منطقتنا و الحرب الباردة على الطريق
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4563 - #03-09-2014# - 15:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
اختلطت الاوراق كثيرا في هذه المنطقة، بعد تخصيب الارضية لمجيء التنظيمات المتطرفة و الارهابية و افضعها داعش اليها، نتيجة الصراع الدائر بعد الثورات العربية المختلفة الاشكال و الالوان و النتائج، لحد ما وصلت الى باب سوريا و دخلت و واجهت اعاقة محورية و دولية، فانها تلقت بغير ما سارت عليه من قبل منذ اندلاعها في تونس . فهي الثورة الوحيدة في المنطقة العربية الاسيوية و في قلب الشرق الاوسط و ما تتسم به من الاهمية الاستراتيجية العالمية من جهة و اختلاف تركيبة الشعوب فيها من جهة اخرى، اضافة الى الصراعات الدول الاقليمية الموجودة و المتداخلة و خصوصا بين المحورين السني و الشيعي التي برزت بعد تحرير العراق بشكل اكبر و اوضح .
عندما تنفست ايران الصعداء عند ازالة الد اعدائها الدكتاتور العراقي، اصبحت نتائج المعادلات لصالحها و مدت يدها لحد التطاول على الاخرين بسهولة و سلام دون ان تدفع ثمن ما، بعدما كانت تنويها منذ ثورتها بالقوة في بداياتها و دفعت جراء ذلك الكثير، اي واجهت سدود و عوائق في ريق تحقيق اهدافها التوسعية بداية بواسطة الممثل لامريكا والدول الغربية وهو النظام العراقي، عادت و هي من فسحت لها المجال في تحقيق مرامها بعد ازاحة من نفذ لها اوامرها، اي العراق الدكتاتوري الذي حارب ثمان سنوات كبديل و راح ضحيتها الملايين من البشر و الامكانيات المادية و ساعدته في ذلك امريكا واعداد كبيرة من الدول خوفا من نشر الثورة الاسلامية، عادت امريكا و سلمت المنطقة الى ايران على طبق من ذهب و اصبحت ايران هي القوة العظمى الاقليمية في المنطقة التي اصبحت لها الكلمة، و هي من منعت سقوط حليفتها سوريا و دخلت الى الخط روسيا التي هي اقرب اصدقاء و حليف لايران، بعدما انتعش اقتصادها في الفترة الاخيرة . اي حققت ايران احد اهدافها و حققها لها من وقف بوجهها من قبل، اولا، و من ثم دفعت ايران الى التحالف مع روسيا و خلطتا لاوراق على الجميع بالتمحور السني الشيعي و الصراعات القائمة على تلك الاسس التي بنيت عليها حال المنطقة لحد الان، ثانيا .
بعدما خفتت حرب جيجان و خرجت منها روسيا بسلام تقريبا، و من ثم انتصرت الى حد كبير في مشكلة جزيرة قرم، برزت حرب اوكرانياو هنا عدا امريكا تدخل الاتحاد الاوربي كطرف اخر الى جانب امريكا للتعامل مع الحدث و بشكل اكثر جدية، و عليه نرى روسيا مترددة في اتخاذ ما يفيدها و ربما تعلم بانها تتضرر و تعيد بنفسها الى الوراء كثيرا ان اجتمعت الدول الكبرى المؤثرة على المنطقة، فانها تخطو ببطء و لكنها لم تتنازل عن اهدافها لحد الان، رغم العقوبات الاوربية المفروضة عليها .
من خضم هذه الحروب و الصراعات و المشاكل و الحوادث التي تظهر هنا و هناك و ما موجود في منطقة الشرق الاوسط، نرى انبثاق تحالفات تكتيكية من جهة بعد تجسيد تحالفات استراتيجية بين عدد معلوم من الدول كالروسيا و ايران و سوريا و الدول المؤيدة لروسيا كخلف صالح للاتحاد السوفيتي عالميا . اي هناك مؤشرات في البعد على احتمال انبثاق تحالف دولي جديد على غرار ما كان بين المعسكرين الاشتراكي و الراسمالي و اليوم بين التحالف الروسي و من لف لفها و التحالف الامريكي و من يتبعها .
اي، اننا نعيش في خضم تفاعلات عديدة و في مخاض قوي و معقد سينبثق عنه تحالفان عالميان متضادان على غرار الحرب الباردة و خلفية سياسية و ايديولوجية و ليس فكرية فلسفية كما ادعت ذلك الحرب الباردة من قبل .
روسيا و من يرى انه يجب ان يكون في صفحتها و ان لم يوافقها كثيرا بل لكونه ضد ما تريده و تفرضه امريكا في المنطقة وا لعالم، اي يمكن ان نعتقد بان هناك حرب باردة جديدة مبنية على اسس جديدة بمضامين و ادعاءات سياسية براغماتية و من اجل ضمان مصالح انية اكثر من الاهداف الاستراتيجية التي كانت مبنية عليها الحرب الباردة السابقة .
و ما نعيشه اليوم في منطقتنا و هي في مرحلة متنقلة تماما شكلا و مضمونا، الى ان تستقر على حال و نرى كيف تميل الكفة نحو الشرق ام الغرب و اكثر الاعتقاد هو ان تكون تابعا للغرب مع الحياد في عدد منها في اتخاذ الموقف من الشرق و ما يكون عليه، اي انقسام المحور السني الشيعي على التحالفين العالميين مما يزيد المنطقة من لهيب الحروب المتعددة و النسبة العالية من الصراعات المختلفة . فالوضع متمايل و قابل للوقوع و الخراب و و متارجح يمينا و يسارا الى ان يستقر على حال بعد ان تضع الحروب اوارها و يبدا الصراع العالمي الحقيقي في المنطقة . و صراع الحلفاء العالميين سيشتد و يتمخض منه تحالفان يمكن ان يصلا للحرب الباردة بينهما.[1]