المواقف المتقلبة لتيار الاسلام السياسي في كوردستان
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4591 - #02-10-2014# - 23:22
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لابد ان نشير هنا الى ان التيار الاسلامي الكوردستاني كما هو في المنطقة و العالم ليس موحدا و هو في صراع دائم سواء مع بعضهم ام مع الاحزاب العلمانية، نتيجة اجتهادات فكرية كانت ام مصالح حزبية، وما موجود لدينا في اقليم كوردستان، منهم معتدل سمح و اخر متشدد نسبيا و حتما اقل من السنوات العجاف من حربهم مع الاحزاب العلمانية باسماء و بحجج مختلفة و منها واهية نتيجة تبعيتهم لهنا و هناك من الجهات الخارجية في حينه من جهة، و تاثرهم ايضا بالتنظيمات الاسلامية العالمية التي كانت في ذروة نشاطها و تاثيراتها العالمية من جهة اخرى، و حدثت الحروب في ظروف كان الشعب الكوردستاني يعاني من الحصار البعثي و السلطة الفتية غير العالمة بامور الحكم مستندة على الحزبية الضيقة بعيدة عن المؤسساتية، ليس لها خبرة حتى في ادارة الامور الذاتية او لم تلب حتى الاحتياجات الضرورية البسيطة للمواطنين .
و المعلوم ان العلاقات الوثيقة بين بعضهم و التيارات الاسلامية العربية العريقة و تبعية بعضهم لها قد افسد عليهم حسن التعامل مع الظروف كوردستان الخاصة، و تغيرت مواقفهم تجاه القضايا و الاحداث وفق ظروف و مواقع و دور تلك الاحزاب الاسلامية و من يسندهم من الدول و التنظيمات العالمية، و حتى بعضهم انتهز ظروف كوردستان السيئة بالاموال التي تدفقت اليه من الدول الخليجية سواء باسم الجمعيات الخيرية او هبات سياسية و ثبت قدمه بين الجماهير الكوردستانية بشكل قوي رغم قصر عمره .
ان كنا دقيقين في التقييم لمواقف التيارات او بالاحرى احزاب الاسلام السياسي لابد ان نذكر ان الفروقات كبيرة بين ما ابدوه في كل من العقدين الماضيين عن بعضهما نتيجة لتغيير الواقع السياسي في كوردستان بشكل عام في العقدين من جهة و تغيير ظروفهم الذاتية ايضا من جهة اخرى .
فحدثت انشقاقات كبيرة في صفوفهم و اشتدت صراعاتهم الذاتية و استغلت ايضا من قبل الاحزاب العلمانية و توزعوا على جانبي الصراع العلماني في كوردستان وفق مصالحهم السياسية و ليس المبدئية ابدا .
ان الملاحظ في ثبوت جماهيريتهم نسبيا وعدم التغيير المنظور في قدرتهم من عدة جوانب فان الوضع الاجتماعي و الاقتصادي و السياسي العام كان له التاثير المباشر على جماهيريتهم و ثقلهم السياسي، بعد سقوط الدكتاتورية العراقية و تحسن الوضع المعيشي في كوردستان، لاحظنا بشكل جلي توقف نموهم المفرط الذي حدث في التسعينات و كان لهم السطوة على السلطة الكوردستانية، فتبين للجميع و بوضوح ان هناك علاقة تناسبية متوازية طردية بين الوضع الاقتصادي و النمو العددي للاحزاب الاسلام السياسي .
اما مواقفهم من القضايا العامة و ما يخص السياسة، كما هو حال الاحزاب العلمانية كانت المصلحة الحزبية و الشخصية في مقدمة الاعتبارات لكل قضية و حدث، و ان اعتمدوا على الدين منهجا و فلسفة نظريا الا ان مسيرتهم السياسية لم تختلف ولو بذرة صغيرة جدا عن الاخرين، فصراعهم مشابه و تعاملهم ذاته و مواقفهم لا يمكن ان تفرقها عن اي تيار او حزب اخر، و لهم تكتيكات و استراتيجيات ربما خاصة بظروف كوردستان الا ان بعضهم اثبت تبعيته في الكثير من الاحيان لمرجعيته التنظيمية العالمية عندما كان اعتماده الكبير عليه تمويلا و تفكيرا و توجيها .
في العقد الماضي و بعد هدوء نسبي في كوردستان بعد سقوط بغداد، تحسنت احوال الشعب الكوردستاني اقتصاديا خفت رونق هذه التيارات و اخذوا مواقعهم الحقيقية لحد يمكن ان يكون ثابتا و بتغير قليل جدا زيادة و نقصانا و بتغيير المواقع بين الاحزاب الاسلامية ذاتها و ليس مع العلمانيين . الا انه توضح للكل نسبتهم و قدرتهم و حجمهم الطبيعي .
لذلك يمكن ان نقيس موقف اي منهم وفق حجمه و ثقله و نظرته الى السلطة الكوردستانية، فبعد الرفض التام للسلطة العلمانية بداية التسعينات الى التعامل و التعاون و التحالف معها في الفترة الاخيرة اضافة الى تغيير مواقفهم مع الاحداث الاقليمية و العالمية اعتمادا على مرجعياتهم الاقليمية و العالمية لبعض منهم و باجتهادات خاصة لبعض اخر . اما مواقفهم الداخلية من الامور العديدة الخاصة بكوردستان ولما يحدث في اقليم انهم استندوا على البراغماتية بشكل مطلق دون الكلام عن الفكر و العقيدة و المنهج و الفلسفة التي يعتمدون ابدا . لذلك وجدنا تقلبات كثيرة في مواقفهم بين فترة و اخرى، و انهم تبنوا علاقاتهم العامة على مقدار المنفعة ايضا دون الالتفات الى اي شيء يقيدهم فكريا او عقيديا، لذا تراهم متحالفين مع البعض مع هذا الحزب تارة و مع هذا الحزب العلماني في اخرى، و لمسنا كيف تنقلب مواقفهم بين ليلة وضحاها ان وجدوا ما يهم مصلحتهم في تغيير الموقف، كما يتبين الان من بعد انتهاء سنين العسل من التنسيق و التحالف اثناء المعارضة مع حركة التغيير، فاليوم اتخذوا موقفا خاصا و محرجا لهم من حليفهم بالامس، و قاجئوا المتابعين بنقلتهم الغريبة بعد اشتراكهم في الحكومة الكوردستانية المؤتلفة الجديدة.[1]