تاثير مجيء داعش على المعادلات السياسية في كوردستان
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4585 - #25-09-2014# - 13:11
المحور: القضية الكردية
لم يكن الوضع السياسي الكوردستاني قبل مجيء داعش كما هو عليه الان من كافة النواحي . حيث حصلت تغييرات طفيفة في اقليم كوردستان بعد الانتخابات الاخيرة و النتائج التي فرزت منها، و من ثم انبثاق حكومة اقليم جديدة بدخول المعارضة في السلطة مشاركة مع الجهات الاخرى، و للاسف لم تبق معارضة فعالة و هذا ما سبب التخلخل في المسيرة التي بداتها كوردستان منذ انبثاق المعارضة و ما فعلته و تغير الكثير ايجابيا نتيجة وجود رقابة و النقد البناء و الفعاليات التي وضعت السلطة في مواقف لم تشهدها من قبل و كنا على مقربة من اكتمال بدايات العملية الديموقراطية شيئا ما وكنا على وشك ان تبدا مرحلة جديدة بحيث يمكن فيها ان يوضع قطار الديموقراطية على سكته الصحيحة و نشهد نظاما مغايرا لما سرنا عليه طوال العقدين تقريبا، الا ان مشاركة المعارضة في السلطة اعادت الفراغ الجدي الى العملية السياسية و هدمت بها ركيزة اساسية من ركائز الديموقراطية، علاوة على تغيير في موقع الجهات السياسية بشكل و اخر نتيجة اختلاف اصوات الجهات عند الانتخابات الاخيرة عما كانت من قبل .
هذا في شان اقليم كوردستان، اما في العلاقات و المواقف و ما هي عليه كردستان الكبرى بشكل عام و تاثيرات عملية السلام في تركيا و دخول الحزب العمال الكوردستاني فيها، كان له تاثير ايجابي اخر على سير العملية السياسية لاقليم كوردستان، و لو لم تحصل هناك خلافات جذرية لاقليم كوردستان مع المركز العراقي لكان الاقليم يمر في مرحلته الذهبية، الا ان قطع ميزانية اقليم كوردستان من قبل المالكي اثر بشكل مباشر على معيشة الناس بشكل عام و الموظفين بشكل خاص مما حدى بالناس الى عدم تذوق حلاوة هذه المرحلة المتنقلة في تاريخ كوردستان .
اما بمجيء داعش و اجتياحه الاراضي العراقية في فترة قصيرة جدا غيٌر المعادلات السياسية كثيرا و بتوجهه نحو اقليم كوردستان و احتلاله سنجار و الاراضي الشاسعة من كوردستان قلب ما كانت من المعادلات على عقب .
المرحلة التي وقعنا فيها بعد احتلال سنجار مغاير تماما لما كانت قبلها، حيث هجر مئات الالاف من الناس و توجهوا الى الاقليم مما زاد الطين بلة من الناحية الاقتصادية و بعد توقف المشاريع لمدة حوالي سنة كاملة . اما من الناحية السياسية، و صلنا من الحال من التوجه لادعاء استقلال الى العودة عنه و المشاركة الفعلية في العملية السياسة في العراق تحت ضغوطات متعددة داخلية و خارجية و بفعل تالاثيرات السلبية لمجيء داعش نحو كوردستان ايضا .
ان وجود المحورين في المنطقة و توزيع الحزبين الرئيسين في كوردستان عليهما، يمكن التكلم عنه من كافة النواحي من جانب، و من جانب اخر، حيث دخول حركة التغيير و المعارضة بجميع احزابها الى السلطة ادى الى تبادل المواقع بين الاحزاب من حيث العلاقات و ما تسير عليه السلطة من جهة، و بعد مجيء داعش دخول ( ب ك ك)و ( ا و ك) و( ي ب ك) بتعاطف اطراف خارجية في حلف غير رسمي و غير معلن ماقبل حلف ( ب د ك ) و حركة التغيير و بتعاطف و تحالف خارجي ايضا و بالاخص بعد محاربة داعش و ما حدث في الجبهات و ما كانت عليه المعادلات السياسية قبله ايضا، تعيَرت الكثير من المعادلات .
اليوم برزت خلافات اخرى بين الديموقراطي الكوردستاني و الاتحاد الوطني نتيجة لما حدث، و ما برز من المواقف للمحورين حيث لم تنبس تركيا حليف الديموقراطي الكوردستان ببنت شفة و لم تبد اي موقف عند زحف داعش نحو كوردستان، و في المقابل الدخول المباشر لايران حليف الاتحاد الوطني و السلطة العراقية على الخط و محاربتها لداعش و ان كان لاساب يخصها قبل اي احد اخر و من اجل مصلحتها، الا انه اثر على مواقف و مواقع الحزبين الكوردستانيين الديموقراطي و الوطني .
بعد التغييرات و ابتعاد داعش عن عتبة الباب لكوردستان تقريبا ظهرت الى العلن عدة مواقف و تصريحات من اجل تقوية الذات لكل حزب ولامكانية الخروج من الموقف السلبي لبعض الاطراف فحدث تخلخلا في العلاقات الداخلية في الاونة الاخيرة، الا ان تاثير الوضع الاقتصادي السيء نتيجة قطع ميزانية اقليم كوردستان من قبل المالكي و لحد اليوم و حتى بعد مجيء عبادي له تاثيرات سياسية سلبية اخرى على المرحلة المتنقلة التي يمر بها اقليم كوردستان و المنطقة ككل .
و هذا ما يحتاج لاعادة النظر في سياسة الاحزاب و السلطة في اقليم من اجل تمرير المرحلة بسلام و عدم الانغماس في متاهات لا مخرج منها، و هذا ما يتطلب من الحزبين الرئيسين الجلوس مع البعض لبحث الموضوع بشكل جدي من اجل ما يهم كوردستان و مصلحة ابنائها قبل ان يفلت الملجم من اليد و تفرط العقد لصعوبة الحال التي نحن فيها اليوم، و قد لا يفيد الندم بعد فوات الاوان.[1]