي كانت محلاً لتطبيق تلك التشريعات، بسبب البعد التمييزي فيها. فعندما تكون فئة معينة من الشعب دون سواها هي المستهدفة (وهنا نقصد الكرد بشكل أساسي)، فلا شك إن ذلك سيخلق حالة من المظلومية لدى هذه الفئة، وبالمقابل سيخلق نوعا من الفوقية والتنمر لدى الفئات المستفيدة بوجه أو بآخر من تلك التشريعات. وسيتضح أيضاً من خلال الممارسات العملية لمنح التراخيص (الموافقات الأمنية) إن المكون الكردي هو المتضرر بالدرجة الأولى من تلك التشريعات.
سوف نحاول في هذه الورقة إعطاء لمحة عن تلك التشريعات والغاية منها، والتطبيق العملي لها ونهج الحكومات المتعاقبة في هذا التطبيق وكيفية استهدافها للمكون الكردي دون غيره، والبحث في مدى مشروعيتها، وسنحاول بناء على كل ماذكر الخروج ببعض التوصيات التي قد تكون مفيدة للحد من الآثار السلبية لتلك التشريعات وكيفية تلافي صدورها مستقبلاً.[1]