الجو الجديد يعيد العراق الى السكة الصحيحة
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4601 - #12-10-2014# - 23:32
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
ما نقصده بالجو هو الارضية و المناخ المغاير جدا من الناحية السياسية و الثقافية و الاجتماعية و الرياضية و الفنية لما تعود عليه منذ انبثاقه و استمراره كدولة هشة رغم سيطرة الحكومات عليه بقوة الحديد و النار، بعيدا عن التماسك الاجتماعي و القناعة المجتمعية بالوطن و المواطنة منذ بداياته، و هذا ما اعترف به الكثيرون و منهم من الجهابذة و العلماء و الخبراء و المحللين و المراقبين من المثقفين و الاكاديميين المحايدين البعيدين عن السياسة و المصالح الضيقة و ما تفرضه الصراعات الداخلية و الخارجية .
بعد سقوط الدكتاتورية كان الشعب يعتقد بان الامور سوف تكون بنسبة مقنعة على شكل يرضي نسبة كبيرة او غالبية الشعب العراقي(اذا ابتعدنا نظرية الشرق الاوسط الجديد عن تحليلاتنا او حللنا ما نعتقده وفقها) في هذا العصر الذي لا يقبل الا التراضي و القناعة الذاتية في واقع تكون الديموقراطية هي المسند الاساسي لتسيير النظام و امور الشعب، انه كان خيالا او حلما و ربما للطوياويين الذين لم يحسبوا للمصالح المتدخلين القريبين و البعيدن و تاثيرات واقع المنطقة ككل على الشان الداخلي العراقي بشكل عام .
طالما كنات الثقافة العامة بهذا المستوى و الوعي العام بهذه النسبة، يحتاج التغيير الى فروضات فوقية و نتاجات و سيطرة نخبوية ربما مضرة لجانب من الديموقراطية التي فيها سلبيات كبيرة لحال العراق الخليط من الشعب الموزائيكي التركيب المتسم بالاعتناقات الدينية و المذهبية و العرقية المختلفة و المتفاوتة، تقاطع و تجانب بعضها البعض و تضاد البعض في كثير من الجوانب ايضا .
الحرية في تقرير المصير لاية فئة تنوي ذلك لو تتمكن من ادارة شؤونها و القناعة الذاتية و الطوعية في اختيار النظام و الحكم من شروط الرضا، وتفرض بعفوية التمسك بالكيان و التضحية من اجله .
العقلية الانسانية البعيدة عن الحزبية و الايديولوجية و الصراعات الضيقة، النظرة الى الاخر بعقلانية و بخلفية انسانية تقدمية، الانتقال الى مرحلة جديدة و نسيان الماضي الاليم و البدء بمرحلة معتمدة على (عفا الله عما سلف ) بكل قناعة، الايمان بالانسان قبل اي شيء اخر و الاستناد على مقولة (خسارة و تفكك الف وطن ولا قطرة دم تسفك)، و من ثم الحوار و التوافق و النقاشات المتعددة المختلفة الاوجه و المضمون لاقتناع الجميع بما يجب ان يكون عليه العراق، سيكون شبه حل للمراحل القادمة، و الا ستستمر الحال كما هي او اسوا لعقود او ربما قرون ان لم نبالغ و الى ان تستكين الحال و تقع على ما يفرض واقع ما نفسه على الشعب بعد خسائر فادحة، و يستوجب ذلك ايضا القناعات الذاتية لكافة الجهات و القوى و الفئات .
هل بالامكان تحقيق هذا، ام يحسبنا الكثيرون اننا نتخيل و نحن من الطوباويين، و لا يمكن ان يستقر البلد كما قال الكثيرون الا على يد دكتاتور عادل و لا يمكن وجود مثل هذا الكائن في اي مكان لان كل دكتاتور ظالم، و لا يمكن ان يتحسب بعض الاستقرار و توفير الامن و الامان عدالة .
نعني بالجو الجديد هو استبدال الهواء السياسي الثقافي الاجتماعي العام بشكل مطلق و بالتدرج النسبي، اي الوصول الى المطلق بسلم تغييرات نسبية متتالية من خلال تطبيق خطط و برامج علمية مدروسة و بحوث مستندة على التجريبية في الخطا وا لصواب في التطبيق لكل مرحلة متنقلة . يقول البعض انه مستحيل في ظل وجود هذا البلد بين ظهراني هؤلاء الجيران الذين لا يوجد فيهم من يهتم بنفسه فقط دون تدخل في شان الاخر، و هم جميعا يسيٌرون سياساتهم استنادا على التدخل في شؤن الاخر لضمان ما يهمهم داخليا، و هذا من متطلبات سياسة اليوم في هذه المرحلة و المنطقة بالذات، و حتى يمكن ان يُقال ان هذا لم يحدث في اوربا لحد اليوم، نقول اننا بما ننوي يمكن ان نصل بعد عقود الى ما وصلت اليه اوربا و يمكن ان نتساوى بهم في القرون المقبلة لو وجدنا مجموعة عقلانية انسانية نخبوية تتمكن من فرض ما تفكر و بعقليتها على السياسة و الساسة و بدئا من اتخاذ الشعب كعامل مساند و دافع قوي لو سارت الخطوات لصالحه في كل مرحلة . لو خيرت الفئات و المكونات في المنطقة لانقسمت و انشقت الشعوب الى دويلات و اجزاء و اقاليم، فليكن، ان كان الانسان يهدف الى العيش بسعادة في حياته و ان كانت مجموعة راضية بشكل معين من الحكم و النظام و حدود او خارطة مقتنعة بها و لم تضر بالاخرى، فلما لا تكون حرا فيما تريد و تختار لها .
لو اقتعت الحكومة و النظام في العراق بهذه الخلفية الفكرية العقلانية التقدمية و تفاوض و حاور على اساسها، لوصل الى نتيجة مقنعة في وقت قياسي و ابتعد عن الحراب و الصراع الدموي في غضون سنوات قليلة فقط .
و تطبيقا، انه يحتاج لمؤتمر تاسيسي عام لمجموعة خيرة مثقفة خبيرة عميقة انسانية الفكر و العقلية بعيدا عن التحزب و السياسة و الايديولوجيا المحيرة و الغالقة او المعيقة لطرق الحل، وكيف ذلك، انه يمكن ان يتم بمشاركة ومساعدة المنظمات المدنية و الاممية و مؤسساتها بعد طلب العون منها و بسلطة و تنفيذ من قبل ابناء الشعب ذاته دون غيره . اذا كان هناك من اختار نوعا من الحكم و لم يضر بجاره ولو كان قرية لما يُمنع و ان بنيت عشرات الدول، فما الضير؟[1]