هل يمكن ان يكون العبادي منقذا لما فيه العراق ؟
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4574 - #14-09-2014# - 17:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
وصل العراق من جميع نواحي الحياة الى الحضيض الذي يعيشه اليوم. لم يكن الشعب و لا السلطات الهمجية التي حكمته في تاريخه قد اوصلوه الى هذه الحال التي فيها، من التشتت و التخلف و سيطرة عقول متخلفة على زمام الامور فيه، و هو يعيش في ظل سيادة المنبوذ و صاحب العقلية الجاهلية في ظل غياب النخبة التي يشتهر العراق بابداعاتهم و هم كثر ان كانوا في الداخل العراقي او خارجه في تاريخه الطويل .
بعد حكم الدكتاتورية الذي دام ثلاث عقود و نصف، انقلب كل ما يمت بصلة بحال العراق ثقافيا و اجتماعيا و اقتصاديا على العقب، فتغيرت معه السمات و المميزات التي كان العراق يتمتع بها دون غيره، و تناثرت اشلاء الوضع الاجتماعي بعد السقوط اكثر مما كان من المتوقع ان يصل اليه .
منذ سقوط الدكتاتورية لم يعتل منصة السلطة من يمكن ان يثق به العراقيون و ان يعتبروه هو من يمكنه ان يصلح حال الشعب و يعيدها الى نصابها المامول، لاسباب و عوامل موضوعية و ذاتية عديدة نابعة من تاريخ العراق و ما تتميز به مكوناته و من الفروقات الجوهرية في تفكير و عقلية و خصوصيات كل مكون و كانهم شعوب مختلفة عن البعض و لهم تاريخ و جغرافيا مختلفة على ارض الواقع . بعد زوال الحكم المالكي الذي ازداد من الطين بلة و عمق الجرح و فعل ما لم يُتوقع منه لاسباب و اغراض ذاتية قبل ما يفكر فيما يهم الشعب و ان ادعى العكس نظريا و هو ذات خلفية دينية مذهبية و منتمي الى حزب عريق عانى من الدكتاتورية، و لكنه لم ياخذ ما مر به حزبه بعين الاعتبار و انسلخ حتى من كافة تعليمات حزبه و تجرد من الخط العريض لاهداف مؤسسه و عمل من اجل شخصه و تفرد و لم يهتم بما يهم العراق كشعب قبل نفسه، ربما لانه من تربية و نشاة فرضت عليه ذلك و عاد الى اصله في كيفية حكمه و تنفيذ سلطاته .
اليوم جاء العبادي و هو من المنشا الحزبي ذاته و من التظيم و التعليم و الايديولوجيه ذاتها و من الظروف السياسية الحزبية ذاتها، و باختلاف تعليمه و تربيته و نشاته الاجتماعية و محل و ظروف ولادته و ترعرعه، و في وقت يمكن ان يعتبر لما سبقه اكثر اهلية من غيره في استلام زمام الامور، و في مرحلة وصلت المنطقة الى حال لا تقبل الاخطاء و الاهتمام بالامور الشخصية، وهو اليوم يراد منه الكثير في اموره الشخصية الفكرية كي يتفرغ كليا حياتيا و فكريا و فلسفيا و ايديولوجيا الى ادارة موقعه الاهم في العراق، و انه و بانسلاخه و تجرده من الخلفية الحزبية الايديولوجية من اجل الخدمة العامة و ليس لشخصه كما فعل من سبقه، حينئذ يمكن ان يتفائل به الشعب العراقي المغدور . ان كان سلفه تربى على تعليمات و مقومات و ركائز العشيرة و الجاه الاجتماعي و ما تفرضه التربية العائلية على النشاة و الخلفية الفكرية و العقلية، فان السيد العبادي من بيئة و عائلة علمية عقلانية ان عاد الى سمات النشاة و التربية سيكون له باع كبير في اعادة الحمل الى توازنه المطلوب , و ما بدر منه من القرارات و التعليمات و التي تعتبر الخطوة الاولى الصحيحة لاعادة الثقة، فانه يبشر بالخير و الخطوة الاولى التي دعت ان يتفائل الجيمع به و له فرصة كبيرة ان يكون محل ثقة الشعب العراقي بجميع فئاتهم و يزيد من هذه الثقة كلما خطى بالاتجاه الصحيح .
ان اعتبر العبادي نفسه مستقيلا من حزبه و تعلمياته ولو من داخله نظريا و معبرا عن تلك النية والخطوة بافعاله و تعامله مع الناس و مع كرسيه، فانه لا يمكن ان يُجبَر على افعال ليس مقتنعا بها، و لا يمكن ان يؤمٌن طريق النجاح الا بحياديته و نظرته المساواتية و قراراته السليمة في هذا الاتجاه من كافة النواحي .
سيعلمنا ما تنتجه يده و عقله ان كان منقذا حقيقيا للعراق من الوحل الذي فيه، فيسجل تاريخا حافلا ناصعا له و يعتبر اسمى شيء ليفتخر به و ليس ما فعل في حزبه داخليا من قبل.
العراق و ما يتسم به يفرض على اية سلطة له ان تاخذ بعين الاعتبار مجموعة من الامور الاجتماعية و السياسية و ما تراكمه التاريخ نتيجة الفروقات الكبيرة في الحياة المعيشية لمكوناته من جهة و التاريخ الدموي الذي مر به من جهة اخرى، اضافة الى التدخلات المباشرة في شؤنه من قبل المصلحيين اقليميا اكثر من غيره و محاولا الى قطع دابرها قبل الامور الداخلية . اول الامر الذي يمكن ان يعتبر منه السيد العبادي هو تقوية الشان الداخلي و التقارب وتجسيد مفهوم التعامل المتكافيء مع الجميع المختلف و ما يزيد من القوة الداخلية التي تمنع التدخل المباشر و تسد طريق الحيل و المناورات و المراوغات الخارجية و اللعب على ارض العراق بسهولة كما فعلوا من قبل .
انه الرجل المؤثر صاحب اكبر صلاحية التي تريد عقلا و فكرا و امكانية من يعمل بها عصريا ملائما لما فيه العراق و ما يهمه قبل اي شيء اخر، و الصحيح ينتج الاصح و لا يصح الا الصحيح في النهاية، و لكن لا نريد اضاعة الوقت اكثر ويامل الجميع ان يدع العبادي نهاية للمآسي، و له القدرة في ذلك ان كان في محله الصحيح و اهل للمرحلة وا لعراق و ما هو عليه.[1]