القوموية بين ثنائية المعضلة والانهيار الحتمي
آلدار خليل – ساهم الخيار القوموي في التعاطي مع المعضلة التي عانت منها ولا تزال شعوب المنطقة في إحداث جملة من التداخلات التي أدت وبشكل مباشر منذ البداية إلى حالة صراع راح ضحيته الآلاف من الأبرياء ما بين النفي والفقدان وبين الحالة النفسية التي رافقت الشعوب بسبب الخوف من الأجهزة والمؤسسات التي كانت تتبع صيغة التفضيل والفرض كأسلوب رئيس لتعيين الطابع القوموي وإقناع الناس بمفرزاته والتي منها الإيمان المطلق بأن اللون والطابع والحزب والملة والجهاز الواحد هو الذي لا بديل له وهو الذي يجب أن يدوم دون تحديد أسباب البقاء، تعرض الكرد كغيرهم من الشعوب الأخرى مثل الحال بالنسبة للعرب والسريان والآشور والأرمن لإجراءات الطابع القوموي وعانوا كما عانى أمثالهم من النفي والرفض والإنكار وبخاصة في ظل التجزئة التي فرضتها القوى المهيمنة على المنطقة منذ عهد العثمانيين مروراً بسايكس بيكو حتى يومنا هذا والذي وبالرغم من التغييرات التي تشهدها المنطقة إلا أن جهود إنكار الوجود لا تزال في ذهنية أصحاب الطابع القوموي المنهار.
لقد أخطأ القائمون على إدارة الأمور في باشور كردستان عندما قاموا بانتهاج نمط حل الدولة القومية من أجل حل #القضية الكردية# والتي سببها الرئيس هو الدولة القومية بحد ذاتها، إذ حاولوا حل الداء بالداء فوقعوا في تبعات رؤيتهم الخاطئة والتي باتت مصدر تشويش على حل القضية الكردية بدلاً من أن تكون الحل ذاته، ومع الفشل في باشور تم إثبات أن الدولة القومية لم تعد حلاً بل هي معضلة بحد ذاتها وتسبب الصراعات والأمثلة كثيرة وقريبة ولكن لم يتم أخذ العبرة بالرغم من سهولة استقرائها فها هي سوريا والعراق واليمن وليبيا وتركيا أمثلة حية.
إن القضية الكردية تحتاج إلى منطق وفلسفة جديدة تتجاوز كل الحلول الكلاسيكية والأنماط المسببة للصراعات بحيث تكون الفلسفة الجديدة قادرة على احتواء الجزئيات وتفاصيلها ولا تكون عرضة للانهيار أو الفورة الشعبية، لذا لابد من أن تكون ملائمة للشعوب وتستجيب لحاجاتها وهذا ما يمكن إيجاده في مشروع وفلسفة الأمة الديمقراطية، المشروع الذي يبحث عن النهوض بالدور الكردي وينقذ معه كل الشعوب التي طالتها يد المركزية الفردية والقوموية البدائية والحديثة، لذا لابد من تكثيف الجهود الكردية – الكردية في سبيل احتواء الممارسات التي تريد النيل من الشعب الكردي حيث أنَّه وبالرغم من انهيار حدود سايكس – بيكو إلا أننا وفي الواقع الكردي تجرنا بعض القوى إلى العيش وكأنه موجود.
إن الانتصارات التي حققها شعبنا الكردي وحجم الحل الذي يحمله؛ يؤهله لأن يقود جملة التحولات في المنطقة، وهنا لابد من التعاون في سبيل تطوير الواقع والحالة الكردية ولابد من الأخذ بعين الأهمية الوضع الذي آل إليه #جنوب كردستان# بعد الفشل في الرؤية والسياسية التي اتبعها السيد مسعود البارزاني وأدى ذلك إلى التحوير في الحالة الكردية هناك بحيث من الحاجة إلى الحل باتت في صراع على الوجود.
نرى أننا في روج آفا كردستان نحقق خطوات مهمة على صعيد صياغة الحلول الديمقراطية والمنطقية في ظل إيماننا بحق الشعوب في التحرر وضرورة العيش ضمن إطار مجتمعي يضمن حقوق وحرية كل الشعوب، وإننا نرى صوابية نهجنا من خلال مشروع الأمة الديمقراطية ومدى ضرورته في مستقبل المنطقة، لذا تعميم هذا المشروع ليس بحاجة لاعتماده فقط في أجزاء كردستان وإنما حتى في المنطقة بشكل عام وهو سيكون الخيار الأفضل في المدى القريب لكل الحلول الناجمة عن القوموية والسلطوية، فلابد من تطوير واقع الحال في عموم أجزاء كردستان كما يمكن لباشور كردستان على وجه الضرورة الاستفادة من مشروع ورؤية واستراتيجية #غرب كردستان# في التعاطي مع الحالة الكردية هناك من خلال الانفتاح على القوى المهمة والبدء بعملية التنظيم وإعادة هيكلة المؤسسات والاعتماد على مبدأ الدفاع والحماية الذاتية والعمل على اعتماد مشروع الأمة الديمقراطية كسبيل لتجاوز المحنة التي تسبّبت بفعل الخيار القوموي.
الدول القومية ككيان باتت اليوم على المحك بفعل جوهرها المتداخل والذي ينتهي بمختلف أنواعه على التقسيم وصيغة التفاضل ووجود فئة بمواصفات دون أخرى وإنكار وجود الشعوب، لذا أي توجه نحو طرح خيار الدولة القومية هو بمعناه إنشاء نمط قوموي مماثل للذي تعاديه شعوب المنطقة اليوم وبالتالي النتيجة الحتمية الرفض وعدم القبول كونها قائمة على بنية المعضلات التي بدوام الحال معرضة للصراع ونتائجه العينية وهي ما نشهده في المنطقة الآن. [1]