هل تعيد امريكا سمعتها الدولية
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4586 - #26-09-2014# - 08:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
وفق منطق الراسمالية، لا يمكن ان نتوقع ان تكون امريكا الدولة الراسمالية الكبرى الجشعة تصرف الجهود الكبيرة من النواحي كافة في منطقة الشرق الاوسط لسواد عيون شعوبها، و بديهي ان نقول انها تفعل اي شيء لمصلحتها و لتفرض ما تريده من الشروط و ما تؤمن به كنظام لغرض استمراريته و الذي تعتبره الناجع فكرا و فلسفة مقارنة بالذي تعتقد بانه فشل الى الابد وهو النظام الاشتراكي، و اغترت كثيرا و فشلت فشلا ذريعا في العديد من المهام التي حاولت انجازها في العالم اجمع، و على الرغم من تفردها قوة و سيطرة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي الا انها فقدت سمعتها بافعالها الفاشلة طوال العقدين الماضيين .
خسرت امريكا الكثير من الاصدقاء و هم متذمرون منها سرا او علنا لاسباب و مصالح، و لم تكسب اعداءها الا القليل، و هذا يمكن ان نجمع اسبابه الى تخبطها كثيرا في سياساتها و عدم الاعتماد على النتيجة النهائية في افعالها و مما يحصل جراء تدخلاتها العديدة، فخسارة حرب كبيرة سياسيا في منطقة الشرق الاوسط اثرت على مسارها و حيويتها و جعلتها ان تعيد الاخطاء و تريد ان تصححها باخطاء اخرى و لم تنجح فيها . ازدادت النقمة عليها منذ اسقاط النظام العراقي، ليس حبا بعيون الدكتاتور العراقي الذي انقذت امريكا الشعب العراقي منه، و لكن عدم قرائتها للواقع العراقي و ما يلائمه بعد الحرب و تدخلاتها الملحة في تفاصيل الامور و محاولتها ادارة البلاد بنفسها ولو بغير مباشر فازداد من نسبة فشلها و فقدت سمعتها كدولة تريد ادارة العالم بارادتها . استهلت امريكا تنفيذ مهامها الكبرى في دورة بوش الابن دون اية لفتة الى ما تقع فيه، و انغمست في الوحل، اما الان و زمن حكم اوباما، ترى بالتاني كثيرا و العمل بحذر فرصة اكبر لنسبة اكبر من النجاح، و الخوف من تكرار الفشل ازدادها فشلا في النهاية، على الرغم من قرائاتها الكثيرة الا انها تبالغ في الخشية و الحذر كثيرا مما يفلت من يدها زمام الامور لعدم استغلال الوقت . و هذا ايضا ازداد من عوامل النقمة و الكراهية لسياسات امريكا و فقدت به السمعة و حتى المكانة التي احتلتها عند التسعينات من القرن العشرين .
اليوم دخلت امريكا في حلف و هي تشرف عليها بهدق محاربة داعش علنا و اعاة ترتيب المعادلات السياسية و تنظيم المنطقة هدفا ضمنيا سريا، و بعد جهد جهيد و انتظار و قراءة الحسابات نفذت عمليات عسكريةفي سوريا دون اي اذن من احد مهمشا التحذيرات التي وجهت اليها، و لكنها ليست متاكدة لحد اليوم مما تقع فيه و هي في الوقت بدأتها شهدت المنطقة هناك تغييرات و مستجدات تحصل، كما هو الحال في اليمن و اوكرانيا و لم تقف ايران و روسيا و الصين و حلفائهم ساكتين حتما،و هم يحسون بضرب مصالحهم، و الحذر الزائد قد يفشلهم ايضا نتيجة فقدان عامل الوقت ان تعمقوا في الحسابات الاكثر دقة . اي، لو وضعت الحرب الدائرة اوارها على نتيجة غير مقنعة او على فوضى اكثر و هذا متوقع منها احتمالا في حال نجح المحور المقابل في تحقيق اهافه، و ولو اعادت امريكا الخطا ذاته عند اسقاط الدكتاتور العراقي و تركت النتيجة لصالح الاخرين او لم تحقق الهف الاكبر
فانها ستجبر على االخسارة في السمعة اكثر و هي التي تعطي الضريبة الكبرى من فقدان سمعتها قبل غيرها .
اي الحرب التي بداتها امريكا و برئاسة تحالف يضم وسيلة الحرب المهمة من المال واليات القوة العسكرية، الهدف الرئيسي و العامل الحاسم في نجاحها هوالوصول الى النتيجة المضمونة و المرادة منها، و هي بالاضافة الى القضاء على الارهاب الوحشي لداعش، انها تعتبر هذه الحرب عملية جدية محاولة منها لاعادة سمعتها سياسيا و ضمان الاحترام لها و بها يمكن ان تثق بها المنطقة و توكلها في اعادة ترتيب الاوراق لهذه المنطقة من جديد . انها مرحلة مصيرية، في الوقت هي بدات في تنفيذ خطتها و التي تعتقد ان الظرف ملائم لانشغال المحور المقابل بامور خاصة و تنشغل بها قد لا تجد افضل منه في المستقبل القريب . لو نجحت امريكا قد تعيد السمعة نسبيا وان خسرت النتيجة المطلوبة بالذات لانها تنتصر في حربها و العمليات العسكرية لامحال، فانها ستخسر سمعتها الى الابد . و انها اليوم تراهن على ذلك و تصرف جل جهودها على ذلك بموازاة ما هي عليه من مراعاة وضعها داخليا، لانها لم تتعافى بعد من ازمتها الاقتصادية، فانها انتهزت الفرصة ان تحارب باموال المنطقة دون خسارة لارواح مواطنيها و هذا ما يساعدها داخليا.[1]