تغيير اليات حكم البلدان في المنطقة
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4556 - #27-08-2014# - 17:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
اننا لم نعد نقبل بالراي الذي يعبر على ان المنطقة ستبقى على ما هي عليه من حيث نظام الحكم و الجغرافيا لمدة طويلة اخرى، و ما سيتحضر له عالميا و بالتوافق و التعاون مع المحاور و بلدان المنطقة يستبطن خططا و نوايا و حلول جذرية و استراتيجية و عمليات استخباراتية، و من ثم تنفيذ ما يمكن ان تكون فيه المنطقة مغايرة و ما تثبت من اليات حكم جديدة لكل بلد فيها مع التغييرات في المحاور، ان بقى كل بلد على حاله ، اي على جغرافيته و خريطته، وهذا كاحتمال بعيد، فكل التوقعات تشير الى انه لا يمكن الرهان على بقاء المنطقة على شاكلتها الحالية لمدة طويلة .
عندما اجتاح داعش هذه المساحة الشاسعة، اثر بشكل كبير على طبيعة الحكم التي تسود في المنطقةو على المحاور و النظرات، اي هج المياه الراكدة، و اختلط الثابت و المتحرك، و تغيرت المعادلات و تداخلت مع بعضها كما يعلم المتابعون . اول التغييرات بدات من ازاحة المالكي من الحكومة بسهولة و كان هذا من ايجابيات مجيء داعش لحد الان، غيرت ايران من سياستها و ساعدت على مواجهة داعش و رده بشكل مباشر و غير متوقع، لما افادها داعش من انقاذ النظام السوري من السقوط بعد اضعاف المقاومة السورية المعتدلة و تراجع الداعمين بسبب ما تغير على الارض .
عندما اقترج جو بايدن النظام الفدرالي في العراق على اساس الواقع الموجود على الارض العراقي و من خبرته و حنكته السياسية، لقي اعتراضا داخليا في بلاده و من المنطقة و من الداخل العراقي ايضا و حتى الان، لم يكن الاعتراض الداخلي عقلانيا و كل من عارض استند على الفكر و العقيدة البالية التي لم يزكيه الواقع و العصر الجديد و ما انتجته التغييرات المتلاحقة في المنطقة بشكل عام بعد سقوط النظام العراقي السابق .
في عهد اوباما، كان الحذر و التخوف من التدخل الخارجي نتيجة عقدة فشل جورج بوش في العراق واضحة للعيان، بحيث لم يتجرا الرجل الاول في العالم من بيان مواقفه الا بعد تفكير و تمحيص و تاني مبالغ فيه و غير مسبوق حتى في ظل حكم الديموقراطيين سابقا . اليوم بعدما تاكدت امريكا ان لهيب النار ستصل لمواقع استراتيجية اقتصادية مهمة لها و ربما تصل الة الداخل الامريكي و الاوربي، وتعتبرها خطا احمرا، نرى ان امريكا ستحضر مجبرة لعملية واسعة سياسيا و عسكريا و هي جدية في ما تقدم عليه قريبا، نرى انها تستحضر لافعال و توافقات و عمليا ت تؤدي الى التغييرات الجذرية في المنطقة و ضد وجود داعش مستفيدا من الاجماع الدولي على ازالة هذه الخطورة المنفلقة من غير التفكير من ظروف و كيفية انبثاقه و من وراءه .
لاول مرة منذ التغييرات و ياتي داعش و يفرض تغييرا جذريا غير مسبوقا في العملية السياسية لبلدان المنطقة، بعد التشابك و التعقيد الذي يشهده العراق و سوريا على حد سواء، تاكد الجميع بان اطالة مشكلة سوريا ستزيد من تعقيد المنطقة لحال لا يمكن السيطرة عليها و تخرج من ايدي الطوال للمصلحيين الكبار .
بعدما مر اكثر من عقد على تغيير النظام العراقي و لم ينتقل الوضع الى مرحلة اخرى، لا بل ازداد سوءا و تخلفا، نتيجة الاختلافات الجوهرية في نظرة المكونات و بروز ما كان خافتا و خافيا بالقوة الغشيمة دون استرضاء منقبل المكونات الحاملين الاختلافات وا لخلافات الاجتماعية العقيدية و العرقية، فرض الحل السياسي الجذري نفسه متوازيا مع الحل العسكري، و لكن ازاحة داعش ليست بسهولة التي يمكن ان تنجح في استئصاله في العراق فقط، مما يفرض هذا التوقع بان الحل الملائم للقضية السورية سيفرض نفسه ايضا، لما فيه داعش من قوة و مركز في سوريا قبل العراق و هو من مسح الحدود منذ اتفاقية سايكس بيكو. بعد التوافق المتعدد الجوانب بين المحاور كافة لازاحة المالكي، اليوم اقتربت التوجهات نحو ايجاد الحل الملائم لقضية سوريا، و هذا ما ينكب عليه الملمين و الحكومات و المخابرات و المخازن الفكرية و الحكومات للقوى الكبرى قبل غيرها .
ليس من المعقول ان تصر على التغيير دون ان تفكر في النتيجة لاي خطوة تقدم عليها سياسيا عسكريا . النظام السوري يرى ان الفرصة سانحة للعودة الى المجتمع الدولي عن هذا الطريق و من المغازلة و الممازحة، لذلك عرض كل امكانياته للمساعدة على محاربة داعش لا بل بادر الى ضرب مواقع له كحسن نية لما يهم رضى القوى الكبرى، الا ان الاجماع على ان بقاء النظام السوري و بشار الاسد لا يدع تغييرا جذريا مطلوبا في الية حكم البلدان في المنطقة ان تسود،و لهذا غير وارد، و ستذهب كل الجهود سدى لبناء عصر جديد و نظام و خارطة جديدة للمنطقة ان لم تكن ازاحته من الاولويات . و عليه برز توجهان، ان يكون الحل من سوريا بدعم الجيش الحر او النظام، فالاغلبية على راي بان النظام سيعقد الامر و لا يمكن ان يُعاد على ما كان عليه، و الطريق الوحيد لتهميشه و ازاحته بالتوافق بين المحاور، كما حصل للمالكي و عهده . و لكن هذا يحتاج لجهود اكبر وتوافقات اكثر سعة بين الاطراف الكثيرة المتدخلة في شؤون سوريا شرقا و غربا .
ومن محصلة ما يجري و ما ينويه المهتمون نلقف افقا مضيئا بان الية حكم البلدان في المنطقة يجب ان تتغيرفي المستقبل القريب و تتاثر به الشعوب و يمكن ان تعبر المنطقة شاملة نحو الضفة الاخرى لما برزت من المعضلات و العوائق السياسية منذ عقد و تهيجت بها طبيعة و اشكال الحكم السائد في بلدان المنطقة.[1]