كيف تكون اليسارية في كوردستان
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4579 - #19-09-2014# - 20:23
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
قبل انهيار الاتحاد السوفيتي، كانت الاشتراكية و ما سموها بالشيوعية ملتصقة بالثورة البلشفية و انتشرت في العالم و انبثقت منها الحرب الباردة و المعسكر الاشتراكي، و مرت بازمات خانقة تاثرت و اثرت فكريا و فلسفيا و سياسيا، و لكنها كانت تحمل في نواتها اسباب الوصول الى النتيجة التي وصلتها، و اكثر العوامل كانت تكمن في التطبيق اكثر من النظرية، فاكبر المؤثرين سلبا على مسيرة الاشتراكية في الاتحاد السوفيتي هو ستالين و الى حدما بريجنيف، الا ان صعود يلتسين بالشكل البهلواني و سلوكه ادى الى تهاوي النظام السوفيتي و انهارت معها المعسكر الاشتراكي لكون الروابط بين دولها مع السوفيت تبعية و ليست علاقات طبيعية تعتمد على الفروقات و الخصوصيات الموجودة في كيانات بلدان المعسكر، فالعراق بحزبه الشيوعي كان اشد التابعين للحزب الشيوعي السوفيتي و قادة الكورد الموجودين في قمة الهرم لهذا الحزب كان لهم ايضا دورا في نقل ما كانوا عليه الى المنتمين الكورد لهذا الحزب، الى ان انبثق الحزب الشيوعي الكوردستاني و التغييرات التي حصلت في كوردستان و وصل هذا الحزب الى ما هو عليه الان، الجدير بالذكر انه اصبح تابعا لحزب قومي بدلا من الحزب الشيوعي الروسي، وحال هذا الحزب يُرثى لها اليوم، و يحزننا ان الشباب الكوردستاني اليوم و الاحزاب المحافظة تربط اليسارية كفكر و فلسفة و منهج و سياسة بالحزب الشيوعي الكوردستاني منعتين اياه و منتقدين اليسارية من خلاله، هذا عدا الاحزاب الصغيرة الاخرى التي نظريا ترتبط بمنهاج الشيوعية او اليسارية بشكل عام، و هم ليسوا بافضل حال من الحزب الشيوعي الكوردستاني .
من المعلوم بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، انتهزت الراسمالية العالمية الفرصة لنشر مبادئها و افكارها على اراضي بقايا الدول التي كانت منتمية الى المعسكر الشيوعي، مستغلة ضعفهم و الوضع لااقتصادي البائس الذي كانوا فيه .
فلم يبق مجال امام الاحزاب الشيوعية و منها العراقي طريق ليقتدوا بالحزب الشيوعي البلشفي الروسي كمنقذ و مسند لهم من النواحي الفكرية التنظيمية المختلفة . و استمر الحال و لحد اليوم ضعف الحزب الشيوعي العراقي و نقلوا كامل سلبياتهم الى الحزب الشيوعي الكوردستاني و لم يفكوا الربط بينهم على الارض لهذه اللحظة، رغم الفروقات الشاسعة بين الواقع الكوردستاني ومجتمعه مع الواقع العراقي و مجتمعه من الناحية الطبقية و الظروف السياسية و الاقتصادية و الثقافية العامة .
هنا لسنا بصدد تقيم اي حزب، و انما نبين راي حول العمل اليساري و كيفية انبثاقه او انتعاشه وفق الموجود في كوردستان، وما هو الواقع الكوردستاني الذي يجب ان يُقيم بعيدا عن كافة البلدان المحتلة لها و كيف يؤخذ على الاعتبار الفروقات الجذرية بين شعبها و شعوب المنطقة، وبصراحة تامة، كيف تكون اليسارية على ارض كوردستان و ما التغييرات الواجبة اجرائها من الناحية التنظيمية الفكرية لاعادة دورها و تاثيراتها على الارض بعيدا عن التبعية و الفساد و قراءة مميزات الشعب الكوردستاني لنرتكز عليها في انتهاج طريقة مناسبة لما يجب ان تبلغه اليسارية فكرا و فلسفة و منهجا ليتبعها اليساريون، و ما هي الخطط التنظيمية و اشكالها التي التي تجب ان تُعتمد و يمكن ان تفرض نفسها بقراءة الواقع بعقلانية و واقعية بعيدا عن الخيالات التي سار عليها السابقون، كي نرسي على الخطوة الاولى لليسارية الواقعية الحقيقية الصحيحة المناسبة لما فيه كوردستان ارضا و شعبا و كيانا .
بداية يجب ان نبتعد عن اي فكر يؤدي بنا الى ان نقتدى باي حزب اخر في العالم اجمع، كشرط للخوض في غماربناء يسار يلائم الواقع الكوردستاني معتبرين من الظروف السياسية الاقتصادية الثقافية الكوردستانية العامة المختلفة مع الاخرين اولا، و من ثم نعتبر من تاريخ اليسارية و الشيوعية و الاحزاب الشيوعية العالمية بشكل عام و مسيرة قادتهم و الانحرافات المؤثرة التي حدثت فيها و ما احتوته تلك الاحزاب من القيادات الفاسدة من كافة النواحي و تاثير المخابرات العالمية علي مسيرتهم وكيف تاثرت الاحزاب بهم واثروا علىها و تغيرت شكلا و مضمونا .
بعد قراءة الواقع الطبقي و تحديد الشرائح الموجودة في كوردستان و من هم ليس بطريقة جمودية و انما قراءة واقع طل طبقة و شريحة اقتصاديا لتحديد وقعها بعيدا عن ما سبق من ان العمال فقط هم الطبقة المعتمدة لليسارية و التي كان المفروض ان تكون هي الاساس للثورات اليسارية، و انما الذي سميناها بالبرجوازية الصغيرة و الفلاحية و المهنيين الاخرين يجب ان يدخلوا في التعامل معهمو اتخاذهم قاعدة للاحزاب اليسارية الواقعية الجديدة مواكبة مع الظروف المستجدة في كل المجالات الحياتية المرتبطة بالانسان و ما يخصه فكرا و طبيعة و حياةً بشكل عام و تحديد الطبقية وفق الاسس الجديدة التي تفرض نفسها و اتخاذ الفكر من كل حسب طاقته و لكل حسب عمله كمبدا اساسي للبناء عليه .
اعتماد الديموقراطية بعيدا عن كل الدكتاتوريات اسما و تركيبا، و البناء على اليسارية في هذه المرحلة على اساس ان الشيوعية تتحقق في المرحلة التي تنضج و ترسخ فيها كافة مقوماتها بعد الرامسالية، و هذا ما يتطلب تاجيل ادعاءها و اتقاء تداعياتها و افرازاتها ان ادعيت جهارا في مثل المجتمع الكوردستاني .
اما على الصعيد التنظيمي الحزبي، فيجب حل كافة الاحزاب التي تدعي يساريتها و منها الحزب الشيوعي الكوردستاني او انعقاد مؤتمر توحيدي وفق الاسس و المباديء و الارضية الجديدة بقراءة و عمل و تنفيذ مغاير لكل منهج و فكر يُعتمد، بعد ازالة اسم الشيوعية منها و الانكباب على ما يهم اليسار فو ما يفيده و ما يفيده و يدفعه الى النمو و تكثيف الجهود لفرض الذات و بناء ثقل مؤثر في كوردستان و التاثير على المجتمع و قبل جميعهم النخبة و بعد تعين الطبقية الجديدة و بالاخص على الشباب في هذه المرحلة، و لا يتم هذا الا بقيادة شابة متفهمة و فاهمة لليسارية و لها امكانية قادرة على اداء واجباته بعيدة عن الافرازات السلبية للاحزاب الشيوعية و اليسارية التي تركت ارثا ثقيلا على اليادة المتسقبلية، بفسادهم و تدنبهم الخوض في التجديد و اتخاذهم المصلحة الشخصية و الحزبية السياسية في نطاق ضيق مسندا و هدفا لهم قبل اليسارية و ما تريدها نصا و مضمونا و شكلا، و الاتعاض من هذه الاخطاء المقصودة و غير المقصودة، و به تُطوى صفحة مظلمة من تاريخ اليسارية في كوردستان و تبدا حركة التحرر الوطني و الطبقي معا . اي اننا نحتاج قبل اي شيء الى تغيير جذري في التوجهات الفكرية و السياسية و التنظيمية اولا و من ثم الخوض في الفلسفة اليسارية عقلا و توجيها .
و بعد ذلك يمكن تحديد الهدف الاساسي القديم الجديد في وجود دولة كوردستان او كماهي ضمن اقليم فدرالي، و هو اعتلاء السلطة ربطرق و اساليب ديموقراطية سلمية بعيدة عن العنف الذي لا ينتج الا الخراب و القفز على الحقائق على الارض، من اجل التغيير بتوجهات يسارية و ليس برجوازية راسمالية كما هي الان، و يمكن ان تحصل هذا بعد التطور الديموقراطي المنشود كاساس مع التغييرات في البنية التحية و الفوقية للمجتمع الكوردستاني، و على عاتق اليسار السعي لهذا التطور ودفع المجتمع نحو التغيير بشكل طبيعي، و الواقع الكوردستاني يتحمل النضال من اجل اليسارية الحقيقية لا الشيوعية و هي مرحلة ابعد، بعيدا عن الاحتكار .
فان كانت اليسارية و العمل عليها و تطبيقها صعبة لنا في هذه المرحلة و ما نحن فيه منالمستوى العلمي و الثقافي و الاجتماعي، فخير لنا ان نتك الشيوعية ان تبدا خطواتها الاولية مستقلا ايضا في بلدان وصلت تطوراتها حدا يمكننا ان نتصور بانها قد تنتقل الى بدايات الشيوعية في المستقبل البعيد ايضا، فكيف بنا نحن و لم تترسخ الارضية للانتقال الى مرحلة الاشتراكية بعد، فلنعمل وفق المرحلة الحالية و ما يساعدنا على النجاح من الواقعية و ماموجود على الارض و نحن نتعايشه و نلمسه.[1]