لماذا يتعامل اوباما مع داعش بدم بارد
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4564 - #04-09-2014# - 18:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
تلقى اوباما و لايزال انتقادات كثيرة من جميع الجهات و من الجمهوريين بشكل خاص، و كل حسب موقفه، الا ان المحافظين الجدد كانوا شديدن في انتقاداتهم ليس من اجل الضحايا التي تذهب يوميا على يد داعش و انما نتيجة الصراع الموجود بين الجمهوريين و الديموقراطيين و خاصة الصقور منهم مع ما يُطرح من مواقف لينة و حذرة من الطيور في الطرفين .
الدولة المؤسساتية مهما كان دور السلطة التنفيذية فيها، فان الاستشارات فاعلة و تاخذ دورها السديد في المواضيع الساخنة على الاقل، مع اهمية الاجتهادات و السياسات الشخصية البحتة مما نتوقع ان الاراء تتكتاثف و تُعرض مواقف عديدة على اوباما و هو كما المعروف عنه وهو المعلوم في سياساته انه يناقشه مع المقربين المؤثرين، و من ثم يطرح موقفا معينا جامعا. اما في حالة داعش فان المراكز الفكر و المعاهد السياسية الاستراتيجية شغالة وفعالة و هي على اهبة الاستعداد في هذه الدولة التي تسير بدقة متشددة رغم الاخطاء التي ترتكبها في المناطق التي تهتم بها، و تطرح افكار و مواقف عديدة و بدراسات علمية دقيقة .
مهما كانت الضحايا التي تقع على يد داعش الا ان هناك استراتيجيات مهمة تريد امريكا و اوباما استحصال نتيجة مقنعة منها كما راينا من سساسته الدقيقة في ازاحة المالكي نتيجة عدم التدخل السريع للوقوف ضد داعش، كما حصل عندما توجه الخطر نحو كوردستان، و كانت السرعة التي تحركت بها امريكا حيال اربيل غير متوقعة و خاصة من اوباما و المعروف عنه ببرودة تعامله مع كافة القضايا و البعض منها تخرج من تحت السيطرة قبل ان يتدخل بشكل قاطع و في وقته . سياساته ازاء غزة و فلسطين بشكل عام و مع الثورات الربيع العربي يدلنا على كيفية تعامل رئيس امريكا مع القضايا العالمية و من اين يبدا و كيف يتعامل .
و من السياسات السابقة لرئيس امريكا الديموقراطي يمكن ان نتلمس انه يمكن ان يستغل وجود داعش لتصحيح مسار المنطقة بكل تفاصيلها بروية بعدما نجح في العراق لحد اليوم من الناحية السياسية و من تعامله مع ايران وفق ما ارادته القضية الخطرة و المؤثرة على المصالح الاستراتيجية العالمية و الامريكية بشكل خاص .
انه يتحضر لعملية جدية، و من اليوم فهو يكثف جهوده من اجل جمع العديد من الدول و ما يحتاجه هو انبثاق تحالف على غرار ما حصل في عملية اسقاط الدكتاتور العراقي، و لكن بشكل اكثر بطئا و تكاتفا لان الهدف يمكن ان ياخذ وقتا لتحقيقه نهائيا، و يعمل بروية اكثر، نتيجة تدخل الكثير من الاهداف والنياتو اهتمامه على تحقيق اهداف سياسية قبل العسكرية، فهو الان منصبكل جهوده على ضرب الداعش، و يجب ان يختارالوقت المناسب و التحضيرات السياسية البعيدة المد، و ما يهمه هو اختيار العمل ببقاء بشار الاسد و ادخاله في المعادلة و عندئذ عودته الى الساحة الدولية ام عدم السماح له و تهميشه و افلات الفرصة منه من اجل ابعاده، لو اتفق سريا مع ايران على ضرب داعش في سوريا و بشرط احلال بديل للنظام السوري كما اتفقا على بديل المالكي، و هنا توجد روسيا و لكن الاهم هو ايران و موقفها لانها اكثر تاثيرا على الارض، وباتفاقيا متعددة الاوجه يمكن ان يجدوا بديلا سياسيا يتوافق عليها الجميع و يضمن ابعاد الاسد و ايجاد بديل مناسب للطرفين، بعيدا عن اسقاط النظام كمؤسسة بشكل كامل كما حصل في العراق .
ان كان تعامل اوباما مع القضايا الاقل اهمية بتلك البرودة المعروفة عنه، فانما تعامله مع قضية داعش و بالاخص في سوريا و استئصاله يمكن ان ياخذ وقتا و تنظيما و ترتيبا و يحتاج لمدة ليست بقليلة، لان جذور و منبع داعش في منطقة مكتظة بالتعقيدات و ان قلعت جذورها يمكن ان يؤثر سلبا على المنطقة و مستقبلها و تتخبط و تتداخل المعادلات و تصاحبها اخطاء لا يمكن الافلات منها بسهولة و كما حصل بعد سقوط الدكتاتور العراقي السابق . لذا ان كنا نلوم اوباما قبل هذه القضية على برودة اعصابه و تعامله البطيء الحذر جدا مع قضايال العالم المهمة الا اننا يمكن ان نعذره على الحذر الواجب الذي يتخذه حيال قلع داعش من منبعه اليوم، لان العملية تحتاج لترتيبات صعبة و تحضيرات لازمة سياسيا و عسكريا . و نعتقد ان عملية استئصال داعش تصاحب عملية ترتيب اوراق المنطقة و رسم استراتيجية جديدة ان وافقت الجهات جميعا و اتفقوا على البدلاء المطروحين لكل قضية و خصوصية ، و عدا العراق فان سوريا و لبنان و اقليم كوردستان على ملف ما يجب ان يُبحث على انفراد مع بحث المنطقة بشكل عام ، و هذا ما يحتاج وقت اكثر و اوباما معروف بتانيه و برودة اعصابه و سياساته و تعاملاته، فلننتظر.[1]